سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
صالح الخنه: بنكنا الإسلامي لم يأت إلى المغرب لمنافسة البنوك التقليدية قال ل«المساء» : المواطن العادي ورجال الأعمال سيستفيدون بشكل كبير من ولوج البنك إلى المغرب
مباشرة بعد لقائه برئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، منح محمد صالح الخنه، رئيس مجلس إدارة بيت الاستثمار الكويتي، السبق ل «المساء» للحديث عن مشروع المجموعة الخاص بتأسيس أول بنك إسلامي في المغرب، وكذا وجهة نظره في البنوك الإسلامية ومدى قدرتها على الاستجابة لحاجيات الاقتصاد الوطني والوقوف في وجه الأزمة الاقتصادية العالمية، كما تحدث عن التجربة التي خاضتها بعض البنوك التقليدية المغربية في مجال التمويلات البديلة. وتطرق محمد صالح الخنه من خلال هذا الحوار إلى العلاقات الاقتصادية المغربية الكويتية ووضعية المستثمرين الأجانب في المغرب والمشاكل التي يعيشها هؤلاء وما يجب على الحكومة المغربية توفيره لهم، وكذا المشاكل التي عاشت على إيقاعها المجموعة الكويتية «سي إم كا دي»، التي يمثل فيها محمد صالح الخنه القطاع الخاص الكويتي، خلال الفترة الأخيرة. - كنتم أول مجموعة خليجية تلتقي برئيس الحكومة عبد الإله بنكيران وتقدم له طلبا رسميا للترخيص بإنشاء أول بنك إسلامي في المغرب، لماذا هذا الاختيار؟ بطبيعة الحال، التقينا رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران يوم الاثنين الماضي من أجل تقديم طلبنا بشكل رسمي من أجل الترخيص لبيت الاستثمار الكويتي القابضة بإنشاء أول بنك إسلامي في المغرب. ولابد في هذا الإطار من الإشادة بالسيد بنكيران الذي استقبلنا بحفاوة، وقد كان اللقاء فرصة سانحة للحديث عن العلاقات الاقتصادية الكويتية المغربية وعن سبل تدعيم الروابط بين البلدين، كما أتاح لنا إمكانية استعراض مشروعنا الخاص بالبنك الإسلامي، الذي نعتقد أنه سيشكل قفزة نوعية في استثمارات الشركة بالمغرب، وسيتيح للمغاربة التعرف بشكل أكبر على إمكانيات بيت الاستثمار الكويتي القابضة وتجربتها الرائدة في هذا النوع من الاستثمارات. ولابد من الإشارة، كذلك، إلى أننا عرضنا على رئيس الحكومة إقامة شراكة مع أي مؤسسة أو بنك مغربي من أجل إنجاح هذا المشروع، كما التزمنا بالتقيد الكامل بجميع القوانين المؤطرة لنشاط البنوك الإسلامية في المغرب، والتي من المنتظر أن يتضمنها القانون البنكي الجديد الذي سيتم الإعلان عن تفاصيله قريبا. وقد وعدنا عبد الإله بنكيران بدراسة طلبنا الخاص بتأسيس أول بنك إسلامي في المغرب، خاصة أننا كنا قد راسلنا الحكومة المغربية في هذا الإطار منذ عدة سنوات، وقد اقترحنا كذلك على رئيس الحكومة أن ننخرط في الاجتماعات الخاصة بإعداد القانون البنكي الجديد، خاصة في الشق المتعلق بالبنوك الإسلامية، انطلاقا من الخبرة التي راكمناها في هذا المجال. - ما هي الاستفادة التي يمكن أن يجنيها المواطن العادي ورجال الأعمال من البنك الذي تودون إنشاءه في المغرب؟ فوائد البنوك الإسلامية لا تعد ولا تحصى مقارنة بالأنظمة البنكية التقليدية، فتطبيق الشريعة الإسلامية في مجال المعاملات الاقتصادية وتحقيق هذا الهدف هو أحد الأهداف الأساسية التي قامت من أجلها البنوك الإسلامية. كما أن المساهمة في التنمية الاقتصادية للمجتمعات الإسلامية عن طريق دفع عجلة الاقتصاد تعتبر أمرا أساسيا بلا شك بالنسبة للبنك الإسلامي، خاصة أننا نعتبر أنفسنا جزءا من هذه المجتمعات، ونرى أن علينا واجبا في المساهمة في تنميتها ودفع عجلة التقدم فيها. هذا بالإضافة إلى أن المساهمة في التنمية الاجتماعية للمجتمعات الإسلامية، ومن النظرة الشاملة للمجتمع التي تبناها الإسلام، تحتم على البنك الإسلامي ألا ينصرف إلى الأنشطة الاقتصادية فقط دون محاولة المساهمة في تقديم خدمات للمجتمع للتخفيف من معاناة أفراده وحل مشاكلهم. وبالتالي يمكن القول إجمالا إن المواطن العادي ورجال الأعمال والمقاولات سيستفيدون بشكل كبير من البنك الإسلامي التابع لمجموعة بيت الاستثمار الكويتي القابضة، كل حسب وضعه وإمكانياته. - لكن هل تعتقدون أن البنوك التقليدية المغربية ستبقى مكتوفة الأيدي أمام المنافسة التي ستشكلها البنوك الإسلامية؟ أولا، لابد من الإشارة هنا إلى أننا لم نأت إلى المغرب لمنافسة البنوك التقليدية، بل جئنا من أجل سد فراغ يعاني منه المغرب في هذا النوع من البنوك، وبالتالي فنحن نستهدف بالأساس شريحة من المواطنين ورجال الأعمال والمقاولات الذين يرفضون التعامل مع البنوك التقليدية التي تعتمد نظام الفائدة، أي أن نسبة مهمة من زبنائنا ستكون من بين الذين لا يتعاملون نهائيا مع البنوك انطلاقا من الوازع الديني الذي يحرم الربا، وهذا لا يعني أننا لن ننفتح على باقي شرائح الزبناء. وعموما فإننا لن نكون منافسين للبنوك التقليدية للمغرب، بل مكملين لها، كما أعتقد أن خلق منافسة في المجال البنكي سيساهم في تحسين الخدمات والأداء المصرفي عموما بشكل يصب في مصلحة البلد. - في ظل غياب البنوك الإسلامية، طرحت بعض البنوك المغربية منتوجات بديلة تستجيب لحاجيات بعض الزبناء الذين يرفضون التعامل بمبدأ الفائدة، غير أن هذه المنتوجات لم تنجح، لماذا في نظركم؟ كما قلتم هي ليست تمويلات إسلامية، وذلك باعتراف من بنك المغرب، فهي منتوجات بديلة فقط، وسميت بديلة لكي تكون بديلة للبنوك الإسلامية. ومن الضروري التأكيد هنا على أن فشل هذه المنتوجات يتعلق أساسا بعدم توفير الشروط لإنجاح التمويلات الإسلامية التي عرفت تطورا ونجاحا في إطار مؤسسات مالية متخصصة وخاضعة لمقتضيات الشريعة في كافة مجالات عملها وفي كل بلدان العالم، وليس فقط بفتح شبابيك في إطار بنك تقليدي يجمع بين نظام المالية الإسلامية والنظام المالي التقليدي كما هو الحال بالنسبة إلى المغرب. - يرى العديدون أن البنوك الإسلامية تعتبر السبيل الوحيد لتخفيف تداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاديات، في نظركم هل بالفعل استطاعت هذه البنوك الوقوف في وجه الأزمة؟ بطبيعة الحال، فالحصانة التي تمتعت بها البنوك الإسلامية في مواجهة الأزمة العالمية تعود لمنهجها الذي يبتعد عن مشاريع الإقراض بالفائدة، الذي يشكل حوالي 90 في المائة من معاملات البنوك غير الإسلامية. واعتماد البنوك الإسلامية منهج تحريم بيع الدين بالدين وشراء الديون وعدم تورطها في مضاربات البورصة وتحريم الربا والحذر من الدخول في مشروعات معرضة لمشاكل مالية، ساعد البنوك الإسلامية في الحفاظ على أصولها وسيولتها رغم الخسائر الطفيفة التي ألمت بها، والناتجة عن معاملاتها مع بعض البنوك التقليدية. وخير دليل على الصحة الجيدة للبنوك الإسلامية على مستوى العالم هو ودائعها التي تقدر بالمليارات ونتائجها المالية التي تكشف عن مكاسب سنوية ضخمة. وعلى العموم، فالأزمة العالمية الراهنة كشفت النقاب عن أن البنوك الإسلامية باتت البديل الوحيد للنظام المالي العالمي. - قلتم إن البنك الإسلامي الذي تنوون إنشاءه في المغرب سيشكل قفزة في العلاقات الاقتصادية بين المغرب والكويت والخليج العربي، ما تقييمكم إذن لهذه العلاقات؟ العلاقات المغربية الكويتية تشهد منذ سنوات مسارا إيجابيا في تطورها ويمكن وصف هذه العلاقات بأنها تاريخية ومتواصلة، وتركيز الاستثمارات الكويتية لرؤوس أموال ضخمة في المغرب يعود إلى إمكانيات النجاح الهائلة لهذه الاستثمارات، إضافة إلى أن الاقتصاد المغربي لم يتضرر كثيرا جراء الأزمة المالية العالمية، كما أن الاستثمارات الكويتية تحظى بتشجيع ودعم مغربي رسمي كبير خصوصا في ظل تطابق وجهات نظر البلدين في مختلف القضايا، غير أنه لابد من الإشارة إلى بعض الاختلالات البسيطة التي يعاني منها المستثمرون الكويتيون في المغرب، والتي أخشى أن تؤثر على مستوى الاستثمارات الأجنبية عموما في المغرب إذا لم تتم معالجتها. - ما هي هذه الاختلالات؟ حسب المعطيات الرسمية التي تعلن عنها الحكومة المغربية، فإن وتيرة الاستثمارات الأجنبية بالمغرب شهدت تراجعا ملموسا في الآونة الأخيرة، وهذا يعزى بالأساس إلى مجموعة من العراقيل التي يواجهها المستثمرون الأجانب بالمغرب ولاسيما على مستوى غياب الخطاب الموحد للإدارة مع المستثمرين، إلى جانب التباطؤ والتعقيدات الإدارية، فضلا عن كثرة المتدخلين في العملية الاستثمارية والتي تؤدي إلى مجموعة من المشاكل، وفي مقدمتها مشاكل التراخيص الإدارية وغياب البنيات التحتية لإقامة المشاريع، خاصة المناطق الصناعية. هذا إلى جانب المضاربات العقارية التي تعرفها عمليات بيع الأراضي لإقامة المشاريع، ناهيك عن اصطدام المستثمرين الأجانب بضعف بنيات الاستقبال الأساسية وفي مقدمتها وضعية المطارات والموانئ ووسائل التنقل، التي تتطلب انتباها كبيرا من الحكومة وجميع القائمين عليها لكونها من المؤشرات القوية والمؤثرة في اتخاذ القرار الاستثماري بالمغرب. وإجمالا أقول إن المستثمر الأجنبي يجب أن يحس بأنه مرحب به على جميع المستويات، ولابد للحكومة المغربية أن تعمل بمنطق «السجادة الحمراء» لاستقطاب الاستثمارات الكفيلة بدفع عجلة الاقتصاد. كما يتعين على الحكومة تسطير استراتيجيات واضحة المعالم وفق مقاربة تنافسية وتشاركية بين جميع المتدخلين في العملية الاستثمارية وأن تقوم بشكل دوري بتقييم حصيلة مناخ الاستثمار بالمغرب للوقوف على مواطن الخلل وتداركها قبل فوات الأوان. - هناك لجنة خاصة بالاستثمارات الأجنبية تابعة للحكومة تعمل على دعم الاستثمارات الخليجية بالمغرب، وقد قامت بعدة زيارات إلى مجموعة من البلدان العربية، ومن بينها الكويت، من أجل الترويج للفرص الاستثمارية التي يوفرها المغرب، ما رأيكم في عمل هذه اللجنة؟ كما قلت سابقا، استقطاب المغرب للاستثمارات الأجنبية، وخاصة الكويتية، لن يتم إلا من خلال «السجادة الحمراء»، التي تجعل المستثمر الأجنبي يحس بأنه مرحب به على جميع المستويات، انطلاقا من المطارات والموانئ، ومرورا بالإدارات المانحة للرخص، وانتهاء بالمناخ المناسب لتسويق المنتوج النهائي. فهي إذن حلقة متكاملة يجب على الدولة الاهتمام بها بشكل كبير لأنها الدعامة الرئيسية لجلب الاستثمارات. أما فيما يخص الزيارات التي تقوم بها الوفود الرسمية للترويج للفرص الاستثمارية بالمغرب، فأعتقد أنها بشكلها الحالي مضيعة للوقت والمال، لأنها تعتمد على الشق الاحتفالي المرتكز على حفلات الغذاء والعشاء وتزجية الوقت، وتهمل الأهداف الرئيسية لتلك الزيارات، والتي يجب أن تقوم على تقديم ملفات لمشاريع متكاملة وواضحة وذات جدوى اقتصادية يمكن أن تغري رجال الأعمال الكويتيين. - علمنا في «المساء» بوجود مشاكل بين القطاع الخاص وقطاع الدولة في مجلس إدارة مجموعة «سي إم كا دي» التي تعتبرون أحد المساهمين فيها، هل تم حل هذه المشاكل؟ لا لم يتم إلى الآن حل أي مشكل من المشاكل العالقة في «سي إم كا دي»، واستكمالا للحديث عن العراقيل التي تهدد الاستثمارات الأجنبية، أعتقد أن فشل القائمين على هذه الاستثمارات هو جزء كذلك من المشاكل، فقد كنا صراحة نتساءل عن سبب فشل إدارة مجموعة «سي إم كا دي» على الرغم من إمكانياتها الهائلة، إضافة إلى ربحية القطاعات التي تشتغل فيها، وبعد اطلاعنا على تصريحات مدير المجموعة تبينت لنا الأسباب، فالأخير يستهين بحجم خسارة الشركة الذي تجاوز 88 مليون درهم، على أساس أنه يمثل نسبة ضعيفة مقارنة بأصول الشركة، في الوقت الذي كان فيه من الأجدر استغلال تلك الأصول لتعظيم الأرباح، كما أن مدير المجموعة لم ينتبه إلى حجم القروض والالتزامات التي تثقل كاهل الشركة، والذي تجاوز حاجز المليار درهم. بالإضافة إلى ذلك فإدارة شركة «سي إم كا دي» تعتمد منطق «لدي أموال كثيرة فلا مانع من الخسارة» طالما أن هناك أموالا تغطيها، وذلك في إشارة إلى صندوق «أجيال»، والسؤال الأول المطروح هنا هو ماذا ستفعل الشركة بعد استنفاد أصولها، أما السؤال الثاني فهو ما هو مستقبل صندوق «أجيال» في ظل تحمله خسائر الآخرين. ولابد من الإشارة كذلك إلى أن حديث مدير «سي إم كا دي» حول أن المجموعة هي جزء من «أجيال» هو خاطئ ومخالف للواقع، فالمجموعة مملوكة لعدد من المساهمين من ضمنهم الهيئة العامة للاستثمار التابعة لدولة الكويت المالكة لصندوق «أجيال»، وقد اختلطت الأمور بعد أن دأبت إدارة «سي إم كا دي» على خلط الأوراق والمصالح لفائدة مساهم بعينه دون وضع اعتبار لباقي المساهمين، وهو أمر في غاية الخطورة. أما فيما يخص رده على قضية الخمور والمراقص في فنادق الشركة، فهو يؤكد أنه غير متابع أو مطلع على مجريات الأمور، وهو ما تسبب في الخسائر الفادحة التي تكبدتها المجموعة، فكما يعلم الجميع قدم القطاع الخاص أثناء وجوده بمجلس الإدارة عددا كبيرا من المراسلات من أجل منع الخمور والمراقص، كما عبر عن عدة تحفظات تجاه عدد من الأمور المتعلقة بطريقة إدارة الشركة، وذلك إلى غاية نهاية ولايته القانونية وليس عدم انتخابه كما أشار إلى ذلك مدير «سي إم كا دي». والمثير هنا هو أن عدم الأخذ بالاقتراحات التي تقدمنا بها كان السبب المباشر في الخسائر التي تكبدتها المجموعة. ومن جهة أخرى، لابد من الإشارة إلى أن مجموعة «سي إم كا دي» لم توزع أرباحا في تاريخها إلا في السنوات التي كنت فيها عضوا بمجلس الإدارة، وهذا يعكس حرصي الدائم على تحقيق أفضل النتائج لمصلحة الشركة والمساهمين والمغرب عموما. وهنا لابد من التأكيد على مسألة مهمة وهي أن نجاح الاستثمارات الأجنبية في المغرب رهين باختيار الإدارات الجيدة ذات الكفاءة والمصداقية، لأن الاعتماد على الإدارات الفاشلة، من شأنه تكرار تجربة الإخفاق الذي جنته «سي إم كا دي».