اندلع جدل جديد داخل أروقة حزب الاستقلال حول شرعية استمرار عباس الفاسي في قيادة الحزب، بعد انتهاء أشغال المؤتمر السادس عشر، الذي نُظِّم مؤخرا في الرباط. وقد احتدّ هذا الجدل، بعد أن طالب أعضاء من داخل الحزب بضرورة استقالة الأمين العام للحزب، ومعه اللجنة التنفيذية، من تسيير شؤونه نظرا إلى وجود فصل في القانون الداخلي للحزب يقضي بانتهاء صلاحية الأجهزة التقريرية للحزب بعد انتهاء أشغال المؤتمر الوطني، فيما ذكر قيادي استقلالي أن المخول حاليا لتسيير الحزب هو مجلس الرئاسة عندما تظهر مثل هذه المشاكل التنظيمية والإديولوجية.
ويستند المطالبون ب«رحيل» عباس الفاسي عن منصب الأمانة العامة إلى مادة في القانون الداخلي تنتهي بموجبها مهامه على رأس الحزب، فيما تتحدث مصادر أخرى عن أن «هذه الدعوات ليست إلا مطية لتصفية الحسابات بين التيارات المتصارعة داخل حزب الاستقلال»، مبرزة أن المطالبة بإنهاء مهام اللجنة التنفيذية هي محاولة للي ذراع التيار المحسوب على عباس الفاسي، لأن استمراره على رأس الحزب ما يزال يُحدث تأثيرا على أعضاء الحزب، خاصة أعضاء المجلس الوطني، الذين من المقرر أن يحسموا، في الأسابيع القليلة المقبلة، في هوية أمينهم العام الجديد.
في المنحى ذاته، أشارت مصادرنا إلى وجود صراع كبير بين مجلس الرئاسة وعباس الفاسي، لاسيما بين محمد الدويري وامحمد بوستة، من جهة، وعباس الفاسي، من جهة أخرى، الشيء الذي يصعّب من مهمة نقل صلاحيات تسيير الحزب إليه في الفترة التي تسبق انعقاد أشغال المجلس الوطني، الذي سيقرر في اسم الأمين العام الجديد لحزب الاستقلال.
في هذا السياق، نفى محمد الأنصاري، رئيس المؤتمر السادس عشر لحزب الاستقلال، أن يكون القانون الداخلي للحزب ينص على انتهاء مهام القيادة القديمة في تسيير شؤون الحزب، معتبرا أن المادة 110 من القانون الداخلي تؤكد، بشكل صريح، على استمرار القيادة الجديدة على رأس الحزب إلى حين انتهاء أشغال المؤتمر. وأكد الأنصاري، في تصريح ل»المساء»، أن «القانون يمنح القيادة القديمة مدة ثلاثة أشهر للحسم في أمر القيادة الجديدة، وما تزال أشغال المؤتمر، استنادا إلى القانون، مفتوحة إلى حدود الآن، فمدة ثلاثة أشهر لم يتم استكمالها بعدُ وبالتالي فإن وجود عباس على رأس الحزب هو أمر قانوني».
من جهة أخرى، علمت «المساء»، من مصادر مُطّلعة، أن كل المجهودات التي بذلها كثيرون من أعضاء الحزب في سبيل إيجاد حل «توافقي» بين المرشحين لمنصب الأمانة العامة باءت بالفشل، بسبب تشبث المرشحين بشروطهما، فيما تحدثت مصادر أخرى عن وجود نية للاتجاه نحو حكماء الحزب لحل «البلوكاج» الذي دخل فيه الحزب. وأكدت المصادر ذاتها أن أشغال المجلس الوطني ستعقد بعد أكثر من شهرين، نظرا إلى وجود نقط خلاف حادة بين التيارين المتصارعين في الحزب.