اطّلعنا على تفاصيل الدورية الصارمة الضابطة لعمليات البناء إلى جوار القصور والإقامات الملكية. الآن، ننزل إلى الميدان، لنكتشف أسباب استصدار هذه الدورية. في هذا الجزء من الملف، نكشف عن عمليات بناء قرب قصور وإقامات كانت سبب خروج قانون صارم يضبط شروط مجاورة الملك. نميط اللثام، أيضا، عن عمليات بناء تمت في محيط قصور وإقامات ملكية تحوم حولها شبهات تجاوزات. كل ذلك من خلال صور رسمية ملتقَطة بواسطة الأقمار الاصطناعية حصلنا عليها وعبر معطيات دقيقة وافتنا بها مصادر مطلعة.لعنة بناء تجزئات قرب قصر أكادير مستمرة لم تكد نيران قضية هدم تجزئة سكنية أقيمت قرب قصر مراكش تخبو حتى اندلعت نيران قضية أخرى في السنة ذاتها، وتحديدا يوم الجمعة، 28 أكتوبر 2005. في ذلك التاريخ، الذي صادف يوما قائظا من أيام رمضان، هُدِمت تجزئة سكنية تضم عمارات مكونة من 70 شقة، إلى جانب 70 فيلا من 115 إلى 207 أمتار مربعة، مشكلة من طابق واحد، بُنيت كلها بالقرب من القصر الملكي في منطقة «بنسرغاو» في أكادير. رغم أن مالك المشروع لم يكن سوى عمدة مدينة أكادير، طارق القباج، والذي أقام التجزئة بشراكة مع أخيه على أرض مساحتها أربعة هكتارات، موروثة عن والدهما، فإن جهات عليا أمرت بهدم البنايات بكاملها وتسويتها بالأرض، بسبب وجودها قرب القصر الملكي. لم تكن دورية 2006 قد صدرت حينها. ورغم ذلك، كانت زيارة وفد رسمي رفيع للمكان ومعاينته قربَ التجزئة السكنية من قصر «بنسرغاو» كافية للتأشير على هدم بنايات كاملة. احتج القباج على قرار هدم مشروعه السكني، الذي كلفت دراسته لوحدها ثلاثة ملايين درهم ورُصدت له ميزانية 80 مليون درهم، معتبرا أنه عمد إلى إقامة المشروع بعد استيفائه الشروط القانونية وحصوله على موافقة لجنة عليا كان ضمنها والي الجهة والعمدة، وهو القباج نفسه، وجهات أخرى، فضلا على ممثل للكتابة الخاصة للملك. عجّل الملف بتقديم مدير الوكالة الحضرية لأكادير، حينها، سيف الدين الفاسي الفهري، استقالته، وأزم العلاقة بين القباج والقصر حتى اليوم.. اليوم تقف «المساء» على تفاصيل أخرى كشفت عنها الصور المُلتقطَة بواسطة الأقمار الاصطناعية، التي حصلت عليها «المساء». تكشف هذه الصور بناء أحياء سكنية، مُشكَّلة من عدة طوابق، بالقرب من القصر الملكي.
كيف كشف ملك إسبانيا عمارات تطل على قصر مراكش؟ قبل أيام، وردت أنباء بشأن إعادة الفرقة الوطنية للشرطة القضائية فتح ملف بناء عمارات من ثلاثة طوابق بالقرب من القصر الملكي «الجنان الكبير» في مراكش. تحدثت الأنباء عن استدعاء المهندس المعماري السابق لمقاطعة «النخيل» لاستئناف التحقيقات، التي كانت قد انطلقت في مطلع سنة 2005، والتي قادت إلى الإطاحة بعامل عمالة سيدي يوسف بن علي وبمدير الوكالة الحضرية في مراكش سابقا. تفجرت هذه القضية، التي كانت سببا في التعجيل بإصدار دورية خاصة تحكم، بشكل مشدد، ضوابط البناء قرب القصور والإقامات الملكية وتحدد حدود النفوذ الترابي للقصور، في 17 يناير 2005، عندما حل الملك الإسباني خوان كارلوس، رفقة زوجته، بالقصر في زيارة خاصة. جال الملك الإسباني بعينيه في أرجاء القصر ليرمق عمارات سكنية من أربعة طوابق تطل على القصر وتكشف معالمه.. على الفور، تحركت الهواتف، واستدعى والي مراكش آنذاك صاحبَي المشروع السكني، والمسمى تجزئة «نور النخيل». كان المشروع عبارة عن تجزئة سكنية فاخرة في تراب مقاطعة النخيل، اقتناه مالكا المشروع سنة 2001. بناء على تصميم تهيئة خرج إلى الوجود في سنة 2000، سمح ببناء عمارات مكونة من طابق سفلي وثلاثة طوابق، حصل صاحبا المشروع على ترخيص بإقامة تجزئة سكنية. وبعد الحصول على الترخيص، تم بناء تسع عمارات سكنية، تضم شققا فاخرة، مجهزة بشكل كامل. باشر مالكا المشروع، مباشرة هدم ست عمارات تطل طوابقها العليا، التي تضم ما مجموعه 16 شقة، على القصر الملكي «الجنان الكبير». فُتح تحقيق أعقبه إعفاء مدير الوكالة الحضرية في مراكش حينها وعامل عمالة سيدي يوسف بن علي، كما تم الاستماع إلى رئيس مقاطعة «النخيل» حينها وإلى المهندس المعماري. أعدت الشرطة القضائية تقريرا مكونا من 400 صفحة. وبناء على التحقيق، تقدم محمد الطيب الناصري، محامي القصر الملكي (الذي توفي قبل أيام)، في أكتوبر 2007، بشكاية لدى محكمة الاستئناف في مراكش، ليتم، سنوات بعد ذلك، تحريك الملف من جديد.
مدرسة ومطعم تظهر من سطحهما الإقامة الملكية في دار بوعزة في العشرة أيام الأخيرة من الشهر الماضي، ظهرت الإقامة الملكية في دار بوعزة (ضواحي الدارالبيضاء) إلى واجهة الأحداث، بعدما ظل هذا المكان غير معروف للعموم بشكل كبير. الحدث هو تسلل شخص إلى داخل الإقامة الملكية المتاخمة لشاطئ البحر.. أثارت عملية التسلل هذه حالة استنفار وأدت إلى تغيير القيادة الجهوية للدرك الملكي في الدارالبيضاء وإلى تنزيل قرارات عقابية في حق مسؤولين عن أمن الإقامة. هذه الإقامة، هي الثالثة التي يرتادها الملك محمد السادس، عندما يحل بالدارالبيضاء، بعدي قصر «الحبوس» وإقامة آنفا العليا. إقامة دار بوعزة خاصة بالنزهة فقط، تم بناؤها في التسعينيات. حراستها مكفولة لأمن القصور والإقامات الملكية والدرك الملكي. يجعلها وجودها في الحدود البحرية، وهي الأرض الوطئة، «مكشوفة»، نوعا ما، خاصة بعد ظهور بنايات عالية عند هضبة مقابلة للإقامة، وعلى بعد أقل من نصف كيلومتر، في الطرف الآخر من «طريق آزمور». البنايات، وفق ما تظهره صور الأقمار الاصطناعية، عبارة عن مطعم، مالكه دركي. أضحى المطعم مكونا من عدة طوابق، حتى صار بإمكان الناظر، من الطابق الثاني للمطعم، أن يرمق «قرمود» الإقامة الملكية في دار بوعزة. قرب الإقامة فيلا بناها مواطن أجنبي، وفوق هضبة مقابلة لها، علت بناية المدرسة الأمريكية. يمكن مرتادي المدرسة أن يكتشفوا معالم الإقامة الملكية من هذه المدرسة الواقعة فوق الهضبة. وقرب المدرسة، يظهر ملعب للتنس، تحول إلى قاعة مغطاة، بعدما عمد مالكه إلى تغطيته بالكامل، وهي مخالفة سجلها تقنيون جماعيون حلوا بالمكان، لكنْ لم يتخذ أي قرار بخصوص ذلك.
فضائح عقارية قرب قصور خليجيين كادت تفجر أزمة دبلوماسية لا تتحدث دورية 2006 عن القصور والإقامات الملكية الأجنبية في المغرب. ونقصد بالأجنبية تحديدا الخليجية المملوكة لملوك وأمراء خليجيين، صارت لهم عدة قصور وإقامات خاصة بهم في المغرب، بُنِيّ عدد كبير منها في العقدين الأخيرين. في الدارالبيضاء لوحدها يوجد قصر وإقامة ملكية خاصان بالملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز. القصر موجود في منطقة بوسكورة، أما الإقامة فهي في قلب كورنيش «عين الذياب». لولي العهد السعودي، الذي توفي في السنة الماضية، الأمير سلطان بن عبد العزيز، قصر شهير في أكادير، عبارة عن منتجع بحري فخم. أما العائلة الملكية في الإمارات العربية فتملك قصرا فاخرا في ضواحي الصخيرات، بينما يملك محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم إمارة دبي، قصرا فارها في ضاحية الرباط، مطلا على نهر أبي رقراق. في هذا القصر، وتحديدا في نهر أبي رقراق، توفي أحد الأمراء الإماراتيين قبل حوالي أربع سنوات. وللملك البحريني، حمد بن عيسى آل خليفة، أيضا قصر في أكادير، يتردد عليه باستمرار عندما يحل بالمغرب. كما أن الأمير القطري، حمد بن خليفة آل ثاني، قرر إقامة قصر فاخر في المغرب، أسوة بالملك الأردني عبد الله، الذي يملك إقامة في إفران. تحظى هذه القصور، لحساسية مالكيها، بوضع خاص. طاقمها مغاربة يعملون فيها على مدار السنة، ويُستنَفرون بشكل كبير خلال الزيارات التي يقوم بها هؤلاء الملوك والأمراء أو أقاربهم إلى المغرب. أن يصير شخص ما جارا للملوك والأمراء الخليجيين أمر صعب أيضا.. ورغم أن الدورية لا تشير إلى قصور الأجانب، فإنه تم التنسيق مع الكتابات الخاصة بهم أثناء كل عملية بناء بالقرب من قصورهم وإقاماتهم. رغم ذلك، تقع مشاكل تكاد تتحول إلى أزمات دبلوماسية. المثال هنا من قصر وإقامة الملك السعودي، عبد الله بن عبد العزيز، في الدارالبيضاء. فعلى بعد أمتار من إقامته الشهيرة في «عين الذياب»، تم الشروع في بناء مركب «آنفا بالاص». سيضم المشروع مركزا اقتصاديا وآخر تجاريا ومنطقة سياحية فيها فنادق ونوادٍ شاطئية، فضلا على إقامات سكنية فاخرة. المشروع مُشكَّل من عمارات، بعضها شاهقة. من طوابقها، يمكن الاطلاع على تفاصيل الإقامة الملكية السعودية بالكامل.. وهذا من بين أسباب تعثر المشروع أشهرا بعد انطلاقه. حدث ذلك في أواخر سنة 2009، عندما توقف مشروع بناء «آنفا بالاص» فجأة. لم تجرؤ أي جهة رسمية على توضيح حقيقة هذا التوقف، فكثرت الأحاديث.. وأشارت عمالة مقاطعات آنفا، التي يجري إنشاء المشروع في منطقة نفوذها، إلى أن أشغال إنجاز المشروع تسببت في إحداث ضوضاء اشتكى منها الجيران. ولم يكن الجيران سوى العائلة الملكية السعودية، التي اكتشف أحد أفرادها، بعد زيارته لإقامة «عين الذياب»، عملية بناء عمارة تطل مباشرة على القصر.. ورطة ما زالت أسرار رأب صدعها لم تُعرَف بعد. يزيد من تعقيد الورطة أن المشروع بُنيّ اعتمادا على رخصة استثنائية خارجة عن تصميم تهيئة المنطقة، على اعتبار أن ضوابط التعمير تحظر بناء عمارات عالية على شواطئ البحر. حدث مشابه يشهده قصر الملك السعودي في بوسكورة، في ضاحية الدارالبيضاء. القصر هو مقصد العاهل السعودي عندما يحل بالمغرب. حينها، تُعلَن حالة استنفار ويستعان بوحدات من الجيش ترابط في محيط القصر، لحمايته. على بعد ثمانية أمتار، تم الشروع في بناء تجزئة سكنية ثانية ضمن «عملية بوسكورة»، التي أطلقتها الوكالة الحضرية للدار البيضاء الكبرى في 5 أكتوبر 2010. تم إعداد تصميم هذه التجزئة وتُركت مسافة 50 مترا بينها وبين القصر السعودي، حيث ستتم إقامة مساحة خضراء خلفها فيلات وتليها إقامات مُشكَّلة من طابق أرضي وثلاثة طوابق، علما أن شروط البناء قرب الإقامات والقصور الملكية تحدد علو البنايات في ثمانية أمتار فقط.