سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجامعي: بنعيسى لم يقاض «لوجورنال» إلا بعد أن تأكد أن القصر لا يدعمنا قال إنه مازال مقتنعا بوقوع اختلالات مالية في قضية الإقامة الخاصة بالسفير المغربي بواشنطن
بوبكر الجامعي، صحافي شاب جاء إلى مهنة الصحافة من عالم المال في مرحلة حساسة جدا طبعها انتقال الحكم من الحسن الثاني إلى ابنه محمد السادس. يكشف الجامعي، الذي كان صوتا مزعجا لرجال السياسة ورجال الدولة على حد سواء، كيف أسس بنك «أوبلاين» وهو ابن 25 سنة، قبل أن يتركه ليتبع حرفة أبيه ويؤسس أسبوعية «لوجورنال» التي منعها الزعيم الاتحادي عبد الرحمان اليوسفي مرتين، بعدما نشرت حوارا مع رئيس «البوليساريو» ورسالة للفقيه البصري أظهرت اليوسفي ك«انقلابي متآمر»، ليرد على مؤسسيها قائلا: «قطعت أرجلهم لكي لا يمشوا أبعد مما قاموا به». فوق كرسي «المساء»، يفتح الجامعي علبة أسرار أسبوعيته وعلاقتها بالأمير مولاي هشام وهشام المنظري وفؤاد عالي الهمة وأزولاي وإدريس البصري وحميدو لعنيكري وسميرة سيطايل وآخرين، كما يكشف خفايا مثيرة حول ملفات أقامت الدنيا وشغلت الناس ووضعت صناع القرار في حرج حقيقي، مما اضطرهم بعدها إلى إشهار الورقة الحمراء في وجه هذه الأسبوعية المثيرة للجدل. - في سنة 2000، نشرت «لوجورنال» تحقيقا حول إقامة السفير المغربي بواشنطن، اتهمتم فيه محمد بنعيسى، وزير الخارجية آنذاك، بالتورط في تلاعبات مالية عندما كان سفيرا في أمريكا؟ التحقيق أنجزناه حول ما قام به بنعيسى عندما كان سفيرا للمغرب في واشنطن من اختلالات؛ وقد كان تحقيقا مسنودا بوثائق مهمة حصلنا عليها من أمريكا وكلفتنا كثيرا. وأذكر أن صحيفة «واشنطن بوست» خصصت لي نصف صفحة، حيث رافقني صحافي الجريدة الأمريكية ومصورها إلى المحافظة العقارية في واشنطن وأنا أبحث عن الرسوم العقارية المتعلقة بإقامة السفير المغربي في واشنطن. - كيف جاءتك فكرة هذا التحقيق؟ كنت قد ذهبت إلى واشنطن في أواخر أكتوبر 1999، لإنجاز تحقيق حول نجاعة العمل الدبلوماسي المغربي في أمريكا؛ والتقيت بمولود سعيد، ممثل البوليساريو في واشنطن، الذي لازالت لي به علاقة إلى الآن، وهو رجل طيب ودمث الخلق ويحسن التواصل. يواجه سفارة المغرب بمفرده. رافقته إلى الكونغرس الأمريكي وشاهدت كيف أن موظفي الكونغرس يعانقونه بحرارة، وهو يتفاعل معهم بتلقائية وبساطة، ثم قارنته بممثلينا الذين يتحركون بعجرفة ويتبجحون بصداقتهم للأمريكيين. - هنا راودتك فكرة إنجاز تحقيق حول إقامة السفير المغربي في واشنطن؟ عندما نشرنا ملف نجاعة العمل الدبلوماسي المغربي في أمريكا، اتصل بي مواطن مغربي مقيم في أمريكا، مثلما حدث عندما كنا بصدد إنجاز ملف الدبلوماسية المغربية، وقال لي: «أجي تشوف واحد المصيبة» تتعلق بإهدار المال العام، وأعطاني بعض التفاصيل. عدت إلى واشنطن وتقصيت الأمر، وبدأت الكتابة عن موضوع إقامة السفير المغربي في واشنطن دون أن أتهم أي أحد بالفساد أو إهدار المال العام، بل قلت فقط إنه يبدو أن هناك خللا ما، لكننا لم نتوقف عند ذلك الحد، بل ظللنا نبحث في الموضوع ونكتب عنه منذ ذلك الوقت، حتى وصلنا إلى قناعة مفادها أن الموضوع هو موضوع فساد مالي. - هل مازلت إلى الآن مقتنعا بأن بنعيسى تلاعب ماليا في اقتناء إقامة السفير، بالرغم من أن المحكمة برأته وأدانتك؟ طبعا، مازلت مقتنعا بوقوع اختلالات في أزيد من مليون دولار، بل إن الحكومة التي كان بنعيسي عضوا فيها اعترفت بهذا، فقد سبق لفتح الله ولعلو، عندما كان وزيرا للمالية، أن صرح في البرلمان بأنه بعد إنجاز تقييم من طرف لجنة متخصصة حول إقامة السفير المغربي في واشنطن وتحديد قيمة المبلغ الذي تستحقه، عاد بنعيسى إلى الاتصال به وطلب منه إضافة مبلغ 600 ألف دولار فأضافه، مع أن فتح الله ولعلو لم يكن عليه أن يحول له ذلك المبلغ المالي، لأن ثمة مسطرة يفترض اتباعها عندما تريد الدولة المغربية اقتناء عقار خارج المغرب، حيث تتشكل لجنة من ممثل المحافظة العقارية وممثل وزارة المالية وغيرهما، وتقيِّم ثمن العقار، ولا يبقى مسموحا بالتالي الخروج عن خلاصة ذلك التقرير. نحن في «لوجورنال»، بالإضافة إلى تقييم اللجنة المتخصصة، كلفنا خبيرا، على نفقتنا، ليقوم بتقييم ثان يحدد بمقتضاه الثمن الحقيقي للعقار المتعلق بإقامة السفير المغربي في واشنطن، كما أنني سافرت إلى أمريكا خصيصا لمقابلة المسؤول عن مصلحة الضرائب في منطقة منغمري كانتي حيث توجد إقامة السفير المغربي، واستجوبته حول قيمة ذلك العقار الذي اقتناه بنعيسى، فأجابني بأن ثمنه هو 1,9 مليون دولار، بينما المغرب اقتناه ب3 ملايين دولار.. أنظر إلى هذا الفرق الكبير. سألته: هل يحدث أحيانا أن تخطئوا؟ فشرح لي بدقة كيف تتم عملية التقييم، حيث قال إنهم يضعون أمامهم مجموع المعاملات التي كانت في محيط تلك الإقامة خلال السنة الجارية، وبناء عليها يحددون قيمة العقار المعني. عدت إلى سؤاله بتدقيق أكثر: هل يمكن أن تكون قيمة هذه الإقامة هي 3 ملايين دولار، فقال لي: لا، مستحيل. - تزامنت الدعوى التي رفعها ضدكم محمد بنعيسى مع نشركم الحوار مع محمد عبد العزيز، رئيس «البوليساريو»؛ هل كان ذلك محض صدفة؟ منعنا يوم السبت في قضية محمد عبد العزيز، فرفع بنعيسى دعواه ضدنا يوم الاثنين. أتعرف، لقد أرادت الدولة تحطيم إشاعة أننا مرتبطون بالقصر، التي كانت تروج حينها بعدما عرض علينا الحسن الثاني شراء مطبعة ل«لوجورنال»، وربما كان محمد بنعيسى ممن يعتقدون بهذه الإشاعة، لذلك عندما رأى أننا منعنا، تأكد له أن لا علاقة لنا بأية جهة رسمية، وهكذا سارع إلى تسجيل دعوى ضدنا، بالرغم من أنه التزم الصمت لأزيد من سنة ظللنا خلالها ننشر أخبارا تضعه في قفص الاتهام. - وما هو تعليقك على الحكم الذي أصدرته المحكمة ضدكم في قضية محمد بنعيسى؟ متاعبنا في «لوجورنال» بدأت مع هذه الدعوى، التي حكم علي فيها بثلاثة أشهر حبسا نافذا وغرامة قدرها 10 آلاف درهم، وحكم على علي عمار، رئيس التحرير، بشهرين حبسا نافذا وغرامة قدرها 10 آلاف درهم، مع أداء تعويض ب200 مليون لمحمد بنعيسى؛ وفي الحكم الاستئنافي تحول الحبس النافذ إلى حبس موقوف التنفيذ، وتحول التعويض من 200 مليون إلى 50 مليونا، ولأننا تأخرنا في أداء ذلك المبلغ فقد تزايد حتى وصل إلى 80 مليون سنتيم. - لم تؤدوها فتم إجراء الحجز على مقر الجريدة؟ نعم، وهذا سيتطور ويلعب دورا في مستقبل الجريدة، حيث وصل الأمر إلى مستوى الحجز على «ميديا تروست» (الشركة التي كانت تصدر «لوجورنال»)، وهذا الحجز تم تنفيذه بعدما أمر القاضي بالحجز على راتبي، وبما أنه لم يكن لدي دخل آخر غير راتبي الذي كنت أتقاضاه من «ميديا تروست» آخر كل شهر، فقد استمرت شركة «ميديا تروست» تصرف لي راتبي؛ وهنا قررت المحكمة أن تؤدي شركة «ميديا تروست» التعويض؛ وبما أن الشركة لم تؤد المبلغ، فقد أمرت المحكمة بالحجز عليها. عندما يقول البعض إن «ميديا تروست» لم تؤد الضرائب المترتبة عليها، أجيبه: كيف سنؤدي الضرائب ومحمد بنعيسى أخذ كل ما كنا نملكه من مكاتب وحواسيب وأقلام وباعها في المزاد العلني!