سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجامعي: والدي رفض العفو وهذا ما قاله علال الفاسي لمبعوث الحسن الثاني قال إن جده لأمه غير اسمه إلى البراوي ليكون شبيها باسم صديق والد عبد اللطيف الكراوي
بوبكر الجامعي، صحافي شاب جاء إلى مهنة الصحافة من عالم المال في مرحلة حساسة جدا طبعها انتقال الحكم من الحسن الثاني إلى ابنه محمد السادس. يكشف الجامعي، الذي كان صوتا مزعجا لرجال السياسة ورجال الدولة على حد سواء، كيف أسس بنك «أوبلاين» وهو ابن 25 سنة، قبل أن يتركه ليتبع حرفة أبيه ويؤسس أسبوعية «لوجورنال» التي منعها الزعيم الاتحادي عبد الرحمان اليوسفي مرتين، بعدما نشرت حوارا مع رئيس «البوليساريو» ورسالة للفقيه البصري أظهرت اليوسفي ك«انقلابي متآمر»، ليرد على مؤسسيها قائلا: «قطعت أرجلهم لكي لا يمشوا أبعد مما قاموا به». فوق كرسي «المساء»، يفتح الجامعي علبة أسرار أسبوعيته وعلاقتها بالأمير مولاي هشام وهشام المنظري وفؤاد عالي الهمة وأزولاي وإدريس البصري وحميدو لعنيكري وسميرة سيطايل وآخرين، كما يكشف خفايا مثيرة حول ملفات أقامت الدنيا وشغلت الناس ووضعت صناع القرار في حرج حقيقي، مما اضطرهم بعدها إلى إشهار الورقة الحمراء في وجه هذه الأسبوعية المثيرة للجدل. - كيف تم الإفراج عن والدك في قضية نشر صورة الأمير مولاي رشيد وبجانبه امرأة متسولة؟ صادف ذلك شهر رمضان من سنة 1973، في خضم حرب أكتوبر التي خاضتها مصر وسوريا بدعم عربي ضد إسرائيل، كما صادف ذلك تنظيم الحسن الثاني للدروس الحسنية، فبعث مولاي حفيظ العلوي، المسؤول الأول عن التشريفات والأوسمة، إلى علال الفاسي يسأله عما إن كان في حاجة إلى شيء، فأجابه علال الفاسي: لا أريد شيئا، فقال له مولاي حفيظ: ألا تريد أن يعفو الملك على خالد الجامعي، فرد عليه علال الفاسي: الملك هو من أمر باعتقاله وهو الذي عليه أن يعفو عنه أو لا يعفو عنه. - لماذا رفض علال الفاسي التماس العفو لوالدك؟ لأن والدي كان قد استطاع، خلال مدة اعتقاله، تسريب رسالة مكتوبة، من داخل الكوميسارية، إلى علال الفاسي يطلب منه فيها ألا يتدخل من أجله لدى الملك، لذلك لم يلتمس له علال الفاسي العفو عندما جاءه مولاي حفيظ العلوي مبعوثا من الحسن الثاني، ومع ذلك أفرج الحسن الثاني عن والدي في نفس اليوم، بعد أزيد من خمسة أشهر من الاعتقال والتعذيب في الكوميسارية وليس في السجن. - كيف كانت علاقة والدك بعلال الفاسي زعيم حزب الاستقلال؟ على ذكر علال الفاسي، تحضرني هنا واقعة تستحق أن تروى، ذلك أن جدي، من أبي وأمي، السي بوشتى الجامعي والسي عباس البراوي، رفضا زواج والدي بأمي، لأنهما كانh ما يزالان صغيرين ولم يكملا دراستهما بعد، لكن الذي وقع هو أن علال الفاسي تدخل ليتم هذا الزواج بحكم العلاقة المتينة التي كانت تربطه بجدي السي بوشتى الجامعي. وجاء في تفاصيل هذه القضية أن علال الفاسي جاء عند جدي ذات يوم وأمره قائلا: «البس جلبابك»، ثم حمله إلى آسفي لخطبة أمي من والدها السي عباس البراوي الذي يعتبر مؤسس الاتحاد العام للشغالين بالمغرب في آسفي. وكان السي عباس، الذي كان يشغل وظيفة قائد سفينة صيد، يُدرس الملاحة للفرنسيين في المدرسة البحرية الفرنسية في آسفي، لذلك حرص على أن يعلم أبناءه وبناته أحسن تعليم. - كيف التقت والدتك بوالدك؟ في ذلك الوقت، لم تكن هناك ثانوية في آسفي، فكان أبناء الآسفيين مضطرين، بعد الحصول على «البروفي»، إلى متابعة الدراسة إما في الدارالبيضاء أو الرباط، وكان الطالب ملزما بأن تكون له عائلة مسؤولة عنه يقصدها أيام العطل، وقد كانت العائلة المسؤولة عن أمي هي عائلة الحاج بن ادريس، أحد الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال، الذي ذبح في إطار تصفية الحسابات بين مكونات الحركة الوطنية بعد الاستقلال في منطقة تاحناوت، وهذه مناسبة أخرى لأذكر لك أن جدي السي بوشتى الجامعي كانت ستتم تصفيته أيضا في هذه المرحلة، وقد تم تكليف سعيد بونعيلات بهذه المهمة، وبما أن هذا الأخير كان يحتفظ لجدي بمكانة خاصة من زمن الحركة الوطنية، فإنه رفض تصفيته وبعث إلى جدتي من يطلب منها إبعاد جدي عن البيت مدة من الزمن. - كيف، إذن، تعرف والدك على والدتك؟ كانت بين جدي السي بوشتى الجامعي وعلال الفاسي والحاج بن ادريس صداقة هي أقرب إلى الأخوة؛ وكان والدي، حديث العهد حينها بالعمل في ثانوية «ديكارت»، وكان يتردد على بيت السي بن ادريس الذي كانت أمي صديقة لإحدى بناته، وهناك التقيا أول مرة. لم يكن عمر أمي يتجاوز 18 أو 19 سنة، فيما عمر والدي كان يناهز 22 سنة. وعندما ولدت أنا بعد ثلاث سنوات من زواجهما، لم يكن في مقدور والدي، الذي كان عمره لا يتجاوز 25 سنة، اقتناء خروف العقيقة، فتكلف بذلك سيدي علال الفاسي. - ما هي الذكرى التي لا تزال تحتفظ بها من علاقة أسرتك بعلال الفاسي؟ قبل ذلك، لابد أن أشير إلى أن عائلتي لا تتعامل مع علال الفاسي باعتباره زعيما لحزب الاستقلال، بل باعتباره زعيما وطنيا له مكانة خاصة عند العائلة. أما الذكرى الوحيدة التي لا تزال عالقة في ذهني عن علال الفاسي فهي أنه في اليوم الذي خرج فيه والدي من الاعتقال، ذهبنا إلى بيته في حي السويسي؛ وما زال مشهد معانقته لوالدي نصب عيني، لقد كان ذلك قبل سنة من وفاته في رومانيا في 1974. - هل عاد والدك بعد الإفراج عنه إلى العمل ب«لوبينيون»؟ لا، مُنع من العمل في الصحافة، لأنه كان مغضوبا عليه من قبل القصر. في هذه الفترة العصيبة عشنا مشكلا حقيقيا، فوالدي لم يكن يشتغل، ووالدتي كانت تزاول عملا صغيرا ومحدود الدخل، وقد تمت إحاطتنا بتضامن كبير من طرف العائلة والأصدقاء حتى اجتزنا المحنة. - متى عاد والدك للعمل؟ هذه قصة أخرى. والدتي هي التي أعادت أبي إلى العمل. وهذه فرصة لكي أشكر عبد اللطيف الكراوي، وزير الطاقة والمعادن الأسبق، الذي كانت عائلته على علاقة وطيدة بعائلة والدي. وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فهل تعرف من أين استمدت عائلة والدتي لقب البراوي. - من أين؟ في آسفي كان السي عباس، جدي لوالدتي «رايس» في الميناء، وهو ركراكي الأصل، وكان يحمل لقب «الحداد» نسبة إلى أحد أجداده الذي كان يزاول حرفة الحدادة في بادية ركراكة بالشياضمة. وعندما جاء الاستعمار الفرنسي وأخضع الناس لنظام الحالة المدنية والتسجيل في بطاقة التعريف، ذهب جدي للتسجيل رفقة والد عبد اللطيف الكراوي الذي كان بمثابة الأخ لجدي السي عباس، وعندما سأل الموظف الكراوي الأب عن اسمه العائلي قال: أنا اسمي الكراوي، فأجابه جدي: وأنا سأغير الكاف باءً وسأختار لقب البراوي. هذه هي قصة لقب جدي من والدتي، وهو لقب لا أصل له غير الصداقة القوية الصافية التي ربطت بين رجلين من آسفي. عبد اللطيف الكراوي بدوره كان صديقا حميما لخالي السي محمد الذي توفي في 1971، وكان زوج بديعة الصقلي. وبعد وفاة خالي السي محمد، بقي عبد اللطيف الكراوي بمثابة الأخ الكبير لأمي، لذلك بعدما خرج والدي من الاعتقال وبقي بدون عمل شغَّله عبد اللطيف الكراوي في ملحقة تابعة للمكتب الشريف للفوسفاط اسمها «ليبسي»، كانت تشرف على الشؤون الثقافية وكان مقرها وقتها في شارع الجزائر. وبقي والدي في الملحقة إياها إلى أن عاد للاشتغال في الصحافة، في سنة 1979، في ما أذكر؛ وكان ذلك أسعد يوم في حياته بالرغم من أنه عاد إلى «لوبنيون» براتب أقل مما كان يحصل عليه في المكتب الشريف للفوسفاط.