رغم أن العالم يتحرك وكل شيء صار يتغير ب«سرعة الضوء»، ورغم أن «الربيع العربي» أثبت أن الطغاة والدكتاتوريين ما هم سوى «آلهة من ثلج» تذوب مع أشعة الشمس.. فإن بعض الناس ما يزالون يعيشون في «الزمن الحجري» ويتصرفون وكأنهم «آلهة».. هذا بشكل عام، لكنْ حينما نتحدث بشكل خاص، فإن بعض فنانينا، وخاصة في عالم الفنون التشكيلية، ما يزالون يعيشون في أزمنة الإقطاعية و»عهد إدريس البصري»، معتقدين أن كل العالم يجب أن يكونوا خدما لهم وأن «يسجدوا» لهم ويفرشوا لهم الطريق بالورود، إذا ما سمعوا بقدومهم.. كنت أعتقد أن هذا «الوقت» قد ولى وأن هذه «الكائنات» المريضة لم يعد لها وجود سوى في عالم «المتاحف» والحكايات الخرافية.. كنت أعتقد أن مثل هؤلاء لم يعودوا إلا مثل تلك الديناصورات المنقرضة التي لم يثبت بشكل قطعي أنها كانت موجودة. لكن الله قدر لي أن أعيش حتى أرى «ديناصورا ورقيا» مصابا ب«جنون العظمة الوهمي» وب«العجرفة» يعيش وهمَ أنه أعظم فنان عرفه تاريخ الفنون التشكيلية في المغرب المعاصر.. في الحقيقة، كنت أسمع عن هذا «الفنان -الديناصور» وهو «نار على علم»، تسير «بذكره الركبان» إنّما ليس في الفنون التشكيلية بل في «فنون» أخرى.. ومما سمعت عنه من فنان كان في بداياته الأولى، أنه عرض عليه لوحة فاشتراها منه ب150درهما ووضع عليها توقيعه.. وهذه ليست «نزوة» الفنانين الكبار العبثيين الذين يمكن أن تركبهم «نزوة السرقة» ليعيشوا التجربة النفسية للص، ويبدعوا بعد ذلك عملا خارقا، وإنما كان ذلك تجارته المربحة التي «احترفها» وسار يجني من ورائها الأموال الباهظة في حين أصيب الفنانون التشكيليون المبتدئون بخيبة الأمل وبالإحباط وساروا يلعنون اليوم الذي اختاروا فيه أن يكونوا فنانين يحلمون بخلخلة الأساليب الفنية المعروفة.. وهكذا اشتهر الفنان بالتاجر «الكبير»، الذي اغتنى من دم ضحاياه كالقُراد، الذي يمتص الدم حتى يكبر ويتضخم. والغريب الأغرب أن «الفنان الكبير» غدا له حواريون يتحوطون عليه كما يتحوطون على «أمير» يتبعونه كحيوانات بني أوى، هؤلاء كان فيهم النقاد الأقزام المدعون، وفيهم ما يسمى «الفنانين لْحّاسِي الكابّا». في معرض حضرته كاد صدري ينفجر، حينما رأيت ما يفعله هؤلاء المتملقون ل«أميرهم»، كانوا «يبصبصون» له كما تفعل الكلاب تماما بأذيالها.. هكذا، إذن، كنت أقول في نفسي: إنْ كان هناك ميدان يحتاج إلى «ربيع عربي» فهو الفن التشكيلي. وإذا كان الفن يحتاج إلى كل هذا الذل والانبطاح فليرحمه الله...