كشف إدريس بنمحجوب، رئيس محكمة الاستئناف بالرباط، عن إحصائيات مثيرة بشأن نسبة تزويج القاصرات في المغرب، بعد الضجة الإعلامية والحقوقية التي أثارها انتحار أمينة الفيلالي بالعرائش بعد تزويجها بمغتصبها. وقال بنمحجوب، الذي كان يتحدث في ندوة بمقر محكمة الاستئناف في الرباط، مساء أول أمس الثلاثاء، حول «زواج المغتصبة والقاصر بين النصوص القانونية والواقع العلمي» إن حصيلة الإحصائيات في جميع أقسام قضاء الأسرة خلال سنة 2009 بشأن الزواج وثبوت الزوجية بلغت 328362، حيث تزايدت نسبة تزويج القاصرات كل سنة بنسبة 10 بالمائة تقريبا، وارتفعت طلبات الزواج سنة 2010 إلى 44572 تشكل طلبات الإناث منها 99.02 بالمائة، ووصلت نسبة القاصرات بدون مهنة إلى 99.40 بالمائة، بينما وصلت نسبة طلبات الزواج إلى 47089 خلال سنة 2009. وأكد بنمحجوب أن الإجراءات المتخذة في الطلبات المقبولة اعتمدت على إجراءات البحث بنسبة 35.25 بالمائة من الطلبات، وفي ما يخص الأمر بإجراء الخبرة فقد وصل إلى 46.7 بالمائة، أما إجراءات البحث والخبرة فقد وصلت إلى 18 بالمائة. ولمعرفة الأسباب الداعية إلى ارتفاع طلبات زواج القاصرات والقاصرين خلال السنوات المتتالية التي فاقت ما مجموعه 44 ألف طلب، يضيف بنمجحوب: «أمام هذا الوضع كان حريا بنا أن نحلل الظاهرة من جوانب اجتماعية وثقافية ونفسية واقتصادية قبل أن ننظر إليها من الجانب القانوني» والسبب هو معرفة الأسباب التي تكون وراء ارتفاع طلبات زواج القاصرات والقاصرين. وأكد أن عددا من الإشكاليات طرحت حول الأسس المعتمدة من طرف القضاة لقبول 92 بالمائة من مجموع الطلبات ورفض 3474 طلبا فقط، أي في حدود نسبة 8 بالمائة، كما طرحت مسألة ارتفاع نسبة ثبوت الزوجية من 18751 سنة 2007 إلى 23390 سنة 2009 «ألا يشكل ذلك تمردا على تعديل سن الزواج ورفعه إلى 18 سنة بدل 15 سنة للفتاة و16 سنة للذكر كما كان عليه الأمر سابقا في مدونة الأحوال الشخصية». ولتحليل الظاهرة، يضيف المتحدث، طرحت دراسة الأوضاع الاجتماعية ومدى تمكن علماء الاجتماع من ذلك، قصد إدراك المرامي والأهداف حتى «لا نسعى إلى تعديل النصوص القانونية ونسقط في إشكاليات أخرى»، كما طرحت بعض الإشكالات حول مسايرة القانون الجنائي الحالي الذي يتضمن مقتضيات حول سلامة وكرامة حقوق النساء المغربيات، وضرورة الدفع بتعديل مقتضيات الفصول 475 و486 و494 و495 و496 في اتجاه إلغاء الصفة الجنائية عن الجريمة في حالة زواج المغتصب بضحيته. وأشار رئيس محكمة الاستئناف إلى أن تحصين حقوق الإنسان الفردية مكفول للجميع وفق روح دستور 2011 والمواثيق الدولية، حيث «يقتضي الواجب الحفاظ على كيان الأسرة وأن نقارن بين المنافع والأضرار عند تقديم هذه الحياة الأسرية، لاسيما عند تطبيق الاستثناء الذي خولته مدونة الأسرة للقاضي»، حيث يتكلف القاضي بالزواج عند إمكانية تخفيض هذا السن في الحالات المبررة والمقيدة بمقرر معلل، لذلك يضيف بلمحجوب «أن خلق التوازن بين ما هو اجتماعي وقانوني هو معادلة صعبة نستشعر جسامته- نحن معشر القضاة- بصفة خاصة»، إذ نعي مسؤوليتها الجسيمة لتوفير الحماية للرجال والنساء على قدم المساواة وفق ما يقتضيه القانون.