انسحب الوفد المغربي، الذي طار إلى الجزائر يوم الجمعة الماضي برئاسة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، من مراسيم جنازة الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بلة، احتجاجا على حضور وفد يمثل جبهة البوليساريو. وقد أثار هذا الموقف المغربي ردود فعل متباينة في الجزائر والمغرب، خاصة وأن ذلك الانسحاب جاء أسابيع قليلة بعد جولة المفاوضات بين المغرب والبوليساريو التي تحاور فيها الطرفان وجلس بعضهما إلى جانب بعض تحت رعاية الأممالمتحدة. الوفد المغربي، الذي انسحب من مراسيم الجنازة، ربما لم يضع في اعتباره مجموعة من المعطيات الجديدة، وفهم أن الاحتجاج موجه إلى الوفد الذي يمثل البوليساريو وليس إلى الدولة الجزائرية، والواقع أن هذا الانسحاب من جنازة بن بلة، الزعيم الجزائري الذي كانت تربطه علاقات قوية بالمغرب، هو خدمة مجانية ل«البوليساريو» الساعية إلى عرقلة أي تقارب ولو ضئيل بين البلدين الجارين، وهو في النهاية ما تحلم بتحقيقه؛ فقد حقق المغرب والجزائر خطوات رمزية كبيرة في المدة السابقة، بعد زيارة سعد الدين العثماني، وزير الخارجية المغربي، للجزائر ولقائه بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة وبدء الحديث عن احتمال فتح الحدود. المغرب في هذه العملية كلها حقق إنجازا أو اختراقا دبلوماسيا كبيرا، وكان على الوفد المشارك في مراسيم جنازة بن بلة أن يراعي هذا الإنجاز الدبلوماسي ولا يغامر بالتضحية به بتلك السرعة من خلال إعطاء مبرر ستضخمه جبهة البوليساريو وتجعل منه أداة لضرب أي تقارب مغربي جزائري. إذا كان الوفد المغربي انسحب من الجنازة فأولى به أن ينسحب أيضا من المفاوضات؛ وإذا كانت المفاوضات تدخل في إطار العملية السياسية وأن الجنازة ذات طابع إنساني، فإن البعض يرى من هذا المنطلق أنه كان أولى بالوفد المغربي أن يتذكر حضور الرئيس الجزائري في جنازة الملك الراحل الحسن الثاني عندما وجد نفسه وجها لوجه مع إيهود باراك، رئيس وزراء إسرائيل آنذاك، دون أن ينسحب الوفد الجزائري، مع أنه كان ممثلا على مستوى عال برئيس الدولة نفسه وليس فقط برئيس الحكومة.