بعد الاحتجاجات المتوالية لنادي القضاة على حادث «الاعتداء» الذي تعرض له قاضي تاونات، ودخول الودادية الحسنية للقضاة على خط الدفاع عن «استقلال الهيئة القضائية، أصدرت جمعية هيئة المحامين بالمغرب بلاغا قويا عبرت فيه عن رفضها القاطع اعتبار الواقعة التي شهدتها المحكمة الابتدائية بتاونات بين أحد القضاة وأحد المحامين بمثابة «قضية هيبة ومصير بالنسبة إلى القضاة»، وشجبت بشدة «كل الممارسات الدخيلة على أسرة القضاء دفاعا وقضاء والمخلة بقواعد اللياقة والشرف والماسة بهيبة القضاء ووقاره». وأكد البلاغ، الذي أصدرته الجمعية في ختام اجتماع لمكتبها أمس الجمعة، أن «هيبة القضاء إن مست لا يمكن الدفاع عنها بأساليب مهينة تزيد من المس بهيبته المطلوبة، وأن هذه الهيبة لا تفرض بالترهيب أو الترغيب وإنما يكتسبها بحلمه ووقاره وعدله وببعده عن الشبهات»، مضيفا أن «فرض هيبة القضاء ليست حكرا على أحد، ولكنها مهمة الجميع لأن العدالة وطن الجميع». كما عبرت الجمعية عن رفضها القاطع «اعتبار هذه الواقعة المعزولة قضية هيبة ومصير بالنسبة للقضاة»، مبرزة أن المحامين يتعرضون بدورهم في ممارستهم اليومية في قاعات الجلسات وأقسام المحاكم ل«ممارسات قد تمس باعتبارهم وشرفهم، ومع ذلك يتم دائما التصدي لهذه الحالات في إطار المؤسسات وفي إطار التدبير اليومي للصعوبات وإكراهات العمل وظروفه دون تهويل أو مزايدة، وبالاحتكام في أسوأ الأحوال للقانون سيد الجميع». وشجبت الجمعية بشدة «كل الممارسات الدخيلة على أسرة القضاء دفاعا وقضاء وفي إخلال واضح في الكثير من الحالات بقواعد اللياقة والشرف والماسة بهيبة القضاء ووقاره، وبحرمة هيئة الدفاع، والتي تمت من طرف بعض أعضاء نادي قضاة المغرب، وفي تجاوز مريب لكل المؤسسات المهنية والقضائية». وكان عبد السلام البقيوي، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، قد أدلى أول أمس بتصريح ل«المساء» اعتبر فيه أن مواقف جمعية هيئة المحامين واضحة في الدفاع عن القضاة، وأدبياتها ثابتة في هذا المجال، مضيفا أن خروج القضاة للتظاهر لا مبرر له، وأن تلك الوقفات لها أهداف أخرى واتخذ حادث اعتداء المحامي على القاضي كمطية. واعتبر البقيوي ما حصل تجاوزا للمؤسسات، وأكد أن القاضي إذا تعرض للإهانة فالقانون واضح في هذا الباب ويجب تطبيقه، متهما بعض القضاة بتجاوز الأعراف والتقاليد المعمول بها داخل الجسم القضائي. فيما دعا ياسين مخلي، رئيس نادي القضاة، إلى صياغة قواعد سلوك بين جميع المتدخلين في مجال العدالة، موضحا، في تصريح سابق ل»المساء»، أن النادي مستعد للحوار ومكتبه التنفيذي عقد اجتماعا تنسيقيا لتدارس الآليات ومحاور إنجاح عمل اللجنة التي تم استحداثها. وأكد مخلي على أن جميع الفاعلين يجب أن يتحملوا مسؤولياتهم في حماية القضاة، فالدولة يجب أن تحميهم من التهجم الذي يتعرضون له، مضيفا أنهم مستعدون للحوار البناء على اعتبار أن المحاماة والسلطة القضائية تنتميان إلى الأسرة ذاتها. واعتبر مخلي أن التضامن مع القاضي غير موجه ضد أحد، بل هو تضامن مع قيمة قضائية، وهو غير مرتبط باتباع أي مسطرة من المساطر القضائية. من جانبها، كانت الودادية الحسنية للقضاة قد أدانت ما وصفته ب«السلوك المشين» الصادر عن أحد المحامين تجاه قاض بتاونات، وما تلا ذلك من أحداث غير مسؤولة تجاه الهيئة القضائية في آسفي، موضحة في بيان لها، تلقت «المساء» نسخة منه، رفضها المطلق لأي مساس باستقلال القاضي واستقلال السلطة القضائية، ومعربة عن عزمها على عقد اجتماع طارئ للمجلس الوطني قصد تحديد الإجراءات اللازم اتخاذها في هذه النازلة دفاعا عن كرامة القاضي والقضاة، وأملها في أن يكون هذا الحادث مجرد حالة استثنائية وشاذة.