كشف خبير مغربي في مجال التغيرات المناخية أن التساقطات المطرية الأخيرة التي عرفتها العديد من مناطق المغرب والتي نتجت عنها فيضانات، تعطي احتمالا عن ارتفاع وتيرة ما يطلق عليه في علم التغيرات المناخية ب«الظواهر القصوى» التي غالبا ما تكون سببا وراء حدوث الفيضانات. وأوضح عبد الله مقصد، المختص في التغيرات المناخية لدى مديرية الأرصاد الجوية، في تصريح ل«المساء» أن الفيضانات متعلقة بالظواهر القصوى التي تتميز بتساقطات مطرية غزيرة خلال مدة زمنية قصيرة جدا. وعزا مقصد الأضرار الجسيمة التي عرفتها عدد من مناطق المغرب التي غمرتها مياه الفيضانات، إلى إقامة تجمعات سكنية بمجاري الأنهار وعدم وجود قنوات الصرف الصحي بشكل كاف بالنسبة إلى المدن التي تضررت من هذه الظاهرة هذه السنة. واعتبر الخبير المغربي الأضرار التي عرفتها مناطق المغرب الشرقي ناتجة بالأساس عن طبيعة البنايات السكنية المشيدة بهذه المناطق التي تعتمد على مادتي الطين والتبن كمواد أساسية في البناء، مشيرا في السياق ذاته إلى أن الخاصيات التضاريسية لكل منطقة على حدة تكون عاملا أساسيا في حدوث الفيضانات. وأوضح مقصد أن ظاهرة الفيضانات على العموم تنجم عن اجتماع مجموعة من المعطيات والعوامل بداية، ونزول تساقطات مطرية غزيرة لا تسقط بالضرورة في المنطقة المتضررة وإنما قد تأتي من روافد أخرى كالجبال المجاورة، كما حدث بالنسبة إلى مدينة الناظور، تضاف إلى هذا عوامل جيولوجية أخرى وعدم امتصاص وتسرب المياه. من جانبه، أوضح عبد الواحد الإدريسي، مهندس طبوغرافي وباحث في التعمير، في تصريح ل«المساء»، أن ما تتميز به المدن والقرى المغربية من هشاشة وضعف في البنية التحتية يؤدي بالضرورة إلى الكوارث أو ما يسمى بالمخاطر الحضرية والعمرانية، التي تبقى أسبابها، حسب الباحث في مجال التعمير، متعددة، من بينها العجز الحضاري ونقص التجهيزات والبنية التحتية، بالإضافة إلى ضعف التصورات الموضوعة في وثائق التخطيط. وكشف الباحث أن مجموعة من محاضر التعمير تسمح بالتعمير في مناطق مهددة بالفيضانات أو تتميز بالهشاشة، مضيفا أن المغرب في مجال التعمير يعاني من غياب سياسة حضرية متوازنة تأخذ بعين الاعتبار مجموع التصورات القطاعية لتجعل منها تصورا شاملا ومتناغما. ويضيف الباحث أنه باستثناء مدونة التعمير، فليس هناك أي مشروع آخر يحدد التوجهات العامة للتشييد والبناء. يذكر أن ظاهرة التغيرات المناخية تأخذ بعين الاعتبار القياسات المساحية والزمانية لفترة طويلة تبتدئ من 10 سنوات إلى 100 سنة، ومساحات جغرافية كبيرة تهم عددا من الدول الواقعة في نفس المحور كدول المتوسط وإفريقيا. وفي ما يخص الظواهر التي تتكرر في بلد معين، فإن خبراء هذا المجال لا يلتفتون إليها إلا عندما تتكرر بشكل مسترسل، حينها تخضع لعمليات إحصائية معينة بعد مقارنتها بما عرفته المناطق موضوع الدراسة خلال مدة 50 سنة الأخيرة. من جهة أخرى، كشفت مصادر مطلعة أن تقارير عدة تم رفعها إلى الدوائر العليا بخصوص الأسباب الحقيقية التي وقفت وراء الفيضانات الأخيرة.