رئيس الحكومة يودع الرئيس الصيني في ختام زيارته للمغرب        مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"    MP INDUSTRY تدشن مصنعا بطنجة    أمريكا تجدد الدعم للحكم الذاتي بالصحراء    تعيينات جديدة في المناصب الأمنية بعدد من المدن المغربية منها سلا وسيدي يحيى الغرب    بينهم من ينشطون بتطوان والفنيدق.. تفكيك خلية إرهابية بالساحل في عملية أمنية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    جمهورية بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع 'الجمهورية الصحراوية' الوهمية        مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    حكيمي في باريس سان جيرمان حتى 2029    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    الرابور مراد يصدر أغنية جديدة إختار تصويرها في أهم شوارع العرائش    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    مواجهات نارية.. نتائج قرعة ربع نهائي دوري الأمم الأوروبية    ولد الرشيد: رهان المساواة يستوجب اعتماد مقاربة متجددة ضامنة لالتقائية الأبعاد التنموية والحقوقية والسياسية    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    المنتخب الليبي ينسحب من نهائيات "شان 2025"    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي        تفكيك شبكة تزوير وثائق السيارات بتطوان    زَمَالَة مرتقبة مع رونالدو..النصر السعودي يستهدف نجماً مغربياً    التنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب تدعو الزملاء الصحافيين المهنيين والمنتسبين للتوجه إلى ملعب "العربي الزاولي" لأداء واجبهم المهني    لأول مرة في تاريخه.. "البتكوين" يسجل رقماً قياسياً جديداً    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    وهبي: مهنة المحاماة تواجهها الكثير من التحديات    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !        تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء    تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأصالة والمعاصرة أمام امتحان ترتيب بيته الداخلي
بناء التنظيم والابتعاد عن الحروب الإعلامية وتجنب الصراعات الداخلية أبرز تحديات «البام»
نشر في المساء يوم 28 - 02 - 2012


محمد أحداد
في غشت 2008، خرجت آلة ضخمة اسمها الجرار إلى الحقل السياسي المغربي حاملة على ظهرها حزب الأصالة والمعاصرة. لم يتورع البعض يومها عن التأكيد
على أن الآلة كانت قابعة في مرآب الإدارة تنتظر الإشارة لإعادة ترتيب المشهد السياسي وفق أجندة معلومة كما قال بنكيران قبل أن يصير رئيسا للحكومة، بل إن حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي عرف بخبرته الطويلة في نحت المصطلحات، أسبغ على حزب الأصالة والمعاصرة وصف «الوافد الجديد». لكن قادة حزب «البام»، وفي مقدمتهم مؤسس الحزب فؤاد عالي الهمة، ظلوا يؤكدون دائما أن الحزب جاء لإنهاء حالة الجمود، التي باتت تنخر المشهد السياسي المغربي. وبين هاتين الرؤيتين كان الحزب يسير بخطى متعثرة، متأثرا بانتقادات حادة وجهت إليه من طرف الأحزاب السياسية المغربية، خاصة العدالة والتنمية، الذي خاض حربا إعلامية وصلت في الكثير من الأحيان إلى السب والقذف. كانت معركة إثبات الوجود بالنسبة إلى الأصالة والمعاصرة، حسب بعض المتتبعين، أهم بكثير من التفكير في بناء البيت الداخلي. ولذلك انصرف حزب الأصالة والمعاصرة إلى مواجهة خصومه، لاسيما أن تهمة «حزب الإدارة» ظلت لصيقة به منذ إنشائه، الشيء الذي جعل بناء الهياكل الداخلية للحزب أمرا مستعصيا جدا، ثم إن الصراعات الداخلية واستيعار «حرب التيارات»، فرملت كثيرا التفكير في تمتين أركان الحزب «الهشة».
وليس غريبا أن يكتب صلاح الوديع، الناطق الرسمي باسم الحزب وأحد قيادات الحزب اليسارية، نقدا ذاتيا كان قاسيا في تشريح «داء العطب الأصيل» الذي يضر بصورة الحزب. «قرار تأسيس الحزب الذي تطلب منا نقاشات طويلة وشاقة من وجهة وجاهة الخطوة، ثم عقد المؤتمر الأول، ثم انطلاق التحضير للانتخابات، حشر كل طاقات الحزب في صيرورة تحديات كبرى. هذا الوضع الجديد، المتسارع إذاك، جعل أي تفكير في أمور أخرى يتوارى خلف «الأولويات». ولست هنا في مضمار تقييم الانتخابات ونتائجها وأداء الحزب خلالها، غير أن أهم ملاحظة لي فيما يتعلق بتأثر صيرورة بناء المشروع بما هو آني حصرا هو دخول الحزب دوامة ربح الانتخابات بأي ثمن، وتركيز الاهتمام على العملية الانتخابية وإهمال ما عداها. لقد نتج عن ذلك تدفق كبير للمنتخبين وتقوى الاعتقاد بأن أهم دور تم القيام به بمجرد «ربح الانتخابات»». كان الوديع واضحا في رسالته. إذ لم يكن في أجندة الحزب التفكير ولو برهة في تمتين هياكله وتقوية مجلسه الوطني ومنح قوة جديدة لجهاز المكتب السياسي والبحث عن بدائل جديدة من قبيل إنشاء هيئات شبابية ونسائية تدعم وجود الحزب في الخريطة السياسية المغربية، التي كانت مدموغة حينها بسمة «الإسلاميين» بزعامة حزب العدالة والتنمية.
الوديع توقف، في مقالته الشهيرة، التي يحكي فيها بأن الهمة قال له على سبيل الدعابة «لم لا تترجمها إلى الفرنسية؟»، عند أعطاب الحزب، مُقرا بوجود اختلالات كبيرة تحول دون استكمال بناء الأداة التنظيمية. كان الهاجس الانتخابي، كما يقول الوديع، معيقا أساسيا لتحقيق هذا المبتغى، «ولا يكمن المشكل في «تدفق» المنتخبين في حد ذاته. إذ يوجد بينهم، كما في كل جماعة بشرية أخرى، الصالح والطالح، ولكن المشكل يكمن في تسلل تصورات أخذت تجعل من الانتداب الانتخابي غاية الغايات، وترى في التحكُّم في «التقنيات المدرَّة للفوز الانتخابي» عنوان الألمعية السياسية ودليل التقدم في تجسيد مشروع الحزب، غير مبالية بهزالة المشاركة السياسية ونسبتها المتدنية التي تفرغ «النصر» الانتخابي من كل قيمة فعلية من منظور إنجاح المشروع الحداثي الديموقراطي لبلادنا. لقد «تم إهمال كل شيء آخر غير الانتخابات، بما في ذلك، وعلى رأسه، مهمة التأطير ومتابعة عمل المنتخبين، وتقديم نموذج جديد حي لتدبير الشأن العام، كما استمرأنا تلكؤنا المتكبر في تحديد التحالفات الإستراتيجية، وانحصر العمل في الحضور والمشاركة البرلمانيين وفي الحضور الإعلامي»، يقول الوديع.
بيد أن رحيل فؤاد عالي الهمة والتحاقه بنادي مستشاري الملك طرح أكثر من علامة استفهام حول مستقبل الحزب. وقد ذهب بعض المحللين السياسيين إلى أن الارتباط الوثيق، الذي كان يجمع أعضاء الحزب بالهمة، وقف حجر عثرة أمام بناء المؤسسات الداخلية.
وبدا حزب الأصالة والمعاصرة أثناء انعقاد مؤتمره الوطني الاستثنائي مدركا للأهمية القصوى لترتيب البيت الداخلي والابتعاد ما أمكن عن الحروب الإعلامية التي كلفته غاليا أمام خصم لدود اسمه العدالة والتنمية، الذي وصل إلى الحكم في الانتخابات التشريعية الماضية. ومن هنا يمكن أن نفهم أن دعوة «البام» للعدالة والتنمية لحضور المؤتمر، والهدوء الحذر الذي ساد بين الطرفين بعد الانتخابات التشريعية، يؤشران على بداية مصالحة حقيقية للحزب مع المشهد السياسي. وبالرغم من أن انتخاب مصطفى الباكوي أمينا عاما للحزب خلفا للشيخ بيد الله أثار الكثير من علامات الاستفهام حول «التوافق القبلي» بين وجهاء الحزب لوضعه على رأسه، فإن الكثير من المتتبعين أشاروا إلى «أن الباكوري جاء لينهي الجدل الذي ظل محتدما بين التيار اليساري والمحافظ» في البيت «البامي». جدل يقول عنه أحد قياديي الحزب إنه أهدر وقتا كبيرا وضيع على الحزب فرصة إرساء هياكله.
في هذا الصدد، يقول الشرقاوي الروداني، عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، إن «المؤتمر الاستثنائي الماضي أتى بقيادة جديدة، الشيء الذي يستوجب مقاربات جديدة، والبحث عن نخب جديدة تطعم هياكل الحزب»، مضيفا أن «الحزب في حاجة إلى مجلس وطني قوي ومكتب سياسي قوي كذلك عبر فسح المجال أمام الطاقات الشابة والجديدة». واعتبر الروداني في نفس السياق أن «الاشتغال بسياسة الأذرع الشبابية والنقابية والنسائية أصبح أمرا متجاوزا لأن تطور المشهد السياسي لم يعد يسمح بذلك»، مؤكدا على أن «سياسة الأذرع كانت سائدة في الفترة السوفياتية ولا مجال للحديث عنها الآن».
أما الباحث في الشؤون السياسية، محمد براو، فيؤكد أن الحزب «ينبغي عليه إعادة النظر في أهدافه الاستراتيجية، لأنه ظهر بأنه يعيش حالة ارتباك طيلة مدة ظهوره، ولذلك فإنه بحاجة إلى الاندماج التدريجي في الحياة السياسية بعد انعقاد مؤتمره الأخير». وأضاف براو أن «الحزب صار عليه لزاما إنشاء أذرع شبابية ونسائية ودعم وجوده في المجتمع المدني عبر إرساء جمعيات تدافع عن مشروع الأصالة والمعاصرة». وأبرز براو أن «الرؤية التي جاء من أجلها الحزب إلى الحقل السياسي تبقى طموحة جدا، لكن لامناص من بناء البيت الداخلي عبر تجنب الصراعات بين التيارات وصرف النظر عن الحروب الإعلامية والتركيز على بناء الحزب من الداخل وعدم ربطه بالأشخاص».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.