قال الدولي الجزائري السابق لخضر بلومي إن الإقصاء المبكر للمنتخب الوطني من نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2012 كان مفاجئا. وانتقد بلومي الذي شارك في كأسي العالم 1982 و1986 في حواره مع «المساء» عدم الاعتماد على اللاعبين المحليين. - كيف يمكن تقييم المستوى التقني العام للنسخة الثامنة والعشرين لكأس إفريقيا للأمم التي انتهت فعالياتها الأحد الماضي؟ شخصيا أعتقد بأن الأداء التقني العام لجميع المنتخبات المشاركة في فعاليات كأس إفريقيا للأمم التي نظمت مؤخرا بكل من الغابون وغينيا الاستوائية كان دون المتوسط باستثناء المستوى التقني لمنتخب الكوت ديفوار الذي كان برأيي مقنعا إلى حد ما بالرغم من عدم تمكن عناصره من استثمار إمكانياتهم التقنية الجيدة للفوز باللقب خلال النهائي الذي توفر بحق على كل مقومات المتعة والإثارة. - هل كنت تتوقع أن يصل المنتخب الزامبي للمباراة النهائية وبالتالي الفوز باللقب؟ يمكن القول بأن انتزاع منتخب زامبيا لتأشيرة بلوغ المباراة النهائية ليواجه الكوت ديفوار كان بالنسبة لي مفاجأة من العيار الثقيل بالنظر للعديد من العوامل الموضوعية من أبرزها غياب العديد من المنتخبات القوية كمصر، الجزائر والكامرون، فضلا عن خوض عناصر المنتخب الزامبي للمباريات ومنذ البداية بدون أي ضغط يذكر على اعتبار أنهم لم يكونوا يملكون شيئا يخسرونه في هذا الصدد مما جعلهم يناقشون جميع المباريات باسترخاء ذهني واضح، وبالتالي بمعنويات مرتفعة مما مكنهم من بلوغ النهائي ومن ثمة الفوز باللقب الإفريقي عن جدارة. - وبالنسبة لخروج المنتخب المغربي من الدور الأول، هل كنت تتوقع هذا السيناريو؟ بحق، لم يكن أشد المتشائمين يتوقع نهاية مأساوية لمنتخب « أسود الأطلس « حيث اعتبر خروج المنتخب المغربي بشكل مبكر جدا بمثابة النقطة السوداء الوحيدة التي وصمت النسخة الثامنة والعشرين لكأس إفريقيا للأمم الأخيرة، شخصيا أعتبر الأمر بمثابة خيبة أمل كبرى، وبحكم أن رابطة الأخوة والجوار تربطنا فلا يسعنا والحالة هذه سوى التعبير الصادق عن أسفنا العميق لإقصاء المنتخب المغربي المبكر. - بمعنى آخر يمكن هل كان فوز المنتخب المغربي على نظيره الجزائري برباعية نظيفة خادعا؟ هذا صحيح إلى حد بعيد، وما يزكي ذلك هو الأداء الجماعي للاعبي المنتخب المغربي الذي كان متضاربا ومتناقضا فيما بين المناسبتين، فخلال المباراة التي جرت بمراكش كانت مردودية لاعبي المنتخب المغربي مقنعة وجيدة لامتلاكه عناصر محترفة بأفضل الأندية الأوروبية تتوفر على مقومات تقنية وبدنية محترمة، لكن وضد كل التوقعات كان لفعاليات كأس إفريقيا للأمم الأخيرة كلمة أخرى ووقع ما لم يكن في الحسبان إذ تراجع المستوى بشكل ملفت وغير مفهوم. - هل هذا يعني برأيك بأن فوز المنتخب المغربي على نظيره الجزائري بمراكش مرده بالأساس لما يطبع عادة أجواء الديربي المغاربي؟ أشاطرك الرأي نفسه، لقد كانت للعوامل النفسية والرغبة الدفينة التي انتابت عناصر المنتخب المغربي شهر يونيو الماضي في « الانتقام « دورا حاسما في الفوز بأربع إصابات لصفر ، وإلا لماذا برأيك لم تستطع العناصر ذاتها تزكية تفوقها وما تمتلكه من طاقات وإمكانيات تقنية وبدنية خلال مباراة الافتتاح ضد المنتخب التونسي أو على الأقل خلال اللقاء الثاني والحاسم ضد المنتخب الغابوني؟ - وجهت للمدرب إيريك غريتس انتقادات شديدة اللهجة بخصوص اختياراته التقنية والتكتيكية؟ أعتبر ما أقدم عليه البلجيكي إيريك غيرتس خطأ فادحا أدى ثمنه المنتخب المغربي غاليا. وللتاريخ اعتمد المنتخب المغربي دوما خلال كل مبارياته الرسمية ضد المنتخب الجزائري على لاعبين محليين كانوا يبلون البلاء الحسن دفاعا عن القميص الوطني. وعطفا على المباراة التي خاضها أسود الأطلس ضد المنتخب الجزائري شهر يونيو الماضي بدا لي واضحا وكأن اللاعبين المغاربة المحترفين بأندية أوروبية قد شكلوا من جانب واحد «لوبيا» حقيقيا ضد اللاعبين المحليين من خلال طريقة اللعب، ووجب التنويه إلى أن هذه الظاهرة لا تعتبر خاصية مغربية بامتياز بل هي متجذرة كذلك داخل المنتخب الجزائري، وللأسف كثيرا ما يعجز الإطار الفني عن التدخل لوضع الأمور في سياقها الصحيح مانحا الأولوية للاعبين المحترفين وبالتالي تكون النتيجة عكس كل التوقعات. - إذا هل يمكن القول بأن العناصر المحترفة تنقصها روح المواطنة وحس اللعب الجماعي؟ نعم، بل أكثر من ذلك تضع نصب عينيها دوما الجوانب المادية المحضة فقط، وهذا قاسم مشترك بين جميع لاعبي منتخبات الدول العربية التي تكتفي بإبراز علو كعبها خلال المباريات الرسمية التي تجمع بينها لا غير ولا يتعدى الأمر المواجهات العربية الثنائية فقط، ولا أدل على ذلك من إقصاء المنتخب الجزائري وعدم تأهله لنهائيات كأس أمم إفريقيا الأخيرة سوى إعادة للسيناريو المذكور إذ كان الاعتماد منصبا بشكل رئيسي من قبل المدرب الوطني السابق على لاعبين محترفين بأندية أوروبية مقابل تهميش لاعبي البطولة الوطنية. - انبرت العديد من الدعوات المطالبة بإقالة غيريتس هل تعتقد بأن المطلب صائب؟ لا أحد يجادل فيما يتوفر عليه غيرتس من تجارب وخبرة خصوصا بعدما مكن المنتخب المغربي من التأهل وفي ظل ظروف خاصة لنهائيات كأس إفريقيا للأمم الأخيرة. أعتقد بأنه بالرغم من التداعيات السلبية وغير المتوقعة التي خلفها إقصاء المنتخب المغربي لا بد من منحه فرصة أخرى وأخيرة لتجسيد برنامجه وخطة عمله، لكني أدعوه بالمناسبة وبإلحاح لضرورة الاعتماد بشكل أساسي على خدمات اللاعبين المحليين والابتعاد قدر الإمكان عن العناصر المحترفة بأندية أوروبية من أجل تحقيق المبتغى على أمل إرجاع مستوى كرة القدم المغربية لسابق عهدها.