يعيش تلاميذ وتلميذات الجالية المغربية العائدة من ليبيا وضعا تربويا واجتماعيا ونفسانيا مأساويا أرخى بظلاله على الحياة الكئيبة التي تعيشها أسرهم، التي فرّت إلى المغرب من أجل حمايتهم من العنف والاغتصاب والاختطاف إبان الثورة الليبية، وتركت خلفها كل ما لديها من ممتلكات ومهن ووظائف، بعد سنوات وعقود من الإقامة في بلاد العقيد المطاح به. وطالبت إحدى جمعيات عمالة المحمدية محمد الوفا، وزير التربية الوطنية، بضرورة التدخل من أجل دعم وإنقاذ تلاميذ وتلميذات أسر الجالية المغربية العائدة من ليبيا بعد اندلاع الثورة. وقال يزيد أبو الصابون، رئيس جمعية نهضة زناتة للتنمية، إنه بعث رسالة إلى الوزير الوصيّ عن القطاع وإلى كل الجهات المعنية بالعملية التعليمية -التعلمية، موضحا المعاناة التي تعيشها تلك الأسر بسبب العوز وعدم قدرة أبنائهم وبناتهم على الاندماج التربوي داخل المؤسسات التعليمية. وأضاف أبو الصابون أن «الوضع يستدعي التدخل العاجل لمساندة هؤلاء التلاميذ من أجل مواصلة مسارهم الدراسي بدون تعثر أو إكراهات، مادية أو تربوية»، مشيرا إلى أن تلاميذ الثانوي يعانون من عدم الانسجام مع برامج ومقررات الموسم الدراسي الجاري ومع أقرانهم في الفصول الدراسية، وخصوصا مادة اللغة الفرنسية، التي لم يسبق لهم أن درسوها في الديار الليبية. وتوصلت «المساء» بشكايات مختلفة من بعض أفراد هذه الأسر، أكدوا فيها جحيم الحياة التي يعيشونها بسبب «ضبابية» التعليم في المغرب، حيث أكدوا أنهم فروا من ليبيا بعد أن تعرض العديد من التلاميذ للعنف وتعرضت مجموعة من التلميذات للاختطاف وللتحرش الجنسي، وهو ما حذا بهم إلى الفرار دون حتى الحصول على وثائق توضّح مستويات أطفالهم التعليمية (شواهد المغادرة من أجل إعادة التسجيل) موضحين أن اللغة الإنجليزية هي اللغة الأجنبية التي كان أطفالهم يدرسونها. كما كشف بعضهم ل»المساء» أنه تم تسجيل أبنائهم وبناتهم في مستويات أقل من التي كان يدرسون فيها حين كان في ليبيا، بحجة أنهم «لا يفقهون شيئا» في اللغة الفرنسية.. كما أشارت بعض الأمهات إلى محنة أطفالهم مع البرد القارس وقلة الأغطية والأفرشة، موضحين أن مسؤولين وعدوهم قبل ترحيلهم إلى المغرب بتوفير سكن لائق وبتمكينهم من حياة كريمة. وعاينت «المساء» آثار البرد القارس على وجوه وأيادي مجموعة من التلاميذ، الذين يجدون صعوبة في المشي وطي كفوف أياديهم.. وقد بلغت محنة هؤلاء التلاميذ أقصاها -حسب أسرهم- داخل ومحيط المؤسسات، بسبب لهجتهم الليبية «المبهمة» بالنسبة إلى أقرانهم، إضافة إلى أن بعض «مشاغبي» التلاميذ ينعتونهم بكلمات جارحة ويصفونهم بأسماء رموز النظام الليبي السابق (عائشة، القذافي، الساعدي... زنكة زنكة ... دار دار)... كما يتجنبون اللعب والتواصل معهم، وهو ما جعل بعض التلاميذ يرفضون الذهاب إلى المدارس. وأكد أبو الصابون أن الجمعية سعت إلى تغطية القصور اللغوي لدى التلاميذ في المادة الأجنبية الأولى ضمن البرنامج الدراسي المقرر، متمنيا أن يتمكن هؤلاء التلاميذ الضحايا من استقبال الأسدس الدراسي الثاني بنفَس جديد وبحزم، موجها نداء إلى كل المغاربة، في جميع مواقعهم، من أجل دعم هذه الأسر ماديا ومعنويا لتفادي نكبة مقامهم في الديار الليبية. وقال يزيد أبو الصابون، رئيس الجمعية المنظمة، إن الحفل خُصِّص لتكريم الجالية وللتعبير عن تضامن إخوانهم المغاربة معهم، مبرزا أن «المبادرة هي التفاتة رمزية لفئة تعاني من ظروف اجتماعية صعبة». وكانت الجمعية قد نظمت في عيد المولد النبوي الأخير، حفلا بالمناسبة لأسر الأطفال القاطنين حاليا في المنطقة والجوار تحت شعار «عين حرودة تحتفل بأبناء الجالية المغربية العائدة من ليبيا»، حيث استفاد 250 تلميذا وتلميذة في السلك الإعدادي والثانوي من مجموعة من بذلات العيد واللوازم المدرسية والمَحافظ، مهداة من جمعية «نهضة»، بتنسيق مع مركز التأهيل الاجتماعي، الذي تديره الأخصائية الاجتماعية عائشة عزيزي، والشبكة الجمعوية للتضامن الاجتماعي، التي يشرف عليها الدكتور المتقاعد بوكوس. وحضرت الحفلَ نخبة من الفنانين والرياضيين وفعاليات جمعوية محلية، وتميز الحفل بفقرات فنية وبكلمات المنظمين وبعض أفراد أسر الجالية الليبية، إضافة فقرات موسيقية.