كشف المواطن التونسي فتحي ميموني عن معلومات جديدة في قضية اعتقال نائب وكيل الملك في طنجة؛ وقال، في اتصال أجرته معه «المساء»، إن هناك قاضيا آخر يقف وراء ابتزازه من أجل الحكم لصالحه في قضية معروضة عليه. وقال فتحي إنه التقى بالقاضي المذكور قبل أربعة أشهر في طنجة، ثم عاد إلى الالتقاء به قبل أسبوع تحت مراقبة الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وإن الترتيبات التي اتفق عليها مع أعضاء هذه الفرقة كانت تتوخى إسقاط القاضي الممسك بالملف وليس نائب وكيل الملك المعتقل الذي توسط له، مؤكدا أن هذا الأخير هو الذي أصر على هذه الوساطة. «لقد اتفقت مع المسؤول القضائي المعتقل -يقول المشتكي- على أن أسمله مبلغ 10 ملايين سنتيم كدفعة أولى، على أن أسلمه الدفعة الثانية مباشرة قبل إصدار الحكم»، واستطرد قائلا: «قبل ثلاثة أشهر ضاق بي الأمر، فذهبت عند الوكيل العام في طنجة وأخبرته بأنني سأقتحم محلي بالقوة، فأجابني أنت صاحب حق ونحن نعرف ذلك، لذلك أنصحك نصيحة المسلم لأخيه ألا تفعل هذا». وعن كيفية التفكير في الإيقاع بالقضاة، أضاف المواطن التونسي قوله: «مؤخرا، عدت إلى الوكيل العام في طنجة، وقلت له إن قاضيا وسيطا أخبرني بأن القضاة الثلاثة الممسكين بالملف يطلبون 20 مليون سنتيم كرشوة، وأنا صاحب حق، ولم يسبق لي أن دفعت رشوة، حينها قام هو بالاتصال بجهات عليا ورتبنا الأمور في سرية، ثم جاءت الفرقة الوطنية إلى طنجة مدة 15 يوما قبل اعتقال القاضي». وعن لقائه بمصطفى الرميد، وزير العدل، أكد المواطن التونسي أن «معالي الوزير حذرني من مغبة أن تكون الغاية وراء ادعاءاتي هي الإساءة إلى القضاء، فأجبته بأنني قضيت 30 سنة لاجئا سياسيا في بريطانيا، ولا يمكنني أن أسيئ إلى العدالة». وفي سياق متصل، علمت «المساء» من مصدر مطلع بأن عمليات مراقبة ضباط الفرقة الوطنية للشرطة القضائية للمشتكي التونسي، الذي اتهم قاضي طنجة المعتقل بابتزازه، بدأت يوم 8 يناير الجاري. وتوقع مصدر قريب من التحقيق أن تكشف التحقيقات والتسجيلات الصوتية، التي خضع لها هاتف المشتكي، عن خيوط جديدة حول اتهام مسؤولين قضائيين يعملون في شمال المملكة. وأضاف المصدر ذاته أن المشتكي حاول خلال تلك الفترة الاتصال بعدد من القضاة الذين كانت لديهم ملفات تخصه، إلا أنه لم يتمكن من ملاقاتهم، معتبرا أنه نجح في لقاء القاضي المعتقل الذي وافق على الالتقاء به أمام مطعم الوجبات السريعة، وهو ما جعل ضباط الفرقة الوطنية يتدخلون مباشرة بعد تلقيهم الإشارة الضوئية من المشتكي ويقومون بتوقيف القاضي. وأكد المصدر ذاته أن القاضي المتهم نفى، خلال الاستماع إليه من طرف قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بطنجة، أن يكون المبلغ المالي الذي ضبط تحت الكرسي الذي كان يجلس فوقه بسيارة المشتكي في حوزته. وفي سياق متصل، أكد دفاع القاضي المعتقل أنه سيطالب اليوم الاثنين بالسراح المؤقت لفائدة موكله مع تنظيم ندوة صحافية بعد غد الأربعاء لتسليط الضوء على حقيقة الملف وما وصفه ب»الخروقات التي شابته». وأضاف لحبيب حاجي، في تصريح أدلى به ل»المساء»، أن هيئة الدفاع ستوجه رسالة إلى وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، حول الطريقة التي أدار بها هذا الملف والأخطاء التي عرفتها الإجراءات، لأنه كان عليه أن يباشر الإجراءات بنفسه. واعتبر حاجي أن ما قام به وزير العدل يشكل فضيحة قانونية لم يسبق لأي وزير عدل أن ارتكبها، مضيفا أن الطريقة التي أوقف بها القاضي «كانت غير قانونية لأنها تفتقر إلى حالة التلبس». وفي سياق متصل، أوفد المكتب المركزي للودادية الحسنية للقضاة لجنة من أعضائه لزيارة قاضي طنجة، المعتقل بتهمة الارتشاء في سجن المدينة قصد معاينة ظروف اعتقاله والاطمئنان على حالته الصحية والنفسية. كما كلفت الودادية اللجنة نفسها بالاطلاع على ملف القضية ومدى احترام المساطر المعمول بها في هذا الشأن، وذلك في إطار احترام تام لاختصاص الجهات القضائية المكلفة بالبحث ودون أي تأثير منها على ظروف المحاكمة العادلة. وقال المكتب المركزي للودادية الحسنية للقضاة، عقب اجتماع طارئ عقده يوم الجمعة 20 يناير 2012 بالدار البيضاء، على إثر اعتقال القاضي المذكور، إن مبادرته تنطلق من احترامه لمبدإ «قرينة البراءة هي الأصل»، ويتمنى أن تكون النازلة مجرد محاولة كيدية للنيل من القاضي موضوع الاعتقال، كما يؤكد مواقفه الثابتة وانخراطه الكامل في محاربة الفساد على مختلف المستويات، فيما اعتبرت بعض المصادر أن دخول الودادية ونادي القضاة في هذا الملف هو محاولة لإجهاضه.