- ما هي الرسائل التي أرادت جماعة العدل والإحسان توجيهها من خلال الرسالة الموجهة إلى حركة التوحيد والإصلاح؟ - الرسائل بشكل عام هي وسيلة من وسائل توضيح بعض الأمور، التي تشكل منعطفا مهما تكون له تداعيات على المستوى السياسي والاجتماعي، وبالتالي فحدث فوز حزب العدالة والتنمية بانتخابات 25 نونبر الماضي وتكليف هذا الحزب بتشكيل الحكومة، هو حدث لا يعتبر عاديا، لأن هناك من يعتبر أن الحكومة التي يقودها العدالة والتنمية تمثل ما يسمى التناوب الثاني بعد حكومة التناوب الأول، التي شكلها عبد الرحمان اليوسفي سنة 1998. وحدث تشكيل حكومة يقودها حزب بمرجعية إسلامية من شأنه أن تكون له تداعيات على مجمل الحركة الإسلامية في المغرب، لأنه الآن لا أحد يتحدث عن حزب سياسي، وإنما يتحدث الجميع عن وصول الإسلاميين إلى رئاسة الحكومة، وبالتالي فهذا قد يحدث نوعا من الالتباس لدى الكثيرين، لذلك فجماعة العدل والإحسان حرصت على توضيح موقفها في ما يجري، ونحن نعرف أن الجماعة كانت دائما تستعمل الرسائل لتوضيح موقفها فيما يتعلق ببعض القضايا الكبرى. وأكيد أن الجماعة، من خلال مجلس إرشادها، تريد أن تحدد أو على الأقل أن تبدد هذا الالتباس المتعلق بمكونات الحركة الإسلامية في المغرب، لذلك كانت الرسالة أصلا موجهة إلى المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح أولا، والأمانة العامة للعدالة والتنمية ثانيا، لأن المضمر في هذا الأمر أن الجماعة تعتبر أن حركة التوحيد والإصلاح هي القوة الأساسية التي تمد العدالة والتنمية بقوته.
هل يمكن اعتبار الرسالة خطوة احترازية من العدل والإحسان لتجنب أي فشل للعدالة والتنمية؟ - بكل تأكيد أن جماعة العدل والإحسان تريد أن تزيل الالتباس بينها وبين العدالة والتنمية، والآن حين نتحدث عن الحركة الإسلامية يجب ألا نتحدث عنها بالمفرد، بل يجب أن نتحدث عنها في المغرب بالجمع، لأن هناك مكونات داخل الحركة الإسلامية تتناقض مع موقف حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية، والرسالة تسير في هذا الاتجاه وتنطلق من نقطتين أساسيتين، أولاهما ما ورد في البيان الذي أصدرته الدائرة السياسية للجماعة في 18 نونبر الماضي، عندما قررت الخروج من حركة 20 فبراير، وفي ذلك البيان كانت هناك عبارة تشمل مجموعة من الدلالات، هي «العدالة والتنمية تجسد الإسلام المخزني الذي لا يعمل إلا على إضفاء المشروعية على الاستبداد»، بمعنى أن موقف الجماعة يتضح الآن في هذه الرسالة. أما النقطة الثانية، فالرسالة جواب على موقف الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الذي أصبح رئيسا للحكومة، عندما دعا جماعة العدل والإحسان إلى العمل من داخل المؤسسات وليس من خارجها، وهو ما يقتضي مجموعة من الشروط غير المتوفرة في التجربة المغربية. ما هي الجهات التي وجهت إليها الرسالة إضافة إلى التوحيد والإصلاح والعدالة والتنمية؟ - الرسالة موجهة إلى العديد من الأطراف، وظاهريا هي موجهة إلى المكتب التنفيذي للتوحيد والإصلاح والأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، ولكن باطنيا هي موجهة إلى كل من يهمه الأمر من المغاربة، وإلى هؤلاء الذين اعتبروا أن العدل والإحسان عندما قررت الخروج من 20 فبراير قدمت هدية لحكومة بنكيران، وهذا جواب مفاده أن العدل والإحسان لا يمكن أن تقدم هدية لحكومة يقودها حزب تختلف معه في كل القضايا، والرسالة أيضا موجهة إلى كل الذين قالوا إن خروج العدل والإحسان من 20 فبراير جاء كصفقة مع الدولة، والجماعة، حسب الرسالة، ليس لها مشاكل مع الأشخاص، بل مع بنية النظام الذي يعيد إنتاج الاستبداد. محمد ظريف - أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية