لجأ العدالة والتنمية، الذي عين الملك محمد السادس أمينه العام عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة بعد فوز الحزب بالمرتبة الأولى في انتخابات 25 نونبر، إلى طريقة غير مسبوقة في اختيار وزرائه، إذ صادق مجلسه الوطني بأغلبية مطلقة، يوم السبت الماضي، على مسطرة تحدد معايير اختيار مرشحي الحزب للعضوية في الحكومة. ولعل هذه العملية، التي تعتبر الأولى من نوعها التي يلجأ إليها حزب سياسي مغربي مكلف بتشكيل الحكومة، تظهر سقفا عاليا من الديمقراطية الداخلية في الحزب وتعتبر بمثابة درس سياسي للأحزاب الأخرى التي دأبت على تبني طرق غير شفافة وغير ديمقراطية في تدبير قضية تشكيل الحكومات، طرق تسودها المحاباة والقرابة العائلية وتنتصر فيها العلاقات الزبونية على الكفاءة والجدارة ولا تستند إلى أي معايير سوى معايير الولاءات الشخصية. لقد استفاد حزب العدالة والتنمية من تجارب الأحزاب السياسية الأخرى، التي كانت تعيش حالات انفجار بسبب قضية الاستوزار، ذلك أن التسابق على الحقائب الوزارية يؤدي إلى التضحية بوحدة الحزب الداخلية، لذا فإن الخطوة التي أقدم عليها إخوان بنكيران خطوة ذكية وقيمة مضافة وسط المشهد السياسي المغربي تساعد على تطويق الخلافات وأجواء الاحتقان داخل الحزب الواحد بسبب الاستوزار. كما أن اللجوء إلى مثل هذه الآليات الديمقراطية سيضمن تلاحم الحزب وتماسك صفوفه، خاصة وأنه لأول مرة يشارك في العمل الحكومي بل وتسند إليه مهمة تشكيل الحكومة واختيار مكوناتها. ويقينا أن هذا الدرس السياسي ستأخذه الهيئات الحزبية بعين الاعتبار، وقد يصبح تقليدا حزبيا، ينهي عهد الانفراد باتخاذ القرارات بعيدا عن القواعد الحزبية.