قال البعض بإلغاء وزارة الثقافة نهائيا من القاموس وتعويضها بمجلس أعلى للثقافة، ودعا البعض الآخر إلى إلحاق هذه الوزارة، المسكينة، الفقيرة إلى الله، بوزارة الاتصال، وقال البعض الآخر فليلحقوها بما يشاؤون، فعدمها خير من وجودها.. فماذا غيّرت في ثقافة البلد وسياسته الثقافية؟.. والحق يقال إن لهؤلاء الحق في أن يقولوا ما يريدون، فحرية الرأي مضمونة للجميع، فهناك الرأي والرأي الآخر، وكل واحد يدفن جده كما يشاء وفي أي قبر يشاء، تحت أي سماء يشاء.. وما دام لكل مواطن الحق في أن يبدي رأيه في شيء يهمّه ويهُمّ مصلحة البلاد والعباد، فإنني، أنا العبد الفقير إلى الله، أقترح أن تُلحَق وزارة الثقافة بوزارة الفلاحة ، فلعل وعسى أن ترحم ويفيض عليها الخير كلما فاض خير السماء ونزل المطر مدرارا، مدرارا.. ثم إن الأمر لن يكون فيه أي تعسف إذا علمنا أن الرجوع إلى الأصل في اللاتينية يعود بنا إلى معنى حرث، اعتنى ورعى واستثمر ونمى.. وهذه الكلمات كلها لها معنى الفلاحة. إذن، سيكون الزواج شرعيا مائة في المائة وسيكون التوافق الجيني عظيما، مما سيسهم في احتمال كبير في أن هذا الزواج سيباركه الله «بالزرع والزريعة».. وستجود ضروع البهائم بالحليب. مسكينة وزارة الثقافة، التي لم يحسن معاشرتها لا المثقفين ولا «الخاوين»، لا أحد رحمها وأحسن بها كما يحسن كل زوج عظيم بزوجته، التي تقف وراءه كي يصبح عظيما، فلا أحد جعل منها وزارة عظيمة، وكانت مصيبتها أعظم حينما تولاها «الفلاسفة». وعلى هذا، ونظرا إلى ما أصاب هذه الوزارة، نقترح أن يتولاها فلاح له سجِلّ حافل في فلاحة الأرض والإحسان بالحيوانات والماشية، فإنه -ولا شك- لن يمشي حتى يرعى «ماشيته» ويطعمها خير طعام. فهو قطعاًَ لن ينسى أن «امرأة دخلت الجنة بسبب إطعامها هرة» وأن ما يطعمه لبهائمه صدقة. إذن، من الآن وقبل أن يسمي الوزير الأول بنكيران «أولاده»، يجب ألا ينسى أن يبحث عن فلاح مشهود له بالثقافة العالية وبإنتاجه الغزير في ميادين الفلاحة، الشاسع، ويجعله على رأس «وزارة الثقافة والفلاحة».. في بلد لم يستقم فيه لا عودها ولا عود المثقفين. إن رحمة السماء هي التي يمكن أن تتولى الثقافة في هذا البلد، الفلاحي، ذي الطقس المعتدل والأربعة فصول، أرض الجبال والسهول والصحراء، أرض الأنهار والبحر والأسماك.. أعتقد أنه لا أحد يمكنه أن يعارض إلحاق وزارة الثقافة بالفلاحة، فإن الإبداع، هو الآخر، مثله مثل النبات، محتاج إلى ماء يسقي الأرض العطشى، التي هي في حاجة إلى محراث تكنولوجي مبتكر وليس إلى محراث خشبي لا يحرث إلا لنفسه. ونسأل الله، العلي القدير، أن تكون المواسم القادمة مواسم أمطار لا مواسم قحط وجفاف وهجرة إلى الشمال.. ودمتم سالمين.