في خروج مثير لكثير من التساؤلات حول مبرراته والغاية منه، وجه وزير الثقافة بنسالم حميش رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة المقبلة عشية الانتخابات التشريعية التي جرت أمس، ضمّنها تصوراته ووصاياه لما ينبغي القيام به مستقبلا في مختلف المجالات، مستندا إلى بعض الفقرات من خطب الملك محمد السادس. وحذر حميش رئيسَ الحكومة المقبل من «الحراك الشبابي والاجتماعي الذي يشهده المغرب منذ مطلع هذه السنة 2011»، مضيفا أن «أي مواطن غيور لا يريده أن يتحول إلى عراك، ومن الخطأ الاستخفاف به أو اعتباره سحابة أو موجة عابرة، بل إنه شفرة عميقة وفورة حتمية تمخضتا، ولو بعديا، عن سنوات الجمر ومعالجات أمنوية طال أمدها، ودارت في حلقات غير إنمائية ولا منتجة». حميش، الذي أدلى بدلوه في عدد من القضايا الأساسية من قبيل التشغيل والتعليم والاقتصاد والصحافة والمعطلين، قال إنه يأمل أن «يتوفق الرئيس المقبل» في تشكيل حكومة من ضمن حلفائه الحزبيين (وربما أيضا من خارجهم)، حكومة قوية ذات أغلبية برلمانية منسجمة، متضامنة، لا تشوبها شوائب المزاجية والتهاون». ويرى أنه قد يكون من الأنسب -تجنبا للارتجاجات والمطبات- أن يطلب رئيس الحكومة المقبلة من شركائه الحزبيين، قبل تكوين حكومته وتوزيع الحقائب الوزارية، موافاته لكل حقيبة «بمرشحيْن على الأقل من ذوي الكفاءات المثبوتة، والسير العلمية المعتبرة، والوضع الصحي والأخلاقي السليم». ويردف مخاطبا رئيس الحكومة المقبلة: «إن ممانعتك المشروعة يحسن أن تطال أيضا عديمي الكفاءة وقليلي الخبرة والدربة و«الأبراتشيين» من أي حزب وصنف كانوا. إن موقفك ذاك لمن شأنه أن يقطع الطريق على زمر الانتهازيين والوصوليين -وما أكثرهم- وبالتالي أن يفرج عن ذوي الطاقات والمؤهلات التي يقصيها ويهمشها داخل أحزابها محترفو السياسة السياسوية والماهرون في تدبير أساليبها، من مناورة ومواربة ومخاتلة ولغة خشبية وحسابات ضيقة ومطامع ذاتية جامحة». ويرى حميش أن الإشكال الصعب، أو عصب المأساة في تلبية حق حملة الشهادات في التشغيل، يكمن في أن هؤلاء هم إجمالا خريجو تعليم عمومي ضعف أداؤه منذ ثلاثة عقود ويزيد، مشيرا إلى أنه «بات يمنح دبلومات تضاءلت عموما عبر السنين قيمتُها في سوق التوظيف والشغل»؛ كما يعتقد أن «قضية التعليم ستفرض نفسها على الحكومة المقبلة كقطب محوري وركن ركين، لكن جميع القضايا والملفات تظل متداخلة متعالقة، ولا يحسن النظر فيها إلا بنيويا وشموليا». ووصف حميش وضع المغرب، اقتصاديا واجتماعيا، بكونه «ليس كما نرتضيه ونتمناه، مع أن حصيلة حكومة عباس الفاسي قابلة لأن يُرتكز عليها ويُعوّل، لأنها إجمالا جيدة رغم الظرفية العالمية الصعبة التي عاصرتها». «لذلك -يضيف صاحب الرسالة- سيكون عليك، كما على كل عضو في حكومتك، انطلاقا من تلك الحصيلة، مضاعفة الجهود والاستعانة بالهيئات والمجالس العشرة المدسترة، وجعل المعرفة النيرة في خدمة ثقافة النتائج الجيدة، وذلك قصد النهوض أكثر بكل القطاعات المهيكلة الأساسية...، علاوة على الصحة والتنمية الاجتماعية والخدمات». ولم يتسن ل«المساء» أخذ رأي وزير الثقافة حول رسالته المفتوحة والهدف من نشرها في هذا التوقيت بالذات، لوجوده في اجتماع طيلة صبيحة أمس الجمعة.