ألحقت الأمطار، التي هطلت مؤخرا، أضرارا بليغة بمخيم الاعتصام الذي يقيمه المتعاقدون مع التكوين المهني، المتخلى عنهم، أمام مقر الإدارة العامة في الدارالبيضاء منذ ما يزيد على أربعة أشهر. وقد تعرضت أغراض وأمتعة المعتصمين، من أفرشة وأغطية، للتلف جراء مداهمة المياه التي فاقت، بالنظر إلى ارتفاع منسوبها، المستويات المنخفضة لقطع الخشب والمتلاشيات التي حولها الغاضبون إلى ما يشبه الأسِرَّة. أما قطع البلاستيك التي يتدثر بها المعتصمون عند استسلامهم للنوم، والتي تجعلهم «يبدون في صورة أكياس ممدة جنب الحائط»، وفق تعبير أحدهم، فإنها عجزت هي الأخرى عن صد المياه التي طالت، لكثرتها وقوة الرياح المصاحبة لها، كل الزوايا وبللت كل الأمتعة. «لقد أخذ منا المرض مأخذه، وبات جُلنا يعاني من داء ما سكن أطرافه»، يقول (ن.م) الذي يرى أنه ورفاقه في الاعتصام باتوا يحملون معهم ما وصفه ب»ندوب حركتهم الاحتجاجية» في ذواتهم، إذ يعز أن تجد منهم من لازال سليما معافى. ويذهب محدثتا بعيدا عندما يشير إلى بواكير علامات الهلوسة التي باتت تبدو، بين الحين والآخر، على البعض منهم، مستدلا على ذلك بما نعته ب«الأخبار غير السارة» لما يتوقع أن يقدم عليه «اليائسون جدا» إن استمر الوضع على ما هو عليه لبعض الوقت. من جهته، قال إطار آخر من المتعاقدين المتخلى عنهم، أثناء حديثه إلى «المساء»، بصوت خفيض يوحي بتقدم حالته المرضية، إن الوضع العام لحركتهم الاحتجاجية بلغ عنق الزجاجة، و«لم يعد لدى الغاضبين ما يخسرونه»، وأضاف أن، لأول مرة في تاريخ المغرب الحديث، يبيت الرجال والنساء في العراء لما يقارب الخمسة أشهر طلبا لحق من الحقوق. ويذكر أن قصة الحركة الاحتجاجية الطويلة للمتعاقدين مع التكوين المهني قد بدأت منذ تخلي الأخيرة عنهم بعد إجراء امتحان للكفاءة المهنية، حيث دفعهم ذلك إلى تكوين سكرتارية تابعة للجامعة الوطنية للتكوين المهني، المنضوية بدورها تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، وذلك بغية تنظيم جهودهم للمطالبة بالعودة المباشرة إلى مقار عملهم. ويشار إلى أنه سبق لمديرية الموارد البشرية بالإدارة العامة للتكوين المهني أن أجرت العديد من اللقاءات مع ممثلي المتعاقدين بغية النظر في مطالبهم، إلا أنه، وإلى حدود بداية الشهر الخامس من الاعتصام المفتوح، لم تتم تسوية المشكل بعدُ.