انتقد ميغيل أنخيل موراتينوس، وزير الشؤون الخارجية الإسباني السابق، استمرار توظيف مواضيع بعينها، مثل قضية الصحراء وسبتة ومليلية والسردين والطماطم والبرتقال لإثارة فتيل الأزمة من جديد بين مدريد والرباط بعد كل فترة انفراج في علاقات البلدين الجارين «المتباعدين». دعا موراتينوس، في ندوة بالرباط شارك فيها عمر عزيمان السفير السابق بمدريد والعربي المساري القيادي في حزب الاستقلال، إلى الانتقال بعلاقات مدريد من مجرد بحث عن المصالح المشتركة للبلدين إلى شبكة مصالح يتم التنسيق للدفاع عنها على صعيد كل الجبهات. ورغم أن موراتينوس قال إنه يرفض توجيه أي انتقاد لسياسة بلاده تجاه المغرب، فإنه شدد على ضرورة تعزيز آليات التفاهم بين الجانبين والتطلع للمستقبل المشترك مع «دفن بعض الأساطير القديمة». كما اعترف بأن «المغاربة يعبرون عن إرادة سياسية قوية لتعميق التفاهم وتعزيز التعاون مع جيرانهم». ورسمت الشخصيات الثلاثة صورة عن علاقات مدريد والرباط تتسم بإرادة مغربية لتعميق التعاون وإصرار إسباني على اعتبار المغرب «جارا سيئا». وقدم موراتينوس وصفته لتجاوز مرحلة الأزمات المتكررة، وتتمثل بالأساس في «إزاحة رائحة السردين عن العلاقات المغربية الإسبانية»، وهو تعبير سبق للمساري أن وظفه في الحديث عن أبرز أسباب الأزمات المغربية الإسبانية. أما عمر عزيمان، سفير المغرب سابقا في مدريد، فشبه العلاقات المغربية الإسبانية ب«أسطورة سيزيف»، لأنها «لا تغادر أزمة إلا لتدخل في أخرى»، وشدد عزيمان على أن العلاقات المغربية الإسبانية تشوبها تناقضات كبيرة». ولوضع حد لهذه التناقضات، دعا عزيمان إلى «إعادة كتابة التاريخ المشترك للبلدين بعيدا عن الصور النمطية والأفكار المسبقة التي يكونها الرأي العام الإسباني عن المغرب». وقبل ذلك، يجب، حسب عزيمان، أن يتوقف الإسبان عن اعتبار المغرب موضوعا سائغا يمكن للجميع الخوض فيه. وقال في هذا السياق، «إسبان كثر لا تكون لهم أدنى معرفة بالمغرب، ومع ذلك، لا يتوانون عن الخوض في شؤونه باعتبارها في متناول أي كان». وسلم العربي المساري، وزير ودبلوماسي مغربي سابق، بأن «العلاقات المغربية تطبعها مشاكل دائمة»، وقال إن من أسباب هذه المشاكل استمرار الإسبان في النظر إلى «المغاربة باعتبارهم يعيشون في الماضي، بينما هم في الحقيقة معاصرون لهم ولهم عين على المستقبل». وشدد المساري على أن استمرار النظر إلى المغرب الراهن بعين الماضي يعتبر من المقاربات الخاطئة التي يتبناها الإسبان في معالجتهم للقضايا المغربية. ويبدو هذا المعطى بجلاء في «كيفية تعاطي الإعلام الإسباني مع أخبار المغرب في ملفات تهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية والإرهاب والصيد البحري. وتأسف الوزير والدبلوماسي المغربي السابق على توسع دائرة هذه المقاربة لتشمل أيضا مثقفين وممثلين. وذكر كيف رفض المخرج الإسباني ألمودوفار تكريمه المهرجان الدولي للسينما بمراكش. وكيف يفضل الممثل خافيير بارديم دار الضيافة في تيندوف على القدوم إلى المغرب في خطوة تمس بمصالح المغرب. ودعا المساري الإسبان إلى تبني ذات الرؤية الفرنسية حول المغرب، والقطع مع اعتبار «الجغرافيا الممتدة من طنجة إلى دكار مضرة بمصالح مدريد» حتى لا يبقى ثلث الإسبان يقولون إن «المغرب جار سيء».