في ابن احمد، كان كل شيء يسير بشكل عادي، إلى أن كسر رنين الهاتف هدوء المكان، فقد حرك الاتصال رجال الدرك الذين كانوا منهمكين في عملهم، كان الاتصال من طرف شخص ينحدر من دوار الراي، يشعر فيه الدرك بأن شخصا في حالة هستيرية اعتدى على والدته بالضرب والجرح، وأن هذا الأخير كان مسلحا بسكين وعصا، وعلى إثر ذلك انتقلت عناصر الدرك الملكي إلى الدوار المذكور، وعند وصولها إلى المكان وجدت امرأة طاعنة في السن، تبلغ من العمر حوالي 70 سنة، ملقاة على الأرض مصابة في مقدمة رأسها، تحمل جرحا غائرا ينزف دما، وتشكو من ألم في ذراعها الأيسر ورجليها، وبجانبها حبل معلق إلى الحائط وأكياس من القمح، فتم نقلها إلى المركز الاستشفائي الجهوي الحسن الثاني بسطات. عند الاستماع إلى جار الضحية أفاد بأنه سمع صراخا في منزل خالته الضحية، مساء يوم الحادث، ولما خرج وجد المتهم في حالة هستيرية يحمل عصا وسكينا وحاول ضرب كل من يقترب منه، ولما دخل إلى المنزل رفقة بعض الجيران وجدوا الضحية معلقة من رجليها بواسطة حبل، وتحمل جروحا على وجهها، وأضاف أن الضحية تسكن مع ابنها المعتدي الذي يعاني خللا في عقله. شجار دائم عند الاستماع إليه تمهيديا، أفاد المتهم بأنه تشاجر مع والدته عدة مرات وكان يهددها بالقتل، وفي كل مرة كان يتدخل الجيران فيعدل عن فكرته، وأضاف أنه كان رفقة والدته بعد صلاة عصر يوم الحادث ودخل معها في نزاع، فشرعت تصرخ فتدخل الجيران وفر في اتجاه منزل أخته صباح اليوم الموالي بعد أن قضى الليل قرب إحدى المدارس، فسلمه زوج أخته قميصا استبدل به القميص الملطخ بالدم. وعند استنطاقه ابتدائيا أفاد المتهم بأنه تبادل الضرب والجرح مع والدته وأشخاص آخرين فلطخت ملابسه بالدم، ثم فر بعد ذلك موضحا أنه يجهل ما أصاب والدته. وعند استنطاقه تفصيليا أجاب المتهم بأنه اعتدى على والدته بالضرب بواسطة قضيب حديدي على إثر نزاع مع مجموعة من الأشخاص الآخرين. إفادة الشهود أفاد أحد الشهود بأنه سمع ابني الضحية بعد صلاة عصر يوم الحادث يرددان عبارة «التحقوا بالمنزل لأن المتهم قتل والدته»، ولما التحق بالمنزل وجد الضحية معلقة من رجلها اليمنى إلى سقف المنزل، وتحمل ضربة على مقدمة رأسها وكسورا في يدها اليسرى بعد أن أحاطها بأكياس من التبن والشعير، وكانت وقتئذ تحتضر. وأوضح الشاهد أن المتهم اشتد مرضه في الأيام الأخيرة وأنه يقيم مع والدته تحت سقف واحد، وأن المتهم كان مسلحا بعصا وسكين ووتد وأنه فر بعد ذلك. وأكد شاهد آخر ما جاء على لسان الشاهد الأول، وأضاف أن المتهم كان مسلحا بوتد وعصا ملطخين بالدم وكذلك ملابسه. وأفادت أخت الجاني بأن أخاها المتهم يعاني من مرض نفسي قبل الحادث ولما التحق بمنزلها بعد ذلك شاهدت ملابسه ملطخة بالدم، إلا أنها لم تكن تعلم وقتئذ أنه اعتدى على والدتها، وصرحت بأن أخاها المتهم يقيم مع الوالدة الضحية في منزل واحد. توبع المتهم بارتكابه جناية القتل العمد في حق أحد الأصول، وهي الأفعال المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 396 من القانون الجنائي. اعترف المتهم أمام هيئة المحكمة بأنه اعتدى على والدته بواسطة وتد. كما أكد الشهود بأن العصا والوتد وملابس المتهم كانت ملطخة بالدم، وحيث إن المتهم كان يستهدف إزهاق روح والدته، التي ثبت من خلال تقرير التشريح الطبي أن موتها كان بسبب الضربات العديدة التي تلقتها بالسلاح الأبيض، فإن كل تلك المعطيات جعلت المحكمة تقتنع بأن جناية القتل العمد في حق أحد الأصول ثابتة في حق المتهم. وأمرت المحكمة بإجراء خبرة طبية على المتهم من أجل فحصه للتأكد مما إذا كان مصابا بخلل عقلي كلي أو جزئي يوم اقترافه الأفعال المنسوبة إليه، فانتهى الخبير إلى أن مسؤولية المتهم ناقصة.