سيجد المستثمرون الذين ينتظرون أن يهدأ غبار الحرب الكثير من الوعود وبعض المآزق في ليبيا بعد انتهاء حكم العقيد معمر القذافي. وإذا أقر السلام في أكبر دول إفريقيا إنتاجا للنفط، بعد حرب أهلية بدأت قبل ستة أشهر سيزدهر الاقتصاد الكامن منذ فترة طويلة بسرعة بشرط عدم إلحاق أضرار كبيرة بالبنية الأساسية لقطاع النفط والغاز ما سيدعم الثروة القومية. وتبقى الكثير من الأمور غير محسومة مع سيطرة قوات المعارضة على طرابلس في مسعاها الأخير لإنهاء حكم القذافي المستمر منذ أكثر من 40 عاما، لكن أي حكومة جديدة قد تشهد طفرة في إقبال الشركات والمستثمرين الغربيين. وقال عماد مشتاق مسؤول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة رليجار كابيتال ماركتس «ليبيا دولة غنية للغاية ولا تحتاج لأموال أجنبية بل للخبرة الأجنبية. وهذه قد تكون بداية تجربة رأسمالية يحركها النفط والغاز يمكن أن تحقق أموالا وفيرة.» ورغم أن الاقتصاد الليبي أقل تقدما من اقتصادات بقية دول شمال إفريقيا حتى قبل الحرب، فإن لديه موارد وفيرة يمكن توجيهها إلى إعادة بناء الدولة. ويقول سيفن ريشتر، مدير الأسواق الأجنبية في «رنيسانس أسيت منجمنت»، إنه إذا أضيف ذلك إلى عدد سكان محدود يبلغ نحو 6.4 ملايين نسمة ومعايير تعليم تضاهي مستوياتها في اقتصادات ناشئة مثل ماليزيا والمكسيك، تكون ليبيا في وضع يؤهلها للانتعاش. ويمكن كذلك لصندوق إدارة ثروات تأسس عام 2006 لإدارة عائدات النفط الليبي أن يكون حيويا إذا لم تطهر الحكومة الجديدة جميع العاملين الذين كانت تربطهم صلة بالقذافي. ومازالت المؤسسة الليبية للاستثمار تملك مليارات الدولارات كأموال سائلة وعددا من الحصص في شركات غربية كبرى مثل بيرسون وأوني كريديت. كما أن الاستثمار من الصندوق يمكن أن يوسع نطاق الاقتصاد الليبي بعيدا عن النفط ويساعد على جذب صناديق سيادية أخرى ومستثمرين أجانب يستثمرون في الأجل الطويل.لكن تظل السياسة هي العامل الرئيسي. ويقول رضا أغا، الاقتصادي المختص بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في أر.بي.إس «في الأسبوعين الماضيين تزايدت الشكوك بشأن وحدة المعارضين، خاصة بعد مقتل اللواء عبد الفتاح يونس قبل أسبوعين», وقال أغا «بعد القذافي هناك افتقار لمؤسسة أو فرد يتوحد حوله الجميع. في مصر وتونس على سبيل المثال كان للجيش مكانة كبيرة بين الناس». وإذا تماسكت الحكومة الجديدة فإنها من المرجح أن تكون صديقة للغرب بعد أن وصلت إلى السلطة بدعم من غارات جوية شنها حلف شمال الأطلسي. وقال مسؤول من شركة الخليج العربي للنفط الليبية، إن الشركة قد تواجه صعوبات في العمل مع الصين وروسيا والبرازيل، وهي الدول التي عارضت فرض عقوبات مشددة على القذافي. لذلك تبدو الشركات الغربية في وضع جيد مع ظهور فرص لمشروعات تنقيب عن النفط بمليارات الدولارات في إطار جهود إعادة البناء. وتوقع مشتاق أن تستفيد البنوك والشركات القطرية، عندما تفتح ليبيا أبواب الاستثمار. وسارعت قطر بإقامة علاقات مع المعارضين الليبيين وكانت أول دولة عربية تساهم بطائرات في تنفيذ حظر طيران فوق البلاد. ومن المرجح أن تركز الحكومة القادمة على زيادة الطاقة الإنتاجية للبلاد اعتمادا على احتياطياتها من النفط التي تعد تاسع أكبر احتياطيات في العالم. ويرى المستثمرون كذلك فرصا في القطاع المصرفي وقطاع التأمين في ليبيا، والذي تمتع بإقبال من جانب مستثمرين أجانب لفترة وجيزة بعد رفع عقوبات غربية على ليبيا عام 2004.