سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بصير: «أعتز بمساري الجيد مع المنتخب المغربي الذي سجلت له العديد من الأهداف الحاسمة» عندما حرمت الإصابة بصير من اللعب رفقة «الأسود» في أولمبياد برشلونة 1992
ينسل من بين الأرجل ويسجل في مساحة خرم إبرة.. صلاح الدين بصير، اللاعب الذي صنع بالأهداف فرحة كل المغاربة. هتف باسمه الجمهور كثيرا.. نظموا له أغنية تشجيع خاصة.. كان اللاعب قد كسب شعبيته مع فريق «الرجاء»، كان هدّافَها المطلق.. وعندما كبر طموحه، التحق بفريق «الهلال»، السعودي ثم ب«مايوركا»، الإسباني، و«ليل»، الفرنسي، ف»سالونيك»، اليوناني.. كانت التجربة الاحترافية رائعة بكل المواصفات وكان اللاعب يترجم ثقة الأندية التي جاءته، يوما، تطلب وده بالعطاء.. كان يخلق الاستثناء وحده، يصنع الحدث ويحول كل الأشياء من حوله إلى زوايا فرح.. ومعه عبَر المنتخب المغربي إلى المونديال.. كان ورقة هنري ميشال الرابحة، ففي فرنسا سنة 1998، كان الحلم كبيرا، وكان بصير يرسم بالقدم أحلى لحظات القدر... «المساء» تفتح ذاكرة صلاح الدين بصير.. تدعوكم إلى التعرف على تفاصيل أخرى من حياة لاعب كبير، صنع جزءا من مجد الكرة المغربية. بصير مع «الأسود» كان مسار بصير الاحترافي مفيدا، لكن اللاعب لم يحقق خلاله نجاحا كبيرا في حجم سمعته الرياضية. كان القدَر أكبرَ من طموحه، فما بين المرض والإصابة، عانى اللاعب كثيرا واستسلم، في الأخير، لمصيره. كان عليه أن يُنهيَّ مساره الرياضي مكرها لا بطلا، هو الذي عشق الكرة حد الجنون.. ولكنه كان يعيش المتعة كاملة داخل صفوف المنتخب المغربي. كان الجمهور المغربي يتغنى باسمه في أحيان كثيرة.. «كانت بدايتي مع المنتخب المغربي في قسم الشبان، ثم انتقلت إلى صفوف المنتخب الأولمبي مع المدرب وارنر، كان ذلك في سنة 1992. كان علي المدرب وارنر يعتمد علي كثيرا مع المنتخب الأولمبي. كنت صغير السن حينها، ولكن الحظ كان يعاندني باستمرار، إذ قبل التوجه إلى برشلونة، وأثناء فترة الإعداد في ألمانيا، سقطت على كتفي وأحسست بألم شديد كان يصعب معه اللعب رفقة المنتخب، والنتيجة حرماني من المشاركة في الألعاب الأولمبية في برشلونة. وفي الموسم الموالي، نادى علي المرحوم بليندة إلى صفوف المنتخب. لم أكن لاعبا رسميا حينها. وفي موسم 94-95، نادى علي المدرب الراحل العماري وحميدوش. لعبنا مباراة ضد منتخب ساحل العاج. ولكن رسميتي كانت مع المدرب هنري ميشال سنة بعد ذلك. وكانت أول مباراة لي معه ضد منتخب مالي، ولعبنا بعدها مباراة ودية ضد تونس. لم نتأهل إلى نهائيات سنة 1996، وكانت مشاركتي جيدة في نهائيات بوركينا فاصو 1998، ولكن النتائج لم تكن سارة للجمهور المغربي. كنا نملك كل الحظوظ للفوز باللقب القاري، بحكم توفرنا على لاعبين جيدين، وفازت مصر بالكأس، بعد أن كنا قد هزمناها في مرحلة سابقة بهدف جميل للاعب مصطفى حجي»... هداف المنتخب لم يكن الحظ بجانب الأسود في كأس كان الفوز بها أقرب إليهم أكثر من أي وقت مضى. كان المنتخب يتوفر على العديد من اللاعبين الذين يملكون مؤهلات رياضية كبيرة، وكان بينهم انسجام كبير. وكان الدخول بعد ذلك في الإقصائيات المؤهلة إلى مونديال فرنسا 98. كان بصير هداف المنتخب ونجمه الكبير. «سجلت 11 هدفا في 12 مباراة إقصائية. كان حضوري لافتا جدا، واستحق المنتخب المغربي تأهله، وأذكر أنه ضد غانا كانت المباراة قوية جدا. كان المنتخب الغاني قد وضع علي حراسة لصيقة، وأصبت بعدها ليتمّ تعويضي بخالد رغيب، الذي سجل هدف التأهل الرائع إلى المونديال. استقبلنا الملك الراحل الحسن الثاني وشجّعنا كثيرا وكان التوجه إلى فرنسا بمعنويات عالية». طرائف ومواقف يعيش بصير حياة بسيطة. لديه علاقات كثيرة مع الجميع، ويقضي أغلب أوقاته في العمل الجمعوي، بحكم رئاسته «جمعية درب غلف للتنمية»، التي هدفها إقامة العديد من الأنشطة الرياضية والاجتماعية وتقديم دروس الدعم. وقد عاش اللاعب خلال مساره الرياضي العديد من الطرائف. ففي سيراليون، وبمناسبة الإقصائيات المؤهلة إلى مونديال فرنسا، كان الجو حارا في شهر رمضاني ما يزال كل اللاعبين يذكرون أحداثه المثيرة. كان بصير قد أخذ معه في حصة التداريب حذاءين، وحين همَّ بانتعال أحدهما الذي يحمل رقم 40، وجده ضيقا جدا. لم يتمكن من انتعاله، ليكتشف بعدها أن الحذاء قد انكمش بفعل حرارة الشمس التي كانت تعرفها سيراليون.. فكان الحل أنْ بحث اللاعب عن حذاء آخر بديل، ولم يجد إلا حذاء الإطار الوطني رشيد الطاوسي، الذي كان يكبره ولكنه جاء على مقاسه. انتعله ووقع به على لقاء كبير، سجّل هدفين وفاز المنتخب المغربي خارج قواعده في واحدة من «الحكايات» التي يتذكرها بصير باستمرار... ومرة أخرى، في إحدى الدول الإفريقية، جنوب الصحراء، استرخى صلاح الدين قرب جانب الملعب. لم يكن يرغب في التدريب بحكم الحساسية التي كان يعاني منها كثيرا، فجاءه اللاعب السماحي التريكي يدعوه إلى التدرب رفقة عناصر المنتخب، لكن بصير أخبره أنه لن يستطيع ذلك، لكي لا يتعرض لأمراض جانبية. لكن التريكي كان ملحاحا. أصَرّ على أن يشاركهم بصير حصة التداريب، وهو ما تم له بعد أن أصر التريكي على ذلك ولكي يؤكد بصير لزميله حُسن نواياه. وحدث أن ابتعد التريكي من أجل شربة ماء، وعاد ليجد بصير وقد أكمل تداريبه وذهب ليستريح قرب الملعب، وحين جلس إلى جانبه أصيب بالذهول، أخبره باستغراب أنه «انتفخ» على غير العادة، فقال له بصير: لقد كنت أعلم أنني بعد كل ربع ساعة من التداريب في جو حار ينتفخ جلدي بشكل لا يصدق، وهو ما أخبرتك به ولكنك أصررتَ على أن أتقاسم معك حصة التداريب، فلبيتُ طلبك فقط لكي تتأكد من صدق أقوالي... لقد كان الموقف طريفا، حين تفاجأ السميحي بهذا الانتفاخ الغريب واقترح على بصير العلاج عند طبيب مختص من أقاربه في فرنسا. ومنذ ذلك اليوم، كلما التقاه التريكي يسأله إن كان ما يزال ينتفخ بفعل التداريب في جو حار جدا.. لقد كان موقفا طريفا ما يزال يسكن ذاكرة صلاح الدين بصير حتى الآن. يحتفظ بصير بعلاقته باللاعبين الذين رافقوه خلال مساره الرياضي، خاصة مع المنتخب المغربي، ما زال اللاعب يجتمع بجميع أصدقائه القدامى، وهو سر تفوق منتخب 1998، الذي أسعد ملايين المغاربة في مباريات كان بصير أحد أسمائها الكبيرة.