أدلى وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الناصري، بتصريحات في منتهى الخطورة، لا تنم عن وجود أي «نضخ» داخل الحقل السياسي في بلادنا.. قال الناصري: «إن المغاربة لم يصلوا إلى النضج الكافي لدفع السلطات إلى تحمل مسؤولياتها»، مضيفا، في حوار مع الزميلة «أخبار اليوم» يوم أمس الاثنين، أن «الرأي العام المغربي لم يصل إلى مستوى النضج الكافي».. قالها «بكل احترام» في معرض حديثه عن تكاثر الأحزاب السياسية. من حق السيد الوزير أن يقول ما يشاء، لكن ليسمح لنا السيد الناصري بطرح هذه الأسئلة: ماذا يقول السيد الوزير في 98 في المائة التي صوتت ب«نعم» للدستور؟ هل هذه النسبة من المغاربة صوتت بدون نضج؟ ثم إذا كان الأمر كذلك، فلماذا ضيعنا المال والوقت في استفتاء شعب غير ناضج؟ ثم هل كان السيد الناصري يتحدث بصفته مسؤولا في الحكومة الحالية أم بصفته مجرد قيادي لحزب التقدم والاشتراكية؟ وإذا كان يرى أن فكرته تلك سليمة وله أن يدافع عنها، فما هي إنجازات السيد الناصري في حزب يخول له الدستور تأطير المواطنين إلى جانب الأحزاب والهيئات الأخرى؟ لم يدرك الناصري أن ذلك الحكم الذي أصدره في حق الرأي العام المغربي هو حكم في حق حزبه وفي حق الأحزاب السياسية الأخرى، فهل يريد أن يقول، بطريقة مغايرة، إن هذه الأحزاب اهتمت منذ نشأتها بالبحث عن المكاسب الانتخابية وتركت الرأي العام بدون تأطير؟ المشكلة، معالي الوزير، ليست في الرأي العام، فالمغاربة الذين خرجوا إلى الشارع مطالبين بالإصلاح والتغيير هم جزء من هذا الرأي العام، كما أن المطالب المنادية بمحاربة الفساد وفساد النخبة السياسية ونهب الثروات الوطنية هي مطالب تعبر عن نضج سياسي، لكن المشكلة في من حاول الالتفاف على هذه المطالب وأدخلها إلى «الطنجرة» لكي يخرجها في شكل طبخة جديدة مكيفة على مقاسه. وإذن فكلام الوزير غير مسؤول وغير ناضج لأنه قد يعني «ربما» أن الغالبية غير الناضجة هي التي وافقت على الدستور الجديد، وأن الفئات التي خرجت لتعبر عن رفضها لهذا الدستور هي الفئات «المتنورة». نرجو من السيد وزير الاتصال أن يعيد النظر في كلامه، فسيبدو له غير سليم من الناحية السياسية، اللهم إذا كان يتحدث كمحلل سوسيولوجي، وفي هذه الحالة سيرى أن الأحزاب السياسية مسؤولة عن الثقافة السياسية الحالية التي ينتقدها عضو التقدم والاشتراكية. لكن هل من «النضج» أن يتقاضى مسؤول حزبي في وضعية «موظف شبح» راتبا شهريا من المال العام؟ سؤال بدون جواب.