أعطت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمجلس العلمي الأعلى توجيهات لجميع خطباء المساجد في المملكة بأن تكون خطبة يوم الجمعة المنصرم موحدة، بحيث تصب في اتجاه تأييد مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء الشعبي. لكن الغريب في الأمر أن تلك التوجيهات جاءت مباشرة على بعد حوالي أسبوع واحد عن الهجوم الذي تعرضت له هذه الفئة من الخطباء والأئمة والمؤذنين والقيمين الدينيين أمام البرلمان عندما خرجوا في أول مسيرة لهم للاحتجاج والمطالبة بإنصافهم، دون أن يتحرك وزير الأوقاف أحمد التوفيق للدفاع عن هذه الفئة التي يمثلها. هناك انتقادات للخطباء بسبب زجهم بأنفسهم في قضايا السياسة وإدخال المنبر في أمور ترتبط بالعمل السياسي، وهناك أيضا مواقف ترى أن العلماء لا يجب أن يبقوا على الحياد وأن عليهم أن يبدوا وجهات نظرهم في كل القضايا، بما فيها تلك التي تهم الشأن السياسي لأنها من قضايا الشأن العام الذي يعني جميع المغاربة. لكن بين وجهتي النظر هاتين هناك سياسة الوزارة والمجلس العلمي الأعلى التي تريد لهؤلاء العلماء أن يكونوا مجرد موظفين ملحقين بهما، يأتمرون بأوامرهما ويخضعون لتعليماتهما. لقد وضعت الوزارة والمجلس العلمي الأعلى ما سمي ب«ميثاق العلماء» الذي صرفت عليه أموالا طائلة من ميزانية الدولة، دون أن يأتي بأي نتيجة، لأن تأهيل العلماء التأهيل المناسب سوف يؤدي بالضرورة إلى إنهاء الوصاية عليهم، وهو ما لا تريده الوزارة ولا المجلس العلمي الأعلى الذي يبقى هو نفسه غير مستقل في قراراته. وهنا نتساءل: لماذا افترض وزير الأوقاف أن جميع خطباء المساجد الموزعين على مساجد المملكة هم مع الدستور وينبغي أن يدعوا المصلين إلى التصويت عليه ب«نعم»؟