في خطوة إيجابية، أقرت الحكومة الموريتانية رسميا تعديل قانون الصحافة لإلغاء حبس الصحفيين في قضايا النشر بعد مطالبات واسعة من قبل المؤسسات الصحفية والهيئات الحزبية والبرلمانية. وقال وزير الاتصال الموريتاني حمدي ولد محجوب، في مؤتمر صحفي عقد مساء أول أمس الأربعاء، إن الحكومة قررت تغيير ثلاث مواد أساسية في قانون الصحافة، اثنتان منها تجرمان الإساءة إلى رئيس الجمهورية ورؤساء الدول والحكومات الأجنبية والسفراء المعتمدين في موريتانيا وتعاقبان مرتكبيها بالسجن والغرامة المالية. وأوضح ولد محجوب أن المادة الثالثة تنص على عقوبة السجن والغرامة المالية في حق المسؤولين عن نشر أخبار كاذبة عن سوء نية من شأنها إثارة الاضطرابات العامة أو الحط من معنويات القوات المسلحة. وأكد أنه تم إلغاء عقوبة الحبس في كل القضايا السابقة مع الإبقاء على الغرامة صونا لحقوق الضحايا، مشيرا إلى أنه تم إبقاء عقوبة الحبس في مادة واحدة تتعلق بالتحريض على الكراهية والعنصرية والإشادة بالجريمة والدعوة إلى ما يناقض القيم البشرية. وأكد ولد محجوب أن التعديل الجديد أحيل البارحة على البرلمان من أجل إقراره قبل انتهاء الدورة البرلمانية الحالية التي تعتبر الأخيرة ضمن الفترة التشريعية الحالية. ويعد إلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر أحد المطالب الصحفية القديمة التي ناضل الصحفيون الموريتانيون وتظاهروا كثيرا من أجل تحقيقها. وكان الفريق البرلماني التابع لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل الإسلامي) قد أودع، قبل أيام، لدى مجلس الشيوخ طلبا بتعديل قانون الصحافة لإلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر. وكانت عقوبات الحبس المنصوص عليها في القانون الموريتاني تتراوح بين أسبوعين وخمس سنوات سجنا نافذا، بالإضافة إلى غرامات مالية قد تصل إلى عشرة ملايين أوقية. وقد ثمنت الهيئات الصحفية القرار الحكومي وأبدت ارتياحها له، ولكن نقيب الصحفيين الحسين ولد امدو قال إنها خطوة، على أهميتها ومحوريتها، ناقصة وغير مكتملة بسبب بقاء عقوبة الحبس قائمة في حق المتهمين بنشر قضايا تثير الكراهية والعنصرية. وأكد أنه من غير المناسب الاحتفاظ بعقوبة حبس الصحفيين في أي قضايا مهما كانت طبيعتها، وطالب البرلمانيين بإكمال الخطوة من جانبهم بالمصادقة، عند عرض المشروع عليهم، بإلغاء العقوبة بشكل نهائي. ويشير كل من الحسين ولد امدو، والتاه ولد أحمد إلى أن مطلب إلغاء الحبس في حق الصحفيين ليس المطلب الوحيد للصحفيين الموريتانيين، فهناك مطالب جمة لا تزال معلقة، من أهمها فتح مصادر الأخبار أمام الصحفيين، خاصة المصادر الرسمية التي ينعقد الإجماع في القطاع الصحفي الموريتاني على انغلاقها وقلة تجاوبها مع الصحفيين. ومن المطالب أيضا زيادة المؤسسية وتعميقها في المؤسسات الصحفية، وتفعيل السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية، وتكوين العاملين في الميدان، وتسريع إجراءات الدعم العمومي للصحافة المستقلة. وقد تعهد الرئيس الموريتاني، في لقاء سابق مع نقابة الصحفيين، بإلغاء هذه العقوبة، كما طالب عدد من الأحزاب السياسية والفرق البرلمانية بإلغائها تعزيزا للحرية وتعميقا لممارسة الديمقراطية. من جانبه، أكد وزير الاتصال الموريتاني أن حكومته ماضية في إصلاح القطاع الصحفي، وأنها قطعت أشواطا بعيدة في تحديث قانون الصحافة، حيث حولت تبعية القطاع من وزارة الداخلية إلى العدل، وألغت شرط الإذن المسبق، واستبدلته بنظام التصريح بالنسبة إلى الصحافة الورقية لدى وزارة العدل، واستحدثت قانونا جديدا للإعلام الإلكتروني وآخر للدعم العمومي للصحافة المستقلة.