يعتزم المحتجون في اليونان محاصرة البرلمان في العاصمة أثينا لمنع النواب من مناقشة الإجراءات الجديدة للتقشف التي ستفرضها حكومة جورج باباندريو بناء على طلب المقرضين الدوليين وسط تنديد شعبي واسع. وتسعى دول منطقة اليورو إلى الحد من خلافاتها حول وسائل إشراك الدائنين في القطاع الخاص في مساعدة اليونان، مع هامش مناورة ضيق جدا وتحت نظر وكالات التصنيف المالي التي تراهن على تخلف البلاد عن سداد ديونها. ويتمثل رهان المحادثات التي سيجريها وزراء مالية منطقة اليورو، الذين سيجتمعون يوم الثلاثاء المقبل اعتبارا من الساعة الثانية بتوقيت غرينتش في بروكسيل، في التخفيف من عبء الدين اليوناني الضخم البالغ حوالي 350 مليار يورو على البلاد من دون اعتبارها في حالة إفلاس. وسيوسع اللقاء مساءً ليشمل دول الاتحاد الأوربي جميعها من أجل مناقشة أنجع وسائل تجنب أزمات ديون جديدة، بصورة عامة. وقال حاكم بنك فرنسا المركزي كريستيان نواييه «يناسبنا التوصل إلى حل يجنب خطر التخلف عن الدفع». وتابع محذرا: «إن تعذر العثور على حل، وإذا ما تعرضتم للدين على الرغم من كل شيء وتسببتم في تخلف عن السداد... فعليكم الاستعداد لتمويل دين اليونان كاملا». واعتبر أن أي تعديل في التسليفات اليونانية سيكون عملا يشبه التخلف عن الدفع ويؤدي إلى تدهور تقييم وكالات التصنيف وردود فعل كارثية متتالية، سواء في البلاد نفسها أو لدى جيرانها في منطقة اليورو. لكن القرض، البالغة قيمته 110 مليارات يورو على مدى ثلاث سنوات والذي وعد به الأوربيون وصندوق النقد الدولي في العام الفائت، لم يكن كافيا لأثينا. وفي نهاية الأسبوع الفائت، حدد وزير المالية البلجيكي ديدييه رايندرز المبلغ الإضافي المطلوب في «أكثر من 80 مليار يورو». ويبدو أن ألمانيا تمكنت من إقناع أغلبية شركائها بفكرة العمل على إشراك ممولي الديون اليونانية في القطاع الخاص، سواء كانوا مصارف أو شركات تأمين أو صناديق استثمار. لكن يبقى تحديد كيفية عمل ذلك. وكرر رئيس منطقة يوروغروب، جان كلود يونكر، يوم السبت الماضي، أنه لن «تجري إعادة جدولة كاملة» تفرض على الدائنين في القطاع الخاص التخلي عن جزء من الدفعات، بل «إعادة جدولة مرنة وطوعية». وتكمن الفكرة في منح أثينا المزيد من الوقت للتسديد، سواء عبر استبدال الديون الموجودة بأخرى ذات أمد أطول مما تريده برلين أو عبر الحصول من الدائنين في القطاع الخاص على ضمانات أنهم عندما يحل أجل سداد أموالهم، سيقدمون غيرها بالقيمة نفسها. وقال رايندرز: «نتمنى بالفعل جمع 25 مليار يورو لليونانيين من المصارف وشركات التأمين وصناديق التقاعد التي نطلب منها وديا تمديد أمد القروض السارية». وتابع: «إذا دعت الحاجة فسنمارس ضغطا خجولا على هؤلاء المستثمرين في القطاع الخاص». وتتركز المحادثات حول المشاركة الطوعية للدائنين في القطاع الخاص أو تحت الضغط. وقال جان كلود تريشيه: «ينبغي أن تكون إعادة جدولة الدين طوعية» تحت طائلة إثارة حركة عصيان خطيرة جدا. وتؤيد المفوضية الأوربية هذه الفكرة. لكن وإن أتت المشاركة طوعا، فإنه من غير المؤكد أن تكون كافية لتجنب الخطورة، فوكالة «ستاندارد آند بورز» للتصنيف المالي أكدت، يوم الاثنين الأخير، أنه مهما كان الخيار النهائي (تبادل الأسهم أو تمديد استحقاقات السداد) فإنها ستعتبره «تخلفا في الواقع» وستخفض تصنيف اليونان مجددا. وقد أعطتها للتو درجة «سي سي سي»، معتبرة أن خطر التخلف عن التسديد في الأشهر ال12 المقبلة تضاعف.