من كان يحكم سوريا طيلة 11 سنة؟ هل الرئيس بشار الأسد أم قائد حرسه الجمهوري شقيقه ماهر الأسد؟ يذهب المعارضون للنظام والعارفون بخبايا القصر الجمهوري السوري، كما تشير إلى ذلك عدة مصادر إعلامية، إلى أن الرئيس الصوري هو بشار أما الفعلي فهو ماهر الأسد ذو السطوة والنفوذ الكبيرين. يؤكد العارفون أن سبب قوة ماهر الأسد تعود إلى أن بشار الأسد ثاني أبناء الأسد من الذكور لم يكن مرشحا للعب دور سياسي في بلاده، لذا درس الطب في بريطانيا، وتخصص في طب العيون، أما ماهر الأسد ثالث الأبناء من الذكور فهو يحمل شهادة في الهندسة وبعد تخرجه التحق بالكلية الحربية وتخرج منها برتبة ملازم أول مهندس قيادي. الوفاة المفاجئة لشقيقهما الأكبر باسل، المرشح الأول للعب دور سياسي ولخلافة والده، في حادث سيارة، خلط أوراق آل الأسد مما دفعهم إلى استدعاء طبيب العيون من لندن للعب دور سياسي خلفا لشقيقه السياسي، رغم أن بعض الأصوات داخل العائلة والمقربين ارتفعت بانتقالها إلى ماهر باعتباره أكثر حنكة غير أن الأب حافظ الأسد أصر على بشار ودفعه إلى تركيز الاهتمام على العلوم العسكرية. عندما توفي حافظ الأسد في يونيو 2000، تمت المناداة ببشار رئيسا لسوريا وأمينا عاما لحزب البعث. تشير عدة تقارير إعلامية إلى أن بشرى الأسد شقيقة بشار الوحيدة والكبرى لم تكن تنظر بعين الرضا إلى حكم شقيقها ولا إلى زوجته أسماء الأسد، التي كانت على خلاف دائم معها في إطار حرب نسائية طاحنة مائة في المائة، ولم تتوان عن انتقاده في مجالسها الخاصة، حيث وصفته ب«ضعيف الشخصية» وتفضيلها لشقيقها ماهر لأن يحتل مكانه. وتؤكد نفس التقارير أن آل الأسد عقدوا اجتماعا بزعامة الوالدة أنيسة مخلوف (والدة بشار الأسد وزوجة حافظ الأسد) للبحث في مصير الرئيس نفسه، بحيث يمكن إخراجه من المسرح السياسي، وإبعاده عن كرسي الحكم، والتجانس مع الرغبات العربية والدولية، الذي سيمكن العائلة من الاستمرار في التحكم في السلطة وفي مقاليد سورية. وعندما انعقد اجتماع سنة 2005 بحضور السيدة أنيسة وشقيقها محمد مخلوف، وابنيها بشار وماهر، وابنتها بشرى وزوجها آصف شوكت عرضت الأم أنيسة اقتراحا على الحضور وقالت على النحو التالي، موجهة كلامها إلى بشار: «لقد مضت عليك الآن 5 سنوات في الحكم أوصلتنا فيها إلى ما نحن فيه الآن من مخاطر وتهديدات واستمتعت فيها بالحكم، وأخذت خلالها أموال والدك حافظ، وشقيقك باسل. وحتى تنقذ نفسك وأموالك عليك الآن أن تتنازل عن الحكم لشقيقك ماهر. هدأت حدة الخلافات بين آل الأسد بعد أن احتفظ كل بموقعه قبل أن تطفو على السطح أكثر حدة بعد اندلاع الثورة السورية لتكشف حسب تقارير صحفية عن وجود صراع على السلطة داخل القصر الرئاسي في سوريا يقوده ماهر الأسد لإحداث انقلاب داخل القصر الرئاسي. تصف بعض التقارير من المعارضة السورية ماهر وصفاته الشخصية بأنه مغامر دموي يحب الضرب ومتهور وسريع الغضب، محب للهو والسهر، له جهاز أمني خاص يسمى مكتب الأمن يترأسه العقيد غسان بلال وله سجن خاص به يترأسه ابن عمه رئيس الشرطة العسكرية في الفرقة الرابعة المقدم هلال. وهو متزوج من منال جدعان من منطقة دير الزور وله ثلاثة أبناء وسبق أن أشيع عن وجود علاقة عاطفية ربطته بالإعلامية اللبنانية ماريا معلوف، كما أنه يدير الإمبراطورية المالية لآل الأسد رفقة أخواله وأبناء عمومته ويتحكمون في اقتصاد سوريا. يؤكد تقرير استخباري لأحد أجهزة الأمن الأوروبية حدوث تلاسن حاد بين الرئيس وأخيه حول طريقة إدارة الأحداث حسب تقرير استخباري لدولة أوروبية تم تسريب أجزاء منه إلى شخصية إعلامية، وكان الخلاف عميقا وواضحا بين الشقيقين حيث وبخ الرئيس السوري أخاه على تصرفاته «الرعناء»، حسب ما ورد في التقرير، وقال له ستوردنا نفس مصير مبارك وبن علي وربما أسوأ، اتركني أعمل على طريقتي ولا تتدخل في شؤون السياسة. كلام بشار لم يرق ماهر الذي خرج غاضبا حسب مصادر غربية، التي ذهبت إلى الكشف عن اجتماع لشخصيات ورموز من النظام وبعض رجال الأعمال المقربين من ماهر الأسد بمزرعة على مشارف اللاذقية. الانقلاب الصامت لم يحاول المدعوون التغطية على اللقاء أو جعله سريا حتى لا يثيروا شكوك أحد بل تمت دعوة عدد من الشخصيات الأمنية التي سوف تكتب تقارير عن اللقاء فيما بعد حتى تبقى الأمور تحت أعين الدولة ولا يشتم أحد رائحة ما يدور في الكواليس. تؤكد المصادر الغربية، التي سربت الخبر، أن اللقاء كان يضم ماهر الأسد ورامي مخلوف ومضر الأسد وشخصية أمنية ذات مستوى رفيع جدا وذات تأثير كبير في المجمع العسكري السوري، وشخصية كبيرة من آل اسكندر من القرداحة وشخصية من دولة مجاورة حضرت الاجتماع أيضا. في الأخبار التي تسربت بصورة عفوية أو مقصودة من مصادر أمنية أوروبية إلى دبلوماسي غربي أن المجتمعين فوجئوا برامي مخلوف يقترح عزل الرئيس عن اتخاذ القرارات وأن تحد صلاحياته بصورة كبيرة، لأنه لا يريد التعاون اللامحدود في قمع المتظاهرين ويتجه نحو حل تفاوضي للأحداث الجارية في سوريا، وأكد رامي مخلوف أن مستقبل سوريا ومستقبل العلويين ومستقبل الجميع سيكون على كف عفريت إذا لم يوقفوا التمرد، على حد تعبيره، قبل أن تستفحل الأمور ويصير من الصعب عمل أي شيء. اتفق المؤتمرون على عزل الرئيس وإبقائه في السلطة تحت الإقامة الجبرية وأن يتم اتخاذ القرارات بشأن التمرد الشعبي من مجموعة الحكم الجديدة التي سوف تدير الأزمة وتترك للرئيس إدارة باقي شؤون الدولة على أن لا يغادر وأن يحد المؤتمرون من ظهوره العلني، وتذهب التقارير السرية إلى أن ماهر الأسد قام بمقابلة الرئيس بعد أن تم تأمين الحرس الجمهوري المكلف بحراسة الرئيس شخصيا والسيطرة على قيادته وإدارته من قبل الشخصية الأمنية التي حضرت الاجتماع، كما تم استبدال بعض الضباط المقربين في الحرس الجمهوري، ووجد الرئيس نفسه خلال ساعات قليلة أسيرا لقبضة شقيقه القوية التي أحكمت السيطرة على كل شيء. وافق الرئيس في النهاية على عدم الظهور الإعلامي إلا بموافقة شقيقه، وأن لا يتم تسريب أي شيء عن الخلاف الحاصل بين الرئيس وجماعة أخيه، والتزم ماهر بأنه لن يقوم بأي شيء يضر بأخيه، وأن هدفه الحفاظ على حكم العائلة وتخطي المرحلة الحاسمة وحماية حكم أخيه، إلا أن الواقع على الأرض يشير إلى نصف انقلاب على بشار الأسد. حقيقة اغتيال الشرع وصفع بثينة في خضم هذه الأحداث وإحكام ماهر قبضته على سوريا تشير بعض المواقع الإلكترونية إلى أن هذا الأخير لم يستسغ انتقادات المقربين من أخيه لطريقة تعامله مع المحتجين. وتشير التقارير السرية إلى أن ماهر الأسد أطلق النار على نائب الرئيس فاروق الشرع، كما صفع المستشارة الرئاسية بثينة شعبان. ووفقا للرواية، فإن الشرع ندد بشدة بممارسات الأجهزة الأمنية في الصنمين القريبة من درعا وذلك خلال اجتماع مع رئيس الاستخبارات آصف شوكت وشقيق الرئيس قائد الحرس الجمهوري ماهر الأسد. وردا على دعوة الشرع إلى محاسبة المسؤولين عن قتل أطفال في الصنمين، قال شوكت إنهم كانوا يحاولون الاستيلاء على الأسلحة من أحد المراكز الأمنية، فرد الشرع متسائلا: «من يصدق هذه الرواية؟». ارتفعت حدة التوتر، وأقدم شوكت على صفع الشرع قائلاً له: «اخرس يا درعاوي»، قبل أن يسحب ماهر الأسد مسدسه ويطلق النار على الشرع متوجها إلى صهره شوكت بالقول: «هكذا يتم التعامل معه». وحسب المعلومات المستقاة من مصادر متقاطعة، أصيب الشرع بجروح بالغة نقل على إثرها إلى المستشفى حيث تلقى العلاج، قبل أن يظهر مرغما، تشير نفس المصادر، بعد أيام على شاشة التلفزيون الرسمي لثوان معدودة مستقبلا وفدا صينيا في مكتبه في محاولة للتغطية على محاولة قتله. وأفادت المعلومات أن المستشارة الرئاسية بثينة شعبان باتت فعليا «خارج الخدمة» حيث تم إقصاؤها من منصبها، إثر خلاف حاد مع ماهر الأسد، الذي صفعها على وجهها بعدما أبدى غضبه الشديد من مؤتمرها الصحافي في بداية الأزمة، الذي أعلنت خلاله عن عزم الرئيس بشار الأسد على إجراء إصلاحات، معتبرا أنها رفعت سقف التنازلات من قبل النظام ما أدى إلى تصاعد الحركات الاحتجاجية، وفقا لرأي ماهر الأسد. فيما لا يزال نائب وزير الخارجية فيصل المقداد مجهول الإقامة ولم يعرف ما إذا كان مسجونا من طرف ماهر الأسد أم فر إلى خارج البلاد، وسط معلومات عن رفضه تولي حقيبة وزارية (تردد أنها الخارجية) في الحكومة الجديدة. الرقص على الجثث ما يبين أن بشار الأسد خارج الخدمة، كما تؤكد عدة مواقع إلكترونية، رواية سردها إمام المسجد العمري بدرعا حين جرت مقابلة بين وفد من المدينة والرئيس بشار خرج منها الوفد بحقيقة واحدة أنهم تحت قبضة ماهر الأسد الذي يحكم قبضته على الجيش والأمن والميليشيات، فالأسد الرئيس لم يكن يملك سوى إجابة واحدة ردا على ما أخبره به الوفد عن حقيقة ما جرى في درعا «لم يقولوا لي ذلك». هذه الرواية تؤكد أن بشار معزول عن شعبه ويعتمد على التقارير الأمنية التي يتحكم فيها شقيقه. بل سطوة هذا الأخير تأكدت حين أفسد الحوار الذي قادته سميرة المسالمة، رئيسة صحيفة تشرين الحكومية، بضوء أخضر من بشار الأسد لفتح حوار مع بعض المثقفين المعارضين لنقل مطالبهم من خلال تصعيد عمليات قتل المتظاهرين. لكن يبقى الأمر اللافت تسريب العديد من الفيديوهات التي تحمل مشاهد تنكيل بالمتظاهرين، أبرزها ظهور مقطع لماهر الأسد وهو مبتسم يتفقد جثث القتلى ويقوم بتصويرهم بدم بارد بهاتفه المحمول. فيديو آخر يظهر الاعتداء من طرف ميليشيات ماهر الأسد على المعتقلين المكبلين والممددين أرضا، فيما يقوم آخرون بضربهم بشكل وحشي، ويظهر فيديو آخر جنودا يرقصون ويغنون داخل المسجد العمري بدرعا عقب اقتحامه وقتل المعتصمين داخله. فيديوهات أخرى يجري تداولها لعملية تنكيل وتعذيب مقزز أبرزت بشاعة ما تعرض له الأطفال من تعذيب حتى الموت يبقى أبرزهم الطفل حمزة الخطيب. سيناريو يعود بنا إلى سنة 1982 حين هدمت وحدات من الجيش وميليشيا البعث يقودها رفعت الأسد (عم بشار) على عهد حكم شقيقه حافظ الأسد مدينة حماة على رؤوس أبنائها وقتل عشرات الآلاف منهم. حقيقة ما يجري داخل القصر الجمهوري السوري بعيدا عن المواقع الإلكترونية والتقارير الاستخاربية حقيقتها واحدة وهي إما أن يسقط النظام أمام وطأة الضغوط الخارجية التي فرضت عقوبات على سوريا وعلى الرئيس وشقيقه والاحتجاجات الداخلية، أو سحق هذه الثورة من طرف النظام وبالتالي بقاء لعبة الحكم حبيسة مطبخ آل الأسد.