في مكان غير بعيد عن مدينة برشيد، كانت ساكنة دوار البريرات بجماعة رياح التابعة للنفوذ الترابي لإقليم برشيد، تستعد لاستقبال يوم جديد من أيام موسم الحصاد، كان الوقت صباحا من يوم 26ماي 2009، لم يكن السكان يتوقعون في ذلك اليوم الجميل أن دوارهم المعروف بسكينته سوف يهتز على وقع جريمة وحشية نكراء، ففي مكان من هذا الدوار كان شخص يعاني من اضطرابات نفسية يقدم على ذبح طفلة صغيرة لا يتعدى عمرها السبع سنوات، جريمة هزت أركان دوار البريرات و جماعة رياح ليصل الخبر إلى عون سلطة الذي قام بإخبار السلطة المحلية وإخطار رجال الدرك الملكي ببرشيد. مباشرة بعد علمها بالخبر، انتقلت دورية من الدرك الملكي إلى مكان الحادث، حيث عثرت بعد وصولها إلى الدوار المذكور على جثة الطفلة الصغيرة (ح.ر) وهي ملطخة بالدماء وتحمل آثار الذبح على مستوى العنق، والتكبيل من اليدين. كما قامت بمسح كلي لمسرح الجريمة، وبعد أخذ العينات والقيام بالإجراءات الضرورية واللازمة في جرائم القتل، باشرت عناصر الضابطة القضائية عملها بفتح تحقيق في الموضوع استهلته ببحث تمهيدي. إلقاء القبض على الجاني
أفاد الوالد المكلوم بأنه بتاريخ 26 ماي 2009، غادر المنزل نحو مدينة برشيد وكان همه الوحيد هو إعداد آلة حصاد بالمدينة خاصة وأن الوقت كان يداهمه وأن موسم الحصاد كان على الأبواب، وبينما هو منهمك في إصلاح الآلة، أشعر بأن شخصا مختلا عقليا عمد إلى قتل ابنته حياة، كان وقع الخبر على الأب كبيرا، لم يصدق ما سمع، ترك الآلة وغادر المدينة في اتجاه مقر سكناه بدوار البريرات بجماعة رياح، كانت صدمته كبيرة ولم يصدق ما رأت عيناه حينما وجد فلذة كبده جثة هامدة مذبوحة بفناء منزل جدتها، وقف الأب مشدوها وقد اغرورقت عيناه ألما لفقدانه صغيرته، ولم يكن حال الجدة أحسن من أب الضحية حيث صرحت لعناصر الضابطة القضائية بأنها عادت إلى منزلها لتفاجأ بأن حفيدتها التي تركتها تلعب بفناء المنزل مكبلة اليدين إلى الخلف ومذبوحة من الوريد الى الوريد، فانتاب الجدة شعور بالحسرة والندم لتركها حفيدتها لوحدها بالمنزل وشرعت في الصراخ بأعلى صوتها ثم قامت بإزالة الرباط الذي استعمله الجاني في تكبيل يد الضحية، وعلمت أن حفيدها عبد الصمد هو من اقترف الجريمة. وعليه قامت عناصر الضابطة القضائية بالبحث عن المتهم وإلقاء القبض عليه، وتبين بعد البحث والتحري أنه سبق له أن ولج مستشفى الأمراض العقلية، بعد ذلك فتحت عناصر الدرك الملكي ببرشيد بحثا في الموضوع على خلفية اتهام جدته له، وعند الاستماع إليه صرح الحفيد بأنه زوال يوم الحادث توجه إلى منزل جدته بدوار البريرات بجماعة رياح، فوجد الطفلة حياة التي تعد من أقاربه تلعب بفناء المنزل، فشرع في ملء كيسين بالحبوب، وضد مجرى الأحداث خطرت ببال الجاني فكرة تكبيل الصغيرة وذبحها، وفعلا كبد من يديها خلف ظهرها، وأخرج سكينا صغيرا وبدأ بذبحها دون شفقة وخلال عملية الذبح كسر بعض عظام رقبتها، بعد ذلك أغلق الأبواب وانصرف إلى حال سبيله. اعتداء وقتل صرح المتهم عند استنطاقه ابتدائيا بأنه يعيش رفقة والدته، وأنه انقطع عن الدراسة منذ السنة الرابعة أساسي وأنه يحتسي الخمر ويدخن السجائر وعن المنسوب إليه، اعترف بأنه قام فعلا بتكبيل يدي الضحية وذبحها في منزل جدتها، لأنها كانت تشوش عليه وتسبه وتحتقره، وأوضح أنه لم يكن ينوي قتل الضحية، ولم يكن يعتزم السرقة لحظة ولوجه منزل الجدة. وحينما استنطق المتهم تفصيليا أفاد بأن الضحية الهالكة اعتدت عليه بالضرب بحجر فأصيب في رأسه، وفرت هي خارج المنزل، ثم فوجئ بها تقوم بدفعه من الخلف فسقط، ولما أمسك بها ربط يديها وراء ظهرها وأسقطها أرضا ثم أخرج سكينا خاصا بالمطبخ كان بحوزته، وذبح الضحية، ولما لفظت أنفاسها الأخيرة غادر مسرح الجريمة. الاستماع إلى والد الضحية أفاد والد الضحية بوشعيب بأن الأحداث تمت في منزل حماته وجدة المتهم، إلا أنه يجهل الظروف والدوافع التي جعلت المتهم يقدم على ارتكاب الجريمة، موضحا في الوقت نفسه أن الضحية لم يسبق لها أن اشتكت من تصرفات المتهم وسلوكه نحوها. في حين أفادت الجدة أنها لم تعاين الجريمة التي تمت بفناء منزلها، موضحة أن المتهم والضحية يعيشان معها تحت سقف بيتها، وأها لحظة وقوع الجريمة كانت خارج المنزل، وبعد عودتها من الرعي وجدت الضحية مكبلة اليدين وراء ظهرها ومذبوحة، وأضافت أن المتهم والضحية كانا لوحدهما بالمنزل.. أمام المحكمة أدرجت القضية في عدة جلسات اعترف المتهم في سائر مراحلها بأنه قام بتكبيل يدي الضحية الطفلة القاصر، وأحضر سكينا وأخذ يذبحها إلى أن فارقت الحياة، وأكد أمام المحكمة بأنه ذبح الضحية بسكين وقطع عظام عنقها للتأكد من وفاتها، واعترف بتكبيله الضحية من الخلف ثم أحضر سكينا وذبحها، وذكر أنه كان يتوخى إزهاق روحها، بدليل اعترافه بأنه لم يكتف بذبحها بل قام بقطع عظام عنقها وتكسيرها بالسكين، إذ جاء في تقرير التشريح الطبي أن ذبح الضحية القاصر نتجت عنه دماء كثيرة، وأن بعض هذه الدماء دخلت الرئتين والقلب، وأن طول الذبحة بلغ 17 سنتمترا، وكانت عملية الذبح من الأذن اليمنى إلى الأذن اليسرى، وقطعت هذه الذبحة الحلق والمريء ووصلت إلى عظام العمود الفقري، وأن موت الضحية كان ناتجا عن عملية ذبح بواسطة سكين، وتظهر على الضحية أيضا كدمات على مستوى الفخذ الأيسر وفي الحوض. النطق بالحكم بعد مناقشة المحكمة للقضية ودراسة محتويات الملف، ونظرا لاعتراف الجاني بجريمته، أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية حكمها القاضي بسجن المتهم مدى الحياة من أجل جناية ارتكاب أعمال وحشية لتنفيذ جناية القتل العمد، وهي الأفعال المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 399من القانون الجنائي، وقد تم تأييد الحكم الابتدائي من طرف غرفة الجنايات الاستئنافية.