تحولت ندوة «المسرح والإعلام»، التي أقيمت في إطار مهرجان فاس للمسرح الدولي مؤخرا، إلى انتقاد حاد لوضعية الإعلام السمعي -البصري في المغرب، الذي اعتبر المتدخلون أنه يُهمّش الثقافة والمثقفين ويُكرّس الإسفاف والابتذال في الإنتاجات التلفزيونية. كما استهجنوا تغييب المواد الثقافية والفنية الجادة من شبكة البرامج واستثنوا من ذلك الجهود التي تُبذَل على مستوى الإذاعة الوطنية ومحطاتها الجهوية. وفي هذا الإطار، دعا الإعلامي والمخرج إدريس الإدريسي إلى مساءلة المسؤولين عن إفساد الذوق العام في التلفزيون المغربي، الذين يُغيّبون الإنتاج الفني الوطني الجاد والهادف ويُصرّون، في المقابل، على تقديم إنتاجات درامية وفنية أغلبُها مستورد، لا تنسجم مع قيم المغاربة. على صعيد آخر، تحدث الإدريسي عن تجربته الشخصية في مجال إعداد وتقديم البرامج الفنية، ولاسيما المتعلقة منها بالمسرح، مشيرا إلى أنه كان يقوم بمواكبة كل المهرجانات المسرحية التي تقام في المغرب وحتى في بعض الدول العربية، مضيفا أنه خلال وجوده على رأس مصلحة الإنتاج الدرامي، في أواخر تسعينيات القرن الماضي، كان يحرص على تصوير العديد من العروض المسرحية، بما فيها الأعمال التجريبية وأعمال الهواة، حتى وإنْ كان يعلم أنها لن تُبثّ، ولكنه كان يهدف من وراء ذلك إلى توثيق مختلف التجارب المسرحية وإلى تكوين رصيد سمعي -بصري بهذا الخصوص. ومن جهته، عبّر الصحافي والناقد الحسين الشعبي عن اعتقاده أنه آن الأوان لرحيل بعض المسؤولين. واعتبر الشعبي أنه لا مكانة للمثقف المغربي والفنان المغربي حاليا في اهتمامات أولئك المسؤولين، الذين لا همّ لهم سوى الدفاع عن مصالحهم الشخصية ومصالح مَن يدورون في فلَكهم، كما انتقد غياب الشفافية في التعامل مع الإنتاج الفني الوطني. أما الإعلامي والناقد الطاهر الطويل فتحدث عن العلاقة الملتبسة بين الحزبي والسياسي في المشهد الإعلامي المغربي. وبهذا الصدد، أثار مفارقة غريبة مؤداها أن الأصوات المنتمية إلى اليسار وإلى أطياف المعارضة كانت تنتقد في الماضي وضعية الإعلام العمومي، ولكنها ما إن صارت مشارِكة في العمل الحكومي وتولّت مسؤولية هذا الإعلام، حتى أصبحت تدافع عن مظاهر الرداءة والإسفاف الموجودة فيه، أثناء جلسات البرلمان أو في اللقاءات الصحافية والمنتديات السياسية والفكرية وغيرها. كما استغرب الطويل عدم استيعاب قنواتنا التلفزيونية الحراك السياسي والاجتماعي والثقافي الذي يشهده المغرب حاليا على غرار بلدان عربية أخرى، مشيرا إلى ضرورة وضع خطة استعجالية مشترَكة من أجل إعطاء الثقافة والفن المكانة التي يستحقانها في شبكات برامج القنوات العمومية، في حين تطرقت الصحافية والكاتبة بديعة الراضي إلى إسهامات الصحافة المكتوبة في المغرب في النهوض بالمسرح خلال العقود الثلاثة المنصرمة، من خلال صفحاتها المتخصصة وملاحقها الثقافية. وتجد الإشارة إلى أن هذه الجلسة أدارها الكاتب عزيز الحاكم وتدخّل خلالها، أيضا، مسرحيون من تونس جاؤوا إلى فاس لتقديم آخر أعمالهم المسرحية.