هلال: إفريقيا يتعين أن تضطلع بدور رائد في الحكامة العالمية للمحيطات    حقوقيون ينتقدون السياسات الفاشلة التي أدت لغلاء الأسعار ويطالبون بنتائج التحقيق في أحداث الفنيدق    المغرب يعبر عن استعداه لاستقبال القاصرين وينتقد تعقيد إجراءات الترحيل في دول الاتحاد الأوروبي        باريس: انتخاب المغرب على رأس الأمانة العامة للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية ذات الاختصاصات القضائية    "المغرب الرقمي 2030".. رصد 240 مليون درهم لتعزيز الابتكار ودعم المقاولات الناشئة    التأكيد على أسس موقف المغرب وبأن أن التهجم على الأمين العام للأمم المتحدة ورؤساء الدول الأجنبية أمر مدان    أمريكيان وبريطاني يحصدون جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2024    أسود الأطلس يواصلون التحضير لمواجهة إفريقيا الوسطى    نعيمة المشرقي إشراقة لكل الأجيال    أول دولة إفريقية.. المغرب يتسلح بعلاج "Tpoxx" لمواجهة جدري القردة    شان 2024: تأهل المنتخب المغربي مباشرة إلى المنافسات النهائية    تسليط الضوء على تجربة المغرب في مجال تحلية المياه بالقمة العالمية للهيدروجين الأخضر    اللغة العالية والثقافة الأدبيّة: سلاحُ الكاتب وعنوانُ التّحف الأدبيّة    إبراز الدعم الدولي المتنامي لمغربية الصحراء أمام اللجنة الرابعة بنيويورك    العدوي تبرز أهمية الاختصاص القضائي    فيضانات نادرة ورياح مدمرة .. فلوريدا تتأهب لإعصار ميلتون "الكارثي"    منخفض جوي يجلب أمطارًا خفيفة وانخفاضًا في درجات الحرارة بالمغرب    المنتخب المغربي يتأهل رسمياً لبطولة أمم إفريقيا للمحليين 2025    بعثة إفريقيا الوسطى تصل إلى السعيدية عبر دفعتين لمواجهة المغرب    تحقيق للفرقة الوطنية حول شبهات اختلاس بالقناة الثانية    المغرب على موعد مع "موازين إيقاعت العالم 2025" في شهر يونيو    3 أمريكيين يفوزون بجائزة نوبل للكيمياء    إلى جانب القضايا الشائكة.. صفقة طائرات "إيرباص" على رأس جدول أعمال زيارة ماكرون إلى المغرب        جندي احتياط.. إصابة مستشار لوزير المالية الإسرائيلي في اشتباك بجنوب لبنان    الخصاص في الأساتذة بأقسام إشهادية وينذر باحتجاجات في اقليم الحسيمة        تقرير: 79 في المائة من المغاربة يعتبرون الطريقة التي تواجه بها الحكومة الفساد داخل الإدارة العمومية سيئة أو سيئة جدا    إسبانيا تجدد التأكيد على تشبثها "بعلاقات مستقرة" مع المغرب    عزيز حطاب ل"رسالة24″: السينما المغربية تفرض وجودها بقوة على الساحة الدولية    وهبي للمحامين: الناس أعداء ما جهلوا.. ومشروع المسطرة المدنية عمره 30 سنة    ماذا يحدث للجسم البشري أثناء التعرض إلى "نوبة الهلع"؟    تيزنيت: الدرك يضبط"صوندا" تقوم بحفر بئر بدون ترخيص    إحباط محاولة هجرة سرية نحو أوروبا وتوقيف تسعة أشخاص في الحسيمة    المضيق: مجلس جماعة المضيق يصادق على منح الجمعيات وبرنامج انفتاح 2025/2026    إسرائيل تجازف بوجودها.. في مهبّ عُدوانيتها    وهبي: النقاش حول القانون الجنائي يقترب من نهايته.. ومرسوم سيفرض تسجيل الوصايا قبل الوفاة لدى أقرب محكمة    في كتاب يصدر قريبا.. بايدن يصف نتانياهو بأنه "كاذب" و"لا يهمه سوى صموده السياسي"    قرعة غير رحيمة بممثلي المغرب في دروي الأبطال والكونفدرالية الإفريقيتين..        الجمهور الإنجليزي يُفضل هذا اللاعب على بلينغهام    تأهبا لتفشي جدري القردة.. المغرب يتزود بدواء "تيبوكس"    حمضي: داء السل يتسبب في تسع وفيات يوميا بالمغرب    مع انطلاق موسم القنص.. أزيد من 1000 قناص ينشطون على مستوى اقليم الجديدة    كوريا الشمالية تعيد وزير دفاع سابق    كيوسك الأربعاء | الغرامات المحكوم بها في قضايا الرشوة تصل إلى مليون و372 ألف درهم    رغم المطالب الشعبية بوقف التطبيع.. المغرب يضاعف مبادلاته مع إسرائيل خلال عام من "حرب الإبادة" ضد الفلسطينيين    القضاء البرازيلي يقرر رفع الحظر عن منصة "إكس"    برنامج "مدارات": حلقة جديدة.. صفحات من سيرة المؤرخ والعالم محمد الصغير الإفراني    وزارة الثقافة: اختيار اليونسكو للرباط كعاصمة عالمية للكتاب لسنة 2026 ثمرة لالتزام بلادنا بالنهوض بالثقافة وبدمقرطة المعرفة    المغرب أول دولة إفريقية تحصل على علاج "Tpoxx" لمواجهة مرض جدري القردة    فينتربيرغ يرأس حكام مهرجان مراكش    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مغرب ما بعد 20 فبراير.. آمال ومفاجآت
نشر في المساء يوم 10 - 05 - 2011

يتأكد يوما بعد آخر أن مغرب ما بعد 20 فبراير سيكون مخالفا لما قبله، ويتضح لحظة بعد أخرى أن الحركية التي خلقتها حركة 20 فبراير والهيئات الداعمة لها تسير في اتجاه بناء مغرب جديد هو مطمح فئات واسعة من الشعب، ولكنها -بالمقابل- كابوس مزعج لفئات متضررة من هذا العمل المتنامي، ولن يدخر هؤلاء جهدا في إفساد فرحة المغاربة والدفاع عن مواقعهم.
لقد شكلت محطة 24 أبريل لحظة حاسمة في المسار الاحتجاجي لهذه الحركة، وأكدت -لمن ما زالت عنده ذرة شك- أنه مسار تصاعدي، كمّاً ونوعاً، يتنامى بوتيرة سريعة، فقد تضاعف عدد المناطق التي استجابت لنداء التظاهر السلمي في الشارع حتى فاق المائة، وهو رقم قياسي لم تشهده بلادنا من قبل، وتزايد عدد المشاركين بشكل ملحوظ في مختلف المناطق، والتحقت فئات جديدة بساحات الاحتجاج، وتميز هذا اليوم بلافتاته وشعاراته الموحدة التي تضمنت مطالب محددة ودقيقة ومحينة ورافضة لكل الاستجابات الجزئية التي تهدف إلى الالتفاف والمناورة ليس إلا، كما تميزت المسيرات بحسن التنظيم وطابعها السلمي الذي لم تتخلله حوادث عنف أو شغب، وتميزت كذلك بالانسجام والتلقائية بين مختلف مكونات هذه الحركة والمشاركين في المسيرات.
يمكن اعتبار هذا اليوم مناسبة أخرى لكل من كان متحاملا على هذه الحركة ومشككا في نواياها وقدرتها على الاستمرار ليعيد النظر في مواقفه الجاهزة والمسبقة التي وضعته على هامش حركية مجتمعية أدخلت تغييرات جوهرية على المشهد السياسي وأحدثت فرزا حقيقيا داخل المجتمع وأعادت الثقة إلى فئات واسعة من الشعب.
ولأن أعداء التغيير كثر، سواء في الداخل أو الخارج، فقد كان منتظرا حدوث مفاجآت وارتدادات هدفها خلط الأوراق والإلهاء وإرجاع عجلة هذه الدينامية إلى الصفر، وسلط من أجل ذلك الإعلام العمومي لتمييع الجو واحتواء الموجة وتشويه مكونات الحركة والتشكيك في نياتهم وبذل مجهود لشراء صمتهم والتغطية على المطالب الحقيقية للحركة وامتصاص غضبها، واتخذت إجراءات للحيلولة دون مشاركة أوسع لفئات حساسة من الشعب في هذه المسيرات.
ولكن، رغم كل ذلك، لم يخطر ببال أحد أن يصل التضييق إلى حد استهداف الصحافة المستقلة واعتقال صحافي بارز والتلويح رسميا بمتابعته بقانون الإرهاب -الذي تتسع دائرة المطالبين بإلغائه- والإصرار على رفض تمتيعه بالسراح المؤقت رغم توفره على كل ضمانات المثول أمام المحكمة، والإصرار على متابعته بمقتضيات القانون الجنائي عوض قانون الصحافة رغم أن موضوع المتابعة يتعلق بمقالات رأي منشورة في جريدة.
كانت هذه رسالة إلى كل الصحافيين، وقبلهم إلى كل مكونات حركة 20 فبراير، وكان إجراء الاعتقال جس نبض لدرجة نضج هذه المكونات ومبدئيتها وقدرتها على تناسي الخلافات الجزئية ومدى استحضارها للقواسم المشتركة.
لقد كان الذين يقفون وراء اعتقال رشيد نيني يراهنون على كثرة خصومه ويعولون على حيادهم السلبي، على الأقل، تجاه اعتقاله ليمرروا مخططا يبدأ باستباحة اعتقال الصحافي كمؤشر على القدرة على اختراق مكونات الحركة باستغلال الاختلافات بينها والنفخ فيها وتضخيمها، ولكن سرعان ما تبين خطأ تقديرهم في أول محطة بعد الاعتقال، وهي مسيرات فاتح ماي التي حضرت فيها قضية «نيني» و«المساء» في صدارة مطالب الحركة التي طالما طالبت بتحرير الإعلام واستقلال القضاء في شعاراتها.
مرة أخرى، بينت حركة 20 فبراير أنها وليدة وقتها وأن البلاد في حاجة إليها في هذه اللحظة التي يتشكل فيها ميزان قوى جديد تعمل جهات خفية على إبقائه راجحا لفائدتها ومغيبا لرأي عام يطمح إلى بناء مغرب مغاير.
لقد ساهم تبني حركة 20 فبراير لقضية «رشيد نيني و«المساء»» في خلق حالة فرز ثانية في المجتمع، حيث شهد الملف مؤازرة غير مسبوقة للمكونات الحقوقية والإعلامية والسياسية والمدنية، بما فيها تلك التي لها اختلافات متفاوتة مع رشيد نيني والخط التحريري لجريدة «المساء»، والسبب أن الجميع تنبه إلى سياق الاعتقال والتضييق والمحاكمة وترفع عن الطابع الشخصي للملف وفهم الخلفيات والدوافع التي تحرك هذه المتابعة في هذه اللحظة الحساسة من تاريخ البلاد.
هذا مؤشر هام وتحول نوعي في التعاطي مع قضايا بهذا الحجم والحساسية، وهي قضايا يتحقق حولها إجماع حقيقي والتفاف تلقائي واستعداد تطوعي لإيقاف «تغول» أجهزة تريد جر البلاد إلى الخلف وحرمان الشعب من شم نسائم هذا الربيع الديمقراطي الذي يجتاح هذه المنطقة القاحلة. وسيتضح، إن شاء الله، هذا الإجماع أكثر في باقي أطوار المحاكمة، سواء من خلال التركيبة النوعية والعددية لهيئة الدفاع أو تمثيلية هيئة الدعم والمساندة أو الأشكال التضامنية المحلية والمركزية والدولية أو حجم المراقبة الحقوقية والمتابعة الإعلامية لجلسات المحاكمة أو طبيعة المرافعات التي ستؤكد، لا محالة، أن هذه القضية أكبر من استهداف شخص أو جريدة، ولكنها مقدمة لاستهداف حركية مجتمعية اقتنعت بأن التوقيت مناسب لمواجهة الفساد والاستبداد والمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة والمواطنة الحقيقية.
والأمر الثاني، الذي لا يقل أهمية عما سبق، هو مبادرة شباب 20 فبراير إلى الرد على التفجيرات الإجرامية التي استهدفت أرواح أبرياء في مقهى «أركانة» بمراكش، وقد تجلى ذلك الرد في تنظيم مسيرة وطنية شعبية، دعوة وتنظيما ومشاركة، منددة بهذا الحادث الإجرامي أيا كانت الجهة التي تقف وراءه وأيا كانت دوافعها، مع التحذير من مغبة استغلال هذا الحادث للمس بالحريات وحقوق الإنسان، وفي مقدمتها الحق في التظاهر السلمي. وفي هذه المواقف استباق لأي محاولة لإرجاع البلاد إلى أجواء ما بعد 16 ماي 2003 التي لم نتخلص من تداعياتها إلى يومنا
هذا.
لقد كانت هذه الحركة في مستوى اللحظة، وأثبتت أكثر من مرة انسجامها مع منطلقاتها وانتصارها لقيم المواطنة ويقظتها تجاه كل المؤامرات التي تحاك ضدها وانفتاحها ومرونتها في تبني القضايا المستجدة التي تنسجم مع مبادئها، ولذلك فهي مكسب للمغرب والمغاربة يجب حمايته وتحصينه واحتضانه لأنها الوسيلة الأضمن لمواجهة لوبيات الفساد وجيوب مقاومة التغيير.
أتمنى أن تكون الرسالة وصلت إلى كل مخالف أو مشكك أو محارب لهذه الحركة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.