أكد محمد ضريف، باحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن ترجيح تنفيذ التفجير بمراكش من لدن القاعدة استنادا للطريقة التي تم بها ليس دليلا كافيا، ويظل فرضية من بين الفرضيات والمتمثلة أساسا في القاعدة أو جهات خارجية ولديها مساندة في الداخل لا ترغب في أن يستمر المغرب في إصلاحاته ومسيرته، حسب ضريف، أو جهات انفصالية ترغب في بعث رسالة إلى المنتظم الدولي لتقول إن المغرب ليس بلد استقرار بعدما استطاع هذا الأخير إقناع كثير من الدول بمقترح الحكم الذاتي. تحدث الطيب الشرقاوي، وزير الداخلية ، على أن الأسلوب المتبع في تفجير مراكش أشبه بأسلوب القاعدة، ما رأيكم في هذا؟ - إن وزير الداخلية يرجح فرضية أن يكون وراء هذا الاعتداء الإرهابي تنظيم القاعدة مرتكزا في ذلك على الأسلوب الذي تم به التفجير والمتمثل في استخدام عبوة ناسفة متحكم فيها عن بعد، ولكن هذا ليس دليلا كافيا لأن هذا الأسلوب تلجأ إليه تنظيمات أخرى، مثل تنظيم الباسك في إسبانيا الذي يلجأ إلى وضع عبوات متحكم فيها عن بعد، واستخدم من قبل تنظيمات لا علاقة لها بالقاعدة كما حصل في إيطاليا. إذا كنا نرتكز على هذا الأسلوب، الذي تم اللجوء إليه في التفجير لترجيح فرضية القاعدة، فكما قلت هذا ليس دليلا كافيا، ولكن كون القاعدة متورطة في هذا التفجير من ضمن فرضيات أخرى تفرض نفسها ، وأعتقد أن فرضية أن تقف القاعدة وراء هذا التفجير فرضية قائمة، وأرى أن تنظيم القاعدة كان يستهدف المصالح الفرنسية في المغرب، وإذا ما ثبت بالفعل أن القاعدة وراء هذا التفجير فنحن أمام تصفية الحساب ما بين القاعدة والرئيس الفرنسي ساركوزي، فمنذ مدة وتنظيم القاعدة يتوعد فرنسا وساركوزي خاصة بعد مشاركة الفرنسيين في عملية إلى جانب الجيش الموريتاني لتحرير الرهينة الفرنسي بيير كامات والتي أفضت إلى قتل حوالي عشرة أعضاء من تنظيم القاعدة، ومنذ ذلك التاريخ والقاعدة تتوعد فرنسا، لا ننسى بأن القاعدة نجحت في اختطاف مجموعة من الفرنسيين في النيجر، وهؤلاء المختطفون ظهروا في شريط بثته القاعدة في المغرب الإسلامي يتوسلون للرئيس ساركوزي من أجل الاستجابة لمطالب القاعدة وفي مقدمتها سحب الجيش الفرنسي من أفغانستان. لماذا اختيار مدينة مراكش في رأيكم؟ - هذه المدينة ليست مدينة سياحية فقط بل إن بها عددا من المقيمين الأجانب وخاصة الفرنسيين، إضافة إلى أن الضحايا أغلبهم من فرنسا. لكن إذا كانت فرنسا مستهدفة لماذا اختيار مقهى يضم عددا من الرواد، لماذا لا تتوجه الضربات مباشرة إلى التمثيليات الدبلوماسية؟ - ليس من السهل أن تستهدف القاعدة المصالح الفرنسية بالمغرب، فالقاعدة دائما تريد أن تنجح عملياتها وأن تترك صدى، لذلك وقع الاختيار على مقهى يضم عشرات الأجانب ويرتاده أساسا الفرنسيون، ونحن لحد الآن أمام فرضيات، ولكن في انتظار انتهاء التحقيق أو على الأقل اتضاح معالمه أكثر، تظل كثير من الفرضيات تفرض نفسها. ما هي أهم الفرضيات حسب رأيكم؟ - هناك الفرضية الأولى التي أشرت إليها، وهي أن يكون هناك استهداف للمصالح الفرنسية من تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، والفرضية الثانية أن تكون بعض القوى خارج المغرب أو داخله لا يرضيها أن ينجح المغرب في تأمين انتقاله الديمقراطي، بمعنى آخر أنه في لحظة من اللحظات كانت كثير من الجهات خارج المغرب بالخصوص تشدد على أن المغرب لا يشكل استثناء وأن ما عاشته مصر وتونس يمكن أن يتكرر في المغرب، وكان هناك نقاش حول ذلك وحتى عندما أعلن شباب 20 فبراير عن تحديد هذا التاريخ للتظاهر كانت مراهنة كبيرة على أن تتأزم الأوضاع على غرار ما وقع في بلدان عربية أخرى، وأكيد أن هذه الجهات كانت تراهن على وقوع صدام بين السلطات والشارع، غير أن الطريقة التي تمت بها الاستجابة لمطالب جزء من الشارع عبر خطاب 9 مارس والشروع في بدء الإصلاحات الدستورية، جعلت جهات معينة لا تنظر بعين الارتياح إلى هذا المسار الذي سار في المغرب، وأكيد كان القيام بعمل إرهابي لإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء، ودفع السلطات إلى التراجع عن إصلاحاتها، وتغليب المقاربة الأمنية على غرار ماحدث في أحداث 16 ماي 2003 ليحدث الصدام بين الشارع وبين السلطات. هذه فرضية ليست مرتبطة بالقاعدة ولكن بجهات أخرى خارج المغرب وقد تكون لها مساندة في الداخل. وهناك فرضية لا أستبعدها وهي أن هناك جهات انفصالية وراء هذا العمل الإرهابي. نحن نعرف أن المغرب نجح في إقناع كثير من الدول بجدوى مقترح الحكم الذاتي على اعتبار أن تطبيقه يؤمن استقرار المنطقة، وسيساهم في مكافحة الإرهاب ومواجهة تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وأكيد أن الجهات الانفصالية التي ترفض مقترح الحكم الذاتي تريد أن تبعث رسالة إلى المنتظم الدولي على أساس أن المغرب غير قادر على حماية أمنه الداخلي، هذه فرضية ثالثة، وهناك فرضية رابعة وهي أن القاعدة تريد أن تستهدف المغرب بشكل مباشر، لأنه منذ يناير 2007 اتخذت القاعدة هذا الاسم بديلا للجماعة السلفية للدعوة والقتال وأرادت أن تتحرر من الفضاء الذي كانت مرتبطة به وهو الفضاء الجزائري، واعتبرت نفسها التنظيم الذي يضم كل السلفيين الجهاديين، وكانت دائما تسعى إلى إضفاء نوع من المشروعية على هذه التسمية الجديدة، والكل يتذكر أن هذا التنظيم نجح في القيام بالعديد من العمليات بالجزائر واستهدف موريتانيا، ووصل إلى الجنوب التونسي عندما نجح في اختطاف سائحين نمساويين، لكنه فشل دائما في استهداف المغرب وعلينا أن نتذكر أنه في نونبر من السنة الماضية أعلن عن تفكيك خلية «أمغالا» ومن التهم التي وجهت إليها كونها كانت تسعى إلى تكوين تنظيم مرتبط بتنظيم القاعدة وبدأت هذه الخلية في استقطاب بعض السلفيين الجهاديين الذين ظلوا خارج مراقبة الأمن، بمعنى آخر أن القاعدة قد تكون نجحت في تشكيل بعض الخلايا وتمكنت من القيام بهذا التفجير، وهذا سيعتبر نجاحا لتنظيم القاعدة، ولذلك ننتظر أن تعلن الجهة التي تقف وراءه عن نفسها، لأنه تعودنا أن تنظيم القاعدة يعلن عن عملياته بعد مرور بعض الوقت، وقد لا نفاجأ بعد يومين بذلك إذا كانت لها علاقة بهذا التفجير، هذه مجرد فرضيات. يلاحظ أن وزارة الداخلية غيرت طريقة تعاملها، إذ لا يفسح المجال لطرح أسئلة للصحافيين خلال انعقاد ندوات صحافية، إضافة إلى أنه لم يتم الإعلان عن أي اعتقال في الملف؟ - أعتقد أن السلطات المغربية استفادت كثيرا من الكيفية التي دبر بها ملف أحداث 16 ماي سنة 2003، وهذا أكيد، ولا زلنا نتذكر أنه مباشرة بعد حدوثها باشرت حملة اعتقالات وتوقيفات تم انتقادها من قبل القوات الحقوقية داخل المغرب وخارجه، وكانت هناك تجاوزات غير مبررة ولا زالت كثير من الجهات تنتقد تلك الطريقة. وما نلاحظه خلال أحداث مراكش هو الموقف الملكي الذي كان واضحا، وهذا يجب أن يسجل، لأنه بمجرد وقوع الحادث دعا الملك محمد السادس السلطات إلى اعتماد ثلاثة أشياء أساسية وهي الشفافية وإخبار الرأي العام واحترام القانون، أتفهم ألا يسمح وزير الداخلية للصحافيين بطرح أسئلة لأنه لا تتوفر لديه معطيات. ولا بد من الإشارة إلى أنه في إطار الشفافية سمح المغرب بمشاركة فرق للتحقيق من هولنداوإسبانياوفرنسا. وينبغي أن يسجل للمغرب أنه لحد الآن لم يعتقل أي شخص لأن مبرر الاعتقال غير موجود، ولأن الاعتقال ينبغي أن يتأسس على أدلة ولا توجد لا أدلة ولا قرينة باستثناء ترجيح كفة القاعدة وهذا الترجيح لا يمكن أن يؤدي إلى اعتقال الناس أو توقيفهم.