أفضت أبحاث قادها المجلس الأخلاقي للقيم المنقولة إلى تغريم شركة الوساطة «أوروبورس»، وإحالة خمسة ملفات على وكيل الملك، وهو ما اعتبر في نظر المراقبين سابقة في تاريخ عمل دركي البورصة في المغرب. فقد قرر دركي البورصة توجيه تحذير و تطبيق عقوبة مالية ب200 ألف درهم، على شركة الوساطة «أوروبورس» بسبب ما وصفه، بلاغ للمجلس، بممارسات مخالفة للقواعد الأخلاقية التي تحكم تدبير الأوراق المالية لمصلحة الغير. عقوبة ترد الشركة، حسب الأخبار التي رشحت أول أمس الاثنين، مبرراتها إلى تدبير ثلاثة حسابات تعود إلى 2007، حيث أشارت الشركة إلى أنها سوت هاته الوضعية، قبل أن يصدر في حقها المجلس الأخلاقي للقيم المنقولة العقوبة الأخيرة. غير أن تلك العقوبة ليست الوحيدة التي قررها المجلس، فقد اتخذ قرارات كان لها أول أمس الاثنين وقع الزلزال في السوق المالي، حيث ارتأى إحالة ثلاثة ملفات على وكيل الملك المخول، إثر ملاحظته وقائع يمكن تكييفها على أنها معاملات بناء على معلومات متميزة Delis d'initiés، في نفس الوقت الذي قرر إحالة ملفين على وكيل الملك يهمان وقائع يمكن تكييفها على أنها تلاعب بأسعار الأوراق المالية Manipulation des cours. وفي جميع هاته الملفات ينتصب المجلس الأخلاقي مطالبا بالحق المدني. وتشير ردود الأفعال التي أثارتها قرارات المجلس الأخلاقي للقيم المنقولة، إلى عدم قدرة المراقبين على تحديد الأشخاص الذاتية أو المؤسسات المعنوية التي أتت تلك الأفعال التي استحقت إحالة ملفاتها على وكيل الملك، غير أن الأصداء التي خلفتها تلك القرارات تشير إلى أن الأمر قد يتعلق بشركات كبيرة استفادت من موقعها في التعاملات في بورصة الدارالبيضاء، و يعتبر البعض أنه بما أن الملفات أحيلت على القضاء، فلا يمكن الإفصاح عن هوية الشركات أو الأشخاص المتورطين، و إن كانت الأنباء التي تداولت في الوسط المالي بالعاصمة الاقتصادية، تشير إلى أسماء شركات كبيرة، حيث توفر المجلس الأخلاقي للقيم المنقولة بخصوصها، حسب ما رشح، على أدلة دامغة لتورطها في الأفعال المنسوبة إليها. و أشارت بعض المصادر إلى أن أسماء الشركات التي أحيلت ملفاتها إلى وكيل الملك، لا يمكن معرفتها إلا بعد إصدار قرار من قبل الوكيل بالمتابعة، فالوكيل يمكنه أن يحيل مباشرة الملف على قاضي التحقيق إذا ما تبين له أن جميع العناصر المتضمنة فيه تبرر الإحالة أو يمكنه أن يطلب من الشرطة القضائية أو الشرطة الجنائية تعميق البحث في الموضوع. بل إن قاضي التحقيق نفسه يمكنه أن يحيل ملفا ما على الشرطة القضائية أو الشرطة الجنائية من أجل تعميق البحث بعد أن يكون قد تلقاه من وكيل الملك المختص. وتعتبر هاته المرة الأولى التي يتدخل فيها المجلس الأخلاقي للقيم المنقولة بقوة من أجل فضح الاختلالات التي تعرفها التعاملات في البورصة، ففي تقاريره السنوية كان يشير إلى بعض حالات التلاعب بأسعار الأوراق المالية أو الشكايات التي يتلقاها من زبناء، و في بعض الحالات كان يكتفي بإصدار عقوبة مالية في حق بعض الشركات المدرجة في بورصة الدارالبيضاء أو بعض شركات البورصة، غير أن القرارات الأخيرة تؤشر على أنه لأول مرة يحيل ملفات شركات على القضاء. وبمجرد إحالة الملفات على القضاء، طفت تساؤلات في أوساط المراقبين في المغرب، حول الأشخاص الذين سيطالهم التحقيق في هاته السابقة، فالبعض تساءل حول ما إذا كان التحقيق وما سيليه سيقف عند بعض المنفذين في تلك الشركات أم سيطال قمة الهرم فيها، حيث سيكون مسار التحقيق و نتائجه، مؤشرا على مدى استقلالية القضاء في المغرب، خاصة أن هاته الملفات أثيرت في سياق يتسم بارتفاع منسوب الأصوات الداعية إلى إصلاح القضاء. يشار إلى أن أرباح الشركات المدرجة في بورصة الدارالبيضاء، بلغت في السنة الفارطة 30.2 مليار درهم، بزيادة بنسبة 8.6 في المائة مقارنة مع السنة التي قبلها، و تجلى أن البنك المغربي للتجارة الخارجية وشركة «سامير» ومجموعة «الضحى» ساهمت بقسط وافر في تلك النتيجة، حيث تمكن أداء تلك الشركات من تعويض الخسائر التي تكبدتها شركات مثل لوسيور ولا فارج وسوناسيد.