لم يشأ عدد رواد «ليالي مازاغان» أن يُفيوا من الحلم واختار بعضهم التوجه إلى المرقص الليلي «السنكتياري» لقضاء ما تبقى من الليل، خاصة أن أبوابه تُفتح من الحادية ونصف ليل ا إلى غاية السادسة صباحا. «Sanctuary» أو المعبد المقدّس، باللغة العربية، يقدمه المسؤولين عن المنتجع في موقعهم الإلكتروني على أنه مرقص استثنائي، يتجاوز جميع الأفكار المسبقة عن الملاهي الليلية في المغرب. فالمعبد المقدس يقدم تجربة لم يسبق لها مثيل على الإطلاق وأنشطة لا تنسى. العلبة الليلية مقسمة إلى قاعة رئيسية للرقص، تحفّها موائد ال«VIP»، لكن القاعة الأكثر شعبية هي غرفة الحرير (Silk Room)، وهو فضاء يمكن الزبناء من ارتشاف كوكتيلات في جو حميمي ودافئ، تضفي عليه أحدث المعدات السمعية البصرية نوعا من الإبهار. يستقطب المرقص الليلي «السنكتياري» الشباب المغاربة من الجنسين، ممن لا علاقة لهم بشباب حركة 20 فبراير، الذين يرفعون شعارات التغيير، فهؤلاء يرفعون الأنخاب من المشروبات الروحية في صحة بعضهم البعض ويتركون أجساهم تتمايل مع قوة الموسيقى التي يديرها ال«DJ» أوليفر شاين. «إنهم يصرفون بجنون كبير، يقول مصدر مطلع، مراهقون وشباب يلبسون آخر ما جادت به ساحة الموضة العالمية وآخر ابتكارات التكنولوجيا في عالم الاتصال. يفِدون، بشكل أسبوعي، على المنتجع في “شلة” يمضون وقتهم بين الطاولة التي تكون محجوزة أو يجلسون أمام «البار» مباشرة وبين باحة الرقص. في نهاية «السهرة»، يقدمون بطاقات الائتمان لدفع الحساب.. إنهم «أولاد الفشوش»، الذين ولدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهبى». أما غرفة الحرير أو (Silk Room) في المرقص فيفضلها من تجاوزوا سن الشباب والصبا، يكون الواحد منهم محاطا بجميلة ويفضل أن يكون بعيدا عن المؤثرات البصرية. “هؤلاء يفضلون «خدمة» خاصة، في جو حميمي، بعيدا عن جنون المراهقين، ولا تهمّهم الفاتورة بقدر ما يطلبون عناية خاصة جدا”، يؤكد مصدر مطلع. تفيد مصادر مطّلعة أن استهلاك قنينة «شمبانيا» من فئة 10 لترات على سبيل المثال تبلغ 80 ألف درهم، ويعد استهلاكها داخل الملهى الليلي علامة مميزة تبرز الحظوة والوجاهة والمكانة الاجتماعية الراقية للزبون داخل عالم يؤمن فقط بسلطة المال، وأن حصة الأسد ضمن قائمة الأسماء التي فتحت القنينة كانت لمغاربة. يوم الخميس من كل أسبوع هو يوم «استثنائي» في المرقص الليلي، فالموعد مع سهرة «ليديز نايت»، حيث يتم تقديم سهرة نسائية مائة في المائة. بفضل «توافد المرفّحين» على المنتجع وإنفاقهم بدون حساب، أصبح المنتجع الوجهة المفضلة لبائعات الهوى، اللواتي يتحدرن من جميع أنحاء المملكة. وفي تحقيق سابق لمجلة «puce»، فإنه من السهل على أي زبون أن يميزهن، يكفي أن تلامس إحداهن كتفك لكي تُعْلمك بأنها «رهن الإشارة».. ويبقى للزبون كامل الحرية في قبول أو رفض «العرض». وإذا كان الزبون «راضيا»، تقوم «الآنسة» باستدراجه إلى زاوية المشروبات، حيث يصرف بعضا من أمواله، قبل المرور إلى المرحلة الموالية. وإذا اتفق الطرفان، يتم حجز طاولة في الملهى الليلي «السنكتياري»، كل هذا، بالطبع، بهدف دفع الزبون إلى صرف أكبر قدْر من المال. أما الزبناء الذين يحجزون غرفا في المنتجع، فتسهر الإدارة المسيرة على ألا تتم مطالبتهم بعقد الزواج، في حال اصطحابهم إحدى «الحوريات»، وهذا “امتياز” يحظى به فقط رواد الكازينو. يقول أحد الزبائن الدائمين إن أميرا سعوديا يرتاد الكازينو باستمرار، وهذا يغري الكثير من الفتيات الحالمات بالذهاب إلى دول الخليج. وتضيف نفس المجلة أن بائعات الهوى يجنين حوالي 3000 درهم في الليلة الواحدة. كازينو «مازاغان» رغم وجود تنبيه على الموقع الإلكتروني الخاص بالمنتجع بضرورة الحضور ببذلة رسمية، فإنه في الغالب لا يتم احترام هذا التنبيه من قبل الزبائن، فبعضهم يختارون الدخول إلى الكازينو بلباس تقليدي أو عصري عادي أو حتى بسروال جينز وحذاء رياضي، فإدارة المحطة السياحية تعي جيدا أن الزبائن المغاربة والعرب لا يعيرون بالغ الاهتمام لمظهرهم الخارجي. يؤكد المسؤولون أن الإدلاء ببطاقة الهوية عند بوابة الكازينو الخارجية ضروري، فهذا الفضاء، الذي يمتد على مساحة 3000 متر مربع، ممنوع على أقل من 18 سنة، إلا أن بعض الصحف تؤكد أن الكازينو يمتنع عن اتخاذ أي إجراءات في الدخول من أجل منع القاصرين من ولوج قاعات القمار، إضافة إلى أنه يوفر حافلات خاصة بأسعار مغرية ل«الإيقاع» بأكبر عدد من الزبائن، خصوصاً في المدن المجاورة، كالدار البيضاء. يجد الزبون على يساره، عند مدخل قاعة الكازينو، شبابيك أوتوماتيكية رهن إشارة الراغبين في سيولة مالية كبيرة، وهي تعمل تحت إدارة المحطة السياحية. يوفر الكازينو حوالي 410 ماكينات حظ و60 طاولة قمار، ويشكل المغاربة الأغلبية العظمى في لائحة زبنائه، بالإضافة إلى أثرياء عرب وسياح أجانب، من أوربا وأمريكا. تحرص إدارة الكازينو على توزع المشروبات الغازية وسندويتشات خفيفة بالمجان، احتفاء من الكازينو برواده، أما المشروبات الروحية فكل منها بثمنه، حسب النوعية والجودة. يختلط داخل الكازينو صوت كرة «الروليت» وماكنية الحظ ونواقيس طاولات القمار مع نغمات الموسيقى الإيقاعية. وتتنوع نسبة الرهان داخل الكازينو، حسب مكانة الزبون وقدرته المادية. الورقة النقدية من فئة 20 درهما خاصة لماكينة الحظ، 100 درهم لطاولات القمار و1000 درهم للعبة «البوكر» كحدود دنيا، وتقدر الإيرادات اليومية للكازينو بملايين الدراهم. هناك «ناد خاص» للقمار، وهو عبارة عن قاعة مخصصة للزبائن «الكبار»، ويمكن للمرء أن يخمّن مدى حجم الخسارة التي يمكن أن تلحق بالزبائن المدمنين على القمار داخل الكازينو وكذا العواقب الخطيرة المترتبة عنها. تؤكد مصادر مطّلعة أنه عند تواجد سياح السعوديةذخلوا في حرب خفية مع رواد الكازينو المغاربة، فهم يتكدسون أمام طاولات «الروليت»، و«يصرفون» بدون حساب... كانت العديد من التحقيقات الصحافية قد أشارت إلى أن الكازينو حوّل بعض الأثرياء إلى مشردين، بعد أن استنزفت طاولات القمار أموالهم وجعلتهم يرهنون ممتلكاتهم، وخاصة منهم فلاحي المنطقة، الذين لم يتمكنوا من مقاومة سحر اللعبة وسحر الفتيات الساهرات على تقديم الخدمات داخل الكازينو. سرعان ما سيطفئ «بريق» هذا العالم في عيني أحد هؤلاء الفلاحين، حين خسر أرضه وممتلكاته، التي تم الحجز عليها، بعد عجزه عن تسوية وضعيته مع البنك، لينتهي به الأمر مجرد «قصة مأساوية» تلوكها الألسن. تفيد مصادر مطّلعة أن أثرياء مغاربة يغامرون ب«ثروة» عند كل نهاية أسبوع على موائد القمار وأن خسارة بعضهم تصل إلى 300 مليون سنتيم في ليلة واحدة ويغادرون الكازينو، دون أدنى شعور بالندم، في سياراتهم الفارهة، من نوع «الجاغوار» أو «البنتلي» وهلمّ ماركات... يغادر رواد «مازاغان»، بعد ليلة صاخبة، لا تنتهي إلا مع الساعات الأولى للصباح، يغادرون «مملكة الأحلام» أو يخلدون إلى النوم في غرف أو «سويتات» أو فيلات سبق حجزها، ليسلموا أنفسهم في اليوم الموالي لحصص التدليك المعروفة باسم «السبّا» (spa). ولمحو آثار الأرق أو الخسارة وقضاء وقت ممتع في أحضان الغولف، ليعودوا أدراجهم إلى منازلهم، استعدادا لبداية أسبوع جديدة، بعيدا عن السوداوية التي يعيش فيها السواد الأعظم من المغاربة من قسوة العيش، فالسواد بالنسبة إلى هؤلاء يقتصر فقط على ثياب يلبسونها، أحذية ينتعلونها أو حقائب يحملونها...