«الملكية ليست للعب»، بهذه العبارة اختار عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، تقديم تصور حزبه للإصلاحات الدستورية خلال ندوة صحافية عقدها صباح أمس الخميس بمقر الحزب بالرباط. غير أن ذلك لم يمنع الحزب الإسلامي من إدخال تعديلات وصفها بنكيران ب«الجوهرية» وتمس أساسا جعل الملك ممثلا أسمى للدولة بدل الأمة، والاتجاه نحو تدقيق صفته الدينية، طارحا، للخروج من الجدل المثار حول قداسة الملك، أن يتمتع هذا الأخير بحصانة كاملة في ممارسة مهامه. ويعتبر حزب العدالة والتنمية، في تصوره للنظام السياسي الدستوري المنتظر، أن تحقيق التطلع الديمقراطي اليوم، والذي يجمع بين المؤسسة الملكية والقوى الحية للمجتمع، يتطلب إعادة توزيع ديمقراطي للصلاحيات يحقق العدل ويحفظ مقومات السيادة للدولة بربطها بالمؤسسة الملكية، ويضمن حكامة جيدة للشأن العام بجعل الحكومة مسؤولة كلية عليه، مشيرا إلى أن إمارة المؤمنين صفة للملك لاضطلاعه بمسؤولية حماية الدين، وهو ما يقتضي دسترة المؤسسات، التي يشرف عليها بصفته أميرا للمؤمنين، كالمجلس العلمي الأعلى، مع التنصيص الدستوري على استقلالية العلماء. ويقترح الحزب، فيما يخص الفصل الخاص بالملكية (الفصل 19 ) أن يتم التنصيص على مقتضيات من قبيل أن الملك هو رئيس الدولة وممثلها الأسمى ورمز وحدتها، والضامن عبر تحكيمه للسير العادي للمؤسسات وللخيار الديمقراطي، وهو أمير المؤمنين بصفته حامي حمى الدين. كما يرى الحزب، في إطار ما أسماها «ملكية ديمقراطية قائمة على إمارة المؤمنين»، أن يرأس الملك المجلس الأعلى للدولة، الذي يضم في عضويته رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي البرلمان ورئيس السلطة القضائية ورئيس المجلس الدستوري، ويمارس عبره اختصاصات، من بينها طلب الثقة من مجلس النواب قصد مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، وحل البرلمان وإعفاء الحكومة وتعيين الولاة والعمال والمدير العام للأمن الوطني ومدير الدراسات والمستندات، ومدير مراقبة التراب الوطني باقتراح من مجلس الحكومة. إلى ذلك، طالب الحزب في المذكرة، التي رفعها إلى عبد اللطيف المنوني، رئيس اللجنة المكلفة بالمراجعة الدستورية، أن تكون هذه المراجعة مدخلا لتحقيق ديمقراطية قائمة على فصل السلط وضمان التوازن، بينها برلمان ذو مصداقية بصلاحيات واسعة وحكومة منتخبة ومسؤولة، معتبرا أن استعادة مصداقية البرلمان تتطلب توسيع الاختصاصات الرقابية والتشريعية ورفع فعالياته، بالتنصيص الدستوري على إعادة النظر في نظام المجلسين، وتقوية سلطات مجلس النواب في مجال التشريع لتشمل الموافقة على التقطيع الانتخابي وإحداث المؤسسات الوطنية وقوانين تنظيم ومراقبة المؤسسات الأمنية ورجال السلطة، فضلا عن تمكين ثلث أعضاء مجلس المستشارين من حق المبادرة لتشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق. وكان لافتا، في هذا السياق، أن يلجأ إخوان بنكيران إلى استيراد التجربة الكويتية فيما يخص إقرار حق الاستجواب من قبل مجلس النواب للوزراء بطلب من عشر الأعضاء، على الأقل، على أساس إمكانية أن يتلوه ملتمس يروم إعفاء الوزير المعني. وفيما أكد بنكيران على أن إسلامية الدولة مضمونة وأن لا أحد ينازع فيها، دعا إلى ضرورة توفر الإرادة السياسية لإنجاح الإصلاحات، مشيرا إلى أنه بانتهاء عمل اللجنة، سننتقل من دولة يحكم فيها المواطنون إلى دولة يعتبر فيها المواطنون شركاء في الحكم.