في أول مبادرة من نوعها، منذ الإعلان رسميا عن العمل بنظام الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في سنة 2003، «نزل» قضاة المجلس الأعلى للحسابات في حوالي 5 أكاديميات و»فتشوا» في ملفات تدبير شؤونها الإدارية والمالية والبشرية للفترة ما بين 2003 و2009، فيما يُرتقَب أن يشمل عمل هؤلاء القضاة ما تبقى من الأكاديميات، التي توجد في الجهات ال16 للمملكة، قبل أن يعكفوا على إعداد تقارير ستتضمن ملاحظاتهم المتعلقة بطرق تدبير الإمكانيات المالية الكبيرة التي تصرفها هذه المؤسسات، كل سنة، وبما يرتبط بها من صفقات البناء والتشييد والإصلاح الخاصة بالحجرات الدراسية والمؤسسات التعليمية، إلى جانب تدبير شؤون موظفيها، والتي تخص التوظيفات والإلحاقات والإعفاءات وغيرها من الملفات التي تدفع النقابات عادة إلى الاحتجاج. وقبل أن يحطوا الرحال بأكاديمية جهة فاس بولمان، يوم الثلاثاء الماضي، زار هؤلاء القضاة كلا من أكاديمية جهة الرباط وبعدها أكاديمية القنيطرة، ثم أكاديمية طنجة تطوان وأكاديمية الشاوية ورديغة. وينتظر أن تستأنف هذه «الرحلة» الأولى من نوعها طريقها في اتجاه ما تبقى من الأكاديميات، عبر المرور بأكاديمية جهة مكناس تافيلالت، التي سبق لها أن عاشت على إيقاع تسريبات امتحانات البكالوريا و«تنقيلات» و»إعفاءات» لعدد من المسؤولين، آخرها إعفاء مسؤول في النيابة، على خلفية تسمم جماعي في داخلية وسط العاصمة الإسماعيلية، في الآونة الأخيرة. وتحظى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بالاستقلالية المالية والإدارية. ومنذ إحداثها سنة 2003، لم يتم تدقيق حساباتها من قِبَل المؤسسات المعنية بالمراقبة. وتثير زيارات قضاة المجلس الأعلى للحسابات الكثير من «الفزع» في أوساط مسؤولي المؤسسات المعنية بهذه الزيارة، لكن محمد ولد داده، مدير أكاديمية جهة فاس بولمان، قال، في تصريحات ل«المساء»، إن مثل هذه الزيارات عادية، مضيفا أن هؤلاء القضاة لا يأتون ك»دركيين» وإنما ليروا كيف تسير الأمور في هذه المؤسسات ويدلون بملاحظاتهم حول مدى مطابقة التسيير والتدبير للقانون. وعادة ما تتضمن تقارير المجلس الأعلى للحسابات «ملاحظات» حول طرق صرف المال العام وإبرام الصفقات وتدبير شؤون الموظفين، وتضم، إلى جانب هذه الملاحظات، ردودا لمسؤولي المؤسسات المعنية بالتقارير. وقد خلَّف التقرير الذي أصدره المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2008 الكثير من الجدل، بسبب عدم تفعيل مبدأ المحاسبة، عن طريق إحالة الملفات على وزارة العدل، في ما يتعلق بالمسؤولين الذين «تورطوا»، حسب هذه التقارير، في سوء تدبير المال العام. أما التقرير الخاص بسنة 2009 فلم يصدر بعد، رغم أنه كان من المقرر أن يصدر في نهاية شهر شتنبر الماضي.