تستأنف يوم غد الاثنين، ولمدة يومين، بمالطا جولة جديدة من المفاوضات غير الرسمية حول الصحراء المغربية بحضور ممثلين عن المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو، وبناء على اتفاق تم خلال الجولة الأخيرة من المحادثات التي جرت شهر يناير الماضي بمنهاست ضواحي نيويوركالأمريكية، وسط توقعات بأن تنعكس الأحداث التي تعيشها المنطقتان العربية والمغاربية إيجابا على تسوية ملف الصحراء. وحسب عبد المجيد بلغزال، عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، فإن الجولة السادسة من المفاوضات غير الرسمية «لن تأتي بأي جديد أو تحقق أي اختراق في جدار نزاع الصحراء»، معتبرا في اتصال مع «المساء» أن الجولة الجديدة تأتي في سياق محاولات كرستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، التمهيد للدخول في مناقشة النقط الجوهرية لمقترح الحكم الذاتي من خلال التركيز على بعض النقاشات الموضوعاتية. ووفق عضو المجلس الملكي للشؤون الصحراوية، المعروف اختصارا ب»الكوركاس»، فإن الأممالمتحدة تحاول من خلال الأوراق التي يقدمها خبراؤها، إقناع الأطراف بالقيمة التي يشكلها الحكم الذاتي كنظام للحكم، مشيرا، من جهة أخرى، إلى أن ما تعيشه المنطقة المغاربية، على وجه الخصوص، والعربية عموما من تطورات، من شأنه أن يشكل مؤشرا ضاغطا على المغرب والجزائر من أجل التعجيل بحل ملف الصحراء الذي عمر طويلا وانعكس سلبا على البلدين على مستوى مؤشرات النمو. عضو «الكوركاس» لم يستبعد أن تنعكس أجواء التفاؤل التي تخيم حاليا على علاقات الرباطوالجزائر على جولة المفاوضات غير الرسمية بمالطا، خاصة في ظل إعلان مراد مدلسي، وزير الخارجية الجزائري عن وجود مبادرة سياسية بين الجزائر والمغرب تهدف إلى تنشيط العلاقات ستتولد عنها خطوة إيجابية في المستقبل القريب. وكان مدلسي قد كشف في تصريحات صحافية، مؤخرا، عن قيام ثلاثة وزراء بزيارة البلدين خلال شهر مارس المقبل لمناقشة الطرق الكفيلة بإعطاء دينامية جديدة للتعاون الثنائي في مجالات حساسة منها، على وجه الخصوص، الطاقة والزراعة، معتبرا أن الجهود التي تبذل حاليا من قبل الجزائر والمغرب تهدف إلى خلق جو ايجابي جديد يساهم في تفعيل وتنشيط علاقات التعاون الاقتصادي والاجتماعي بين البلدين . من جهته، اعتبر مصطفى ناعيمي، عضو «الكوركاس»، والباحث المتخصص في الشؤون الصحراوية، أن المتغيرات الواقعة على الساحة العربية تجعل طرفي النزاع مطالبين الآن بمرونة أكثر، وإن كانت جبهة البوليساريو لم يصدر عنها، منذ جولة المفاوضات غير الرسمية المنعقدة يناير الماضي، ما يدل على خطتها الجديدة. وتوقع ناعيمي في حديثه إلى الجريدة التوصل إلى حل وصفه بأنه «توفيقي نسبي وغير نهائي» يمكن من الدخول في مرحلة انتقالية وبصورة تدريجية، مشيرا إلى أن طرفي النزاع يسعيان حاليا لانتزاع المزيد من المكتسبات قبل التوصل إلى هذا الحل «التوفيقي». إلى ذلك، قال الحسن بوقنطار، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن الجولة الجديدة من المفاوضات غير المباشرة، تأتي في وقت لم تحقق فيه الجولة الخامسة المنعقدة بضواحي نيويورك أية نتائج حاسمة في ما يخص الحل النهائي لملف الصحراء المغربية أو العودة إلى المفاوضات المباشرة، لافتا إلى أن المقاربة الجديدة التي ينهجها روس، من خلال السعي إلى مناقشة قضايا محددة (الحكامة، الثروات، حقوق الإنسان...) لاكتشاف موقف طرفي النزاع منها، لم تفلح في التوصل إلى اتفاق بخصوص التسوية النهائية. وبرأي أستاذ العلاقات الدولية، فإن الزيارة الأخيرة لمساعد وزيرة الخارجية الأمريكية وليام بيرنز إلى المغرب أظهرت أن هناك اقتناعا لدى الإدارة الأمريكية بأنه لا مناص من إيجاد تسوية لملف الصحراء ترتكز على المقترح المغربي مع إدخال بعض التعديلات عليه، وكذا العمل على خلق دينامية جديدة في المنطقة المغاربية، من خلال إذابة الجليد في العلاقات المغربية الجزائرية، مشيرا في تصريحات ل«المساء» إلى أن التطور الذي كشفت عنه زيارة بيرنز هو في صالح المغرب. ووفق بوقنطار، فإن الأحداث التي تعيشها المنطقة والتحديات التي تطرحها توفر مناخا جديدا للخروج من الركود الذي تعيشه المنطقة، لكن دون تسجيل تغيير جوهري بخصوص أطروحة الجزائر. جدير ذكره أن المفاوضات غير الرسمية، التي انطلقت في غشت 2009 بالنمسا، ترمي إلى الإعداد للجولة الخامسة من المفاوضات الرسمية، الهادفة إلى إيجاد حل سياسي ونهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.