يبدو أن احتجاجات ليبيا الدامية قد تأخذ منحى جنائيا دوليا، فقد قال لويس مورينو أوكامبو، كبير المدعين في المحكمة الجنائية الدولية، يوم الاثنين الماضي، أن الهجمات العسكرية ضد مدنيين في ليبيا قد تمثل جريمة ضد الإنسانية وتستدعي بدء تحقيق شامل خلال أيام. وفرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم السبت الماضي عقوبات على الزعيم الليبي معمر القذافي وأسرته، وأحال قضية قمع السلطات الليبية لاحتجاجات مناهضة للحكومة على المحكمة الجنائية الدولية. وقال مورينو أوكامبو للصحفيين في مكتبه في لاهاي: «علينا أن نقرر ما إذا كنا سنفتح تحقيقا ... وآمل أن نتمكن من التحرك بسرعة كبيرة في غضون بضعة أيام».وأضاف أن أي شخص هاجم مدنيين سيتم التحقيق معه ومحاكمته، وأن القادة العسكريين قد يتحملون المسؤولية عن الأعمال التي قامت بها قواتهم. وقال مورينو أوكامبو: «إذا كان الناس في منطقة وتعرضوا للهجوم من جنود ودبابات أو طائرات بطريقة منهجية واسعة النطاق فإنها تكون جريمة ضد الإنسانية».وأضاف أنه تم تشكيل فريق تحقيق في لاهاي لجمع معلومات، وأن مكتبه على اتصال بمسؤولين ليبيين وعاملين بالجيش لتفهم هيكل القيادة وكيف يعمل النظام العسكري الليبي. وقال مورينو أوكامبو إن مكتب الادعاء يتصل أيضا بفريق تحقيق من الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية بهدف التحرك بأسرع ما يمكن. والمحكمة الجنائية الدولية التي تم تشكيلها في عام 1998 هي أول محكمة دائمة لجرائم الحرب ولديها تفويض بالتحقيق في الاعتداءات التي ترتكبها دول والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. وعندما يتسلم مكتب كبير ممثلي الادعاء قرار الإحالة من مجلس الأمن يلزم القانون المدعين بإجراء تحقيق أولي لتحديد ما إذا كان هناك أساس مقبول للمضي في إجراء تحقيق شامل. وفي حالة بدء التحقيق الموسع يكون بمقدور ممثلي الادعاء أن يطلبوا من هيئة المحكمة إصدار أوامر ضبط أو استدعاء بحق المسؤولين عن الجرائم المزعومة.غير إن إليزابيث إيفنسون من منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش) قالت إن الصعوبة تكمن في تنفيذ أي مذكرة اعتقال.وأضافت أن «التعاون في اعتقال (المطلوبين) هو نقطة الضعف الكبرى للمحكمة الجنائية الدولية. إنه من أصعب التحديات لأن المحكمة ليست لديها قوة الشرطة الخاصة بها». وينظر إلى القرار الذي صدر بالإجماع من مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا بإحالة ليبيا على المحكمة الجنائية الدولية بأنه خطوة إيجابية للمحكمة. وترفض الصين وروسيا والولايات المتحدة، وهي من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ولاية المحكمة، لكنها وافقت على إحالة ليبيا عليها يوم السبت الماضي.وهذا ثاني تحقيق تجريه المحكمة بناء على إحالة من مجلس الأمن.وكان مجلس الأمن قد أحال أزمة دارفور في السودان على المحكمة الجنائية الدولية يوم 31 مارس 2005 . وإذا أطيح بالقذافي وجاءت حكومة جديدة متعاونة مع المحكمة الجنائية الدولية فإن التحقيق مع مطلوبين واحتمال محاكمتهم سيكون أيسر.