لم يكن المدخول اليومي للطاكسي الصغير الذي يشتغل عليه مصطفى يكفيه لسد متطلباته اليومية. إذ رغم أنه اعتاد على العمل الليلي الذي تكون فيه التسعيرة مرتفعة مقارنة بالنهار، كان يرى أن نصيبه من المدخول اليومي هزيل جدا، ففكر في استغلال الطاكسي في ترويج المخدرات وسط زبوناته ممن ينقلهن ليلا إلى الملاهي الليلية . طموح كبير ومدخول بسيط على غرار العديد من الشباب، مر مصطفى بتجربة البطالة مباشرة بعد مغادرته مقاعد المدرسة. كانت التجربة شاقة بالنسبة لشاب طموح، ورغم ذلك لم ييأس، إذ لم يكن يمر يوم دون أن يودع طلب العمل في إدارة أو شركة، وكانت أمنيته أن يجد عملا يمكنه من تحقيق حلمه بالزواج وبناء أسرة مثل جميع الشباب في مثل سنه. لم تطل تجربة البطالة بالنسبة إلى مصطفى بعد أن تمكن من الحصول على رخصة الثقة لقيادة سيارة الأجرة الصغيرة من ولاية أكادير. ورغم أن صاحب سيارة الأجرة فرض عليه العمل ليلا لأن لديه سائقا يتولى العمل نهارا فقد قبل مصطفى العرض، لكن طموح مصطفى كان أكبر بكثير من مدخول بسيط قد لايتجاوز في جل الأحيان 150 درهما. أحس مصطفى كأنه ما يزال عاطلا مادام هذا المدخول لايكفيه حتى لسد حاجياته اليومية. مرت شهور وشهور وبدا السائق الجديد يكتسب تجربة بعد أخرى في مهنته الجديدة . زبونات من نوع خاص في خضم البحث عن تطوير مداخيله اليومية سيكتشف مصطفى أن العمل مع نوع خاص من الزبناء أو بالأحرى الزبونات أفضل له بكثير من العمل مع المواطنين العاديين. الأمر يتعلق بمرتادات العلب والنوادي الليلية أو بنات الليل، اللواتي عادة ما يصطدن خليجيا يطلبن منه أن يؤدي بسخاء لصاحب سيارة الأجرة. لم يتردد مصطفى في وضع رقم هاتفه النقال رهن إشارة كل بنات الليل اللواتي يطلبنه، حتى أن هاتفه لايكاد يهدأ من الرنين منذ الساعة الثامنة مساء، حيث يتصلن به لنقلهن إلى الفنادق أو النوادي الليلية. وحتى يكسب مصطفى أكثر يضع سيارته رهن إشارة زبوناته ليحفظن فيها بعضا من متاعهن مثل الألبسة أو غيرها. كما يمكن لهن أن يستبدلن ملابسهن ويتزين بها. وإذا كانت بنات الليل يحتجن إلى مصطفى لنقلهن إلى النوادي بدءا من الساعة الثامنة، فهن يحتجنه أيضا لينقلهن رفقة زبناء يصطدنهم بهذه النوادي إلى الإقامات المفروشة بدءا من الساعة الثانية عشرة ليلا لقضاء ماتبقى من الليل في ممارسة الجنس وتناول الخمور. حشيش في الطاكسي بعد أن لاحظ مصطفى أن جل زبوناته يستهلكن مخدر الشيرا، حيث عادة ما يطلبن منه التوقف دقائق ببعض الأماكن في الأحياء الشعبية لاقتناء المخدرات، فكر في أن يتولى بنفسه بيع هذه المخدرات، فاتصل برشيد أحد مروجي المخدرات بالحي المحمدي وطلب منه أن يزوده باستمرار بكمية من المخدرات. وفعلا كان رشيد دائما في الموعد حيث كان يوصل البضاعة إلى مصطفى «مول الطاكسي» مقابل 200 درهم كل ليلة، وأحيانا ينقل مصطفى صديقه رشيد على متن الطاكسي ليوزع المخدرات على مختلف زبنائه الشباب بمختلف الأحياء الشعبية التي ينتشر بها مستهلكو هذا النوع من المخدرات. مول الطاكسي في قبضة الشرطة توصلت الشرطة القضائية بأكادير إلى أن سائق طاكسي يساهم في ترويج المخدرات وسط بنات الليل، وأحيانا يساهم في نقل أشخاص يقومون بترويجها على الشباب في مختلف الأحياء الشعبية، فتحركت دوريات الشرطة مستعينة بالعديد من المخبرين لتعقب حركات الطاكسي المذكور. وفعلا تمكنت الشرطة من ضبط مصطفى ورشيد في حي جيت سكن يروجان المخدرات. وبعد تفتيش مصطفى عثرت بجيبه على مبلغ 1200 درهم.كما عثرت بسيارة الأجرة على صندلات نسائية مختلفة وسراويل نسائية مختلفة وملابس داخلية للنساء وأدوات التزيين. وعند استفساره عن المبلغ اعترف أن سائحا سعوديا هو من منحه إياه مقابل جلب كمية من مخدر الشيرا. وبخصوص الملابس النسائية، اعترف مصطفى أنها تعود لزبوناته من بنات الليل. أما رشيد فقد عثرت الشرطة بحوزته على عشرين قطعة من مخدر الشيرا. وقد اعترف الاثنان بالمنسوب إليهما جملة وتفصيلا. وقبل إحالتهما على وكيل الملك، وضعت الشرطة السيارة والمخدرات رهن إشارة إدارة الجمارك. كما وضعت رخصة سياقة سيارة الأجرة (رخصة الثقة) رهن إشارة القسم الاقتصادي بولاية أكادير، وبقيت المحجوزات لدى مصلحة كتابة الضبط لدى ابتدائية أكادير، وتمت إدانة الاثنين بسنة ونصف حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 5000 درهم لحيازتهما المخدرات والاتجار فيها.