تشهد علاقة الممثلين ونجوم التلفزيون بالقضايا الشبابية (السياسية والاجتماعية) حالة تشبه القطيعة، بالنظر إلى العديد من المعطيات المتعلقة بالشبكة البرامجية واختيارات الأعمال المقدمة على قنواتنا الوطنية وفلسفة تعاطي المنشآت السمعية -البصرية مع التنشئة والتأطير السياسيين. اعتبر مصدر مطلع أن مناقشة حضور الشأن الشبابي وقضاياه وتأطيره مرتبطة بسياسة التلفزيون المغربي، وهذا ما يتضح في الشبكة البرامجية وفي نسبة حضور الشباب في هذه البرامج، وقال: «بإطلالة سريعة على شبكة القناتين، الأولى والثانية، سنجد أكثر من ثلاثة أصناف من البرامج التي يطلق عليها «برامج شبابية»، أولها البرامجية الترفيهية، ومن بينها برنامج «أستوديو دوزيم»، الذي «يُخرّج» شبابا له توجهات واختيارات بعيدة كل البعد عن ملامسة القضايا الشبابية، في الوقت الذي تعتمد القناة الأولى على برنامجي «كوميديا» و«كوميديا شو»، اللذين يعرف الجميع ما يُقدَّم في مثل هذه البرامج من سطحية، إضافة إلى أن تشكيلة لجنة التحكيم، التي يُفترَض فيها التأطير، الذي يمتزج فيها المعطى الفني والمعطى المجتمعي الشبابي، إما أنها تضم أسماء لا تنتمي إلى الأجيال الشبابية (أمينة رشيد، زيزي...) وإما تعترف بعدم فهمها لما يحدث حولها من أحداث، كما يصدق على حالة الممثل محمد الخياري، الذي عبّر في جريدة وطنية عن عدم فهمه في السياسية.. وثاني البرامج هي تلك التي يمكن أن تدرج ضمن ما يصطلح عليه «برامج التأطير السياسي» وتسقط على برنامج «شباب في الواجهة»، الذي تعده وتقدمه فاطمة البارودي، وما يعاب على البرنامج هو «نخبويتها»، التي ترتبط بالشبيبة الحزبية وممثلي الجمعيات، وكونها لا تتناغم مع هواجس الشباب، كما أن البرنامج المذكور، مثلا، يشكل إعادة إنتاج برنامج «حوار» على القناة الأولى، من خلال التصور والديكور.. وثالث البرامج «الشبابية» هي التي ترتبط بالأنشطة الرياضية التي تدخل فيها القنوات العربية على خط المنافسة، مع التأكيد على عدم قدرة الرياضة على التأطير السياسي والمجتمعي»... وأضاف المصدر قائلا إن «هذه المعطيات تبرز من خلال الحيز الزمني المخصص للشباب، إذ «تهيمن» المسلسلات المكسيكية والتركية، وهي في الغالب موجَّهة لرباب البيوت، وما يزكي ذلك أن أغلب المواد الإشهارية هي مواد للمنزل وتربية الأطفال، وللتدليل على ذلك، نوعية إلى هوية الإعلانات التي يقدمها نجوم التلفزيون، والتي تتراوح بين إشهارات الملاءات، كما يفعل الخياري، مع الإشارة إلى أن الأخير لا يتورع عن انتقاد السياسيين (البصري، احجيرة..) بشكل ساخر، إلا أنه سرعان من نفى عن نفسه صفة ممارسة السياسة في حوار لجريدة وطنية، ما يعني ممارسته «نفاقا فنيا» وتلفزيونيا صرفا، في لحظة الحقيقة»... وتنحصر أغلب الإشهارات في إعلانات حفاظات الأطفال، التي يقدم بعضَها صامد غيلان، معد ومقدم برنامجي «أجيال» و«سولو النجوم»، فضلا على حالة سامية أقريو، خير، التي قدمت وصلات عن العلك ومواد التصبين... «هذا الواقع المقلق يجعل الشباب يبحثون عن «بدائل» لإسماع صوتهم ويبحثون عن نجوم ومشاهير في «فايسبوك» و«تويتر»، أمام صمت النجوم المغاربة واختياراتهم الخاصة في التعامل مع الفئة الشابة وهواجسها، فضلا على استمرار الاطمئنان و«الوفاء» لبرامج القنوات الفرنسية، التي تضع الفئة الشابة في صلب المعادلة التلفزيونية، من خلال البرامج والتقارير والنشرات الإخبارية، وهنا لا بد من التذكير بأن أغلب مقدمي النشرات الإخبارية والبرامج تجاوزوا الأربعين سنة، مما يجعلهم على مسافة كبيرة من الناشئة الشبابية المغربية». وبلغة ساخرة، يتابع المصدر: «رغم كل ذلك، يجب أن نربط واقع التلفزيون ونجومه بمعطيين أساسيين هما حقيقة وجود تنشئة مجتمعية تسمح بأن تتمظهر القضايا الاجتماعية والسياسية في التلفزيون المغربي، وثاني المعطيات، وهو الأهم، يتجلى في حقيقة وجود «ضمانات» للنجوم والصحافيين في الحديث عن مختلف القضايا بكل حرية، دون تحفظ أو تخوف»...