واصلت 100 طبيبة من تخصصات مختلفة، من بين 320 متخرجة في فوج 2007، رفضهن الالتحاق بأماكن عملهن في مدن بعيدة عن الرباط والدار البيضاء منذ متم شهر يوليوز المنصرم. وترفض الطبيبات المتخصصات الالتحاق بأماكن العمل البعيدة عن أسرهن وأطفالهن، بسبب ما يكلفه الأمر من أعباء معنوية ومادية قد تعادل أحيانا نصف الأجر الوسطي الذي يتقاضاه طبيب متخصص. وقالت الدكتورة حسناء عزمي، الاختصاصية في أمراض المفاصل وعضوة اللجنة الوطنية للطبيبات المتخصصات المتزوجات، في اتصال هاتفي لها مع جريدة «المساء»، إن القرار الوزاري جاء «مفاجئا» للعديد من الطبيبات المتخصصات اللواتي تلقين قرارات بتعيينهن في مدن تبعد عن مقرات سكن أسرهن بمسافات تتعدى 800 كيلومتر، وقد تبلغ الألف كيلومتر أحيانا، ليتم بذلك خرق العرف الذي دأبت وزارات الصحة السابقة على تطبيقه والقاضي بألا تتجاوز مدن تعيين الطبيبات المتخصصات المتزوجات مدى 100 كيلومتر. وأضافت عزمي أن قرارات التعيين جاءت خدمة «لمصالح حزبية» في الوزارة و«تهييئا للانتخابات الجماعية المقبلة»، وأن المشكل المطروح لا يقتصر على عامل بُعد الطبيبات المتزوجات عن أسرهن، بل يكمن أيضا في كون هذه المدن لا تتوفر على التجهيزات الضرورية لممارسة اختصاصاتهن. وتساءلت الطبيبة عن سبب عدم تعيين هؤلاء الأطباء المتخصصين في مناطق قريبة تعاني خصاصا أو حتى غيابا كليا لبعض التخصصات، وقالت: «في سيدي البرنوصي بالدار البيضاء مثلا، يقطن ما يزيد عن 500 ألف نسمة ولا يوجد ولو طبيب اختصاصي واحد في أمراض المفاصل، لماذا لا تفكر الوزارة مثلا في تعييننا في مثل هذه الأماكن وتختار مدنا أخرى بها عدد أقل من السكان». وتتحدث الطبيبات المتضررات عن كون قرارات التعيين تفتقر إلى الشفافية والمصداقية، حيث تم تسجيل 13 حالة على الأقل تم تعيينها بطرق غير شفافة، منهم طبيبة تم تعيينها في إدارة الدرك، لتستفيد من أجرتين وتعويض عن السكن، وأخريات سيبقين في مستشفى ابن سيناء، فيما أطباء آخرون تم تعيينهم في أماكن عمل زوجاتهم. وردا على هذا الموقف، أكد ناصر رحال المكاوي، الكاتب العام لدى وزارة الصحة، في تصريح لجريدة «المساء»، أن تعيين الطبيبات المتزوجات داخل نطاق 100 كيلومتر «ليس عرفا»، وإنما طبق مرة واحدة بالنسبة إلى فوج 2006. وأضاف أنه «لا يمكن الأخذ بهذا الحل حاليا لأن نسبة الطبيبات المتخصصات المتخرجات في الفوج الحالي تعادل 70 في المائة». وأوضح المكاوي أن توزيع التعيينات يطبق وفق مجموعة من المعايير، حيث يتم تعيين الأطباء المتخصصين بالدرجة الأولى في المستشفيات الجديدة وفي أماكن زملائهم الذين يتوفرون على مذكرات انتقال مع مراعاة عامل الأقدمية. وأشار إلى أنه تم منح مجموعة من التسهيلات والامتيازات لهؤلاء الطبيبات المتزوجات، من قبيل منحهن سنتين إضافيتين من الأقدمية، لافتا انتباههن إلى مراعاة حق جميع المواطنين في الحصول على العلاج. وقال المكاوي إنه لن يتم قبول اقتراحات هؤلاء الطبيبات كما هي، داعيا إياهن إلى «عقلنة» الحجج التي استندن إليها. ورفض الكاتب العام بوزارة الصحة الإدلاء بأية معلومات حول الإجراءات التي ستتخذها الوزارة في حق هؤلاء الطبيبات إن لم يتم التوصل إلى اتفاق معهن. وفي إطار حوارها مع وزارة الصحة، طرحت اللجنة الوطنية للطبيبات المتخصصات المتزوجات مجموعة من الحلول منها ما يمكن تطبيقه على المدى المتوسط، ويتعلق الأمر بما اصطلحت علية اللجنة ب»التعيين قبل التكوين» الذي يقضي بأن يعرف الطبيب عند اختياره شعبة تخصصه المدينة التي سيتم تعيينه بها، فلا يترك بذلك مجال «للمفاجآت». أما الحلول بعيدة المدى، فحصرتها اللجنة في أن يتم تعيين خريجي كل من كليات الطب الأربع بالمملكة (واثنين في طور الإنجاز بوجدة وأكادير) بالمدن المجاورة لها، وبذلك لا يبتعد الطبيب كثيرا عن منطقته.