سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كداي: التحسيس أهم وسيلة للحد من جرائم الأجانب تجاه الأطفال والنساء قال إن تساهل السلطات مع الأجانب بدافع تشجيع السياحة هو الذي يشجعهم على ارتكاب المخالفات
دعا الدكتور عبد اللطيف كداي، أخصائي في علم اجتماع الجنوح والجريمة بكلية علوم التربية بالرباط، إلى ضرورة تحسيس جمعيات المجتمع المدني بخطورة الجرائم المرتكبة من لدن الأجانب، خاصة في حق الأطفال والنساء. واعتبر كداي أن السياحة ومناخ الحريات بالمغرب والتسامح لدى السلطات إزاء بعض مخالفات الأجانب يساهم في اتساع الجرائم المرتكبة من لدن الأجانب. ما هي الأسباب برأيكم التي تجعل المغرب في بعض الأحيان فضاء مفتوحا لبعض الجرائم التي يرتكبها الأجانب؟ - يجب أولا أن نفهم طبيعة الموقع الجغرافي المتميز للمغرب، الذي يجعله من بين البلدان التي تعرف نشاطا سياحيا طيلة السنة، ومن الطبيعي أن يكون هناك توافد دائم لهؤلاء السياح الأجانب، وإذا أضفنا إلى ذلك مناخ الحريات الذي يتميز به المغرب في السنوات الأخيرة، ونوعا من التسامح الذي نجده لدى السلطات إزاء بعض المخالفات المرتكبة من لدن السياح تشجيعا منهم للسياحة، فإننا قد نفهم إلى أي مدى اتسعت معه جرائم الأجانب في المغرب، خاصة فيما يتعارض مع القيم الحضارية والثقافية لمجتمعنا.
هل تساهم الصورة النمطية لدى المجتمع المغربي، بكون الأجنبي خاصة الأوروبي يتصف بالصدق، في وقوع بعض المواطنين ضحايا للأجانب؟ - أعتقد جازما أن منظومة القيم اليوم هي التي في المحك، كيف ننظر كمغاربة للآخر «الغربي»؟ هل هناك توافق اجتماعي على اعتبار الأجنبي صادقا في مقابل المواطن المغربي الذي قد يكون مخادعا منافقا؟ ما هي الصورة التي نحملها نحن عن بعضنا أولا؟ وأعتقد أن هنا يكمن الإشكال، بما أن هناك حاجة دائما إلى الآخر مادام هذا الآخر الذي يكون منا من مجتمعنا «غير صالح» في نظرنا، فأكيد أننا سنلجأ لهذا الآخر، ليكون محل ثقتنا وكلما كان أجنبيا كان أفضل، لكن في كل الأحوال قد لا يكون كذلك، وهنا قد تقع المأساة، فنفقد الثقة حتى في أنفسنا.
يلاحظ أن الجرائم التي يتورط فيها عادة الأجانب بالمغرب تتعلق سواء بشبكات الدعارة أو اغتصاب الأطفال أو تهريب المخدرات، إلى ماذا يعزى هذا النوع من الجرائم؟ - طبعا هذا النوع من الجرائم شائع جدا في كل المجتمعات، ولا يمكن أن نجزم أنها ترتبط بمجتمع دون الآخر مع بعض التفاوتات طبعا، لكن الملاحظ بالنسبة إلى مجتمعنا، أنه قد يكون هناك بعض التساهل مع الأجانب، كما أسلفت، للاعتبارات المعروفة، خاصة في قضايا يعاني منها المجتمع المغربي كثيرا، ربما قد يكون هناك أيضا تساهل من قبل المجتمع، يكفي في إطار المقارنة أننا قد لا نجد هذه الجرائم في المجتمعات العربية في الخليج مثلا بنفس الحدة الموجودة في المغرب، لأن بالمغرب هناك تفتح، وكذلك قرب جغرافي، إضافة إلى مجال أكبر للحريات، وهناك أيضا مجتمع متسامح نسبيا إزاء بعض هذه الجرائم... بالرغم من أنه برزت إلى الوجود في السنوات الأخيرة أنشطة مكثفة لجمعيات المجتمع المدني في إطار محاربة استغلال الأطفال والنساء، وبالرغم من مجهودات الدولة أيضا في محاربة آفة المخدرات... عادة ما يرحل الأجانب الذين يلقى عليهم القبض في قضايا الدعارة. ما هي الآثار التي يخلفها هذا الترحيل خاصة في صفوف الضحايا؟ - من المفترض أن يحاكم الأجنبي الذي يرتكب جريمة في المغرب كباقي المواطنين المغاربة، قد يتم ترحيله من سجن مغربي إلى سجن آخر في بلده إذا كانت هناك اتفاقيات في هذا الشأن، لكن في كل الأحول يجب أن يحاكم على جرم ارتكبه في بلدنا، كما يحاكم جميع المغاربة عندما يرتكبون نفس الأفعال في بلدان أخرى. طبعا عندما يكون الفعل المرتكب يخص الدعارة، وما دام هذا الفعل يجرمه القانون المغربي كيفما كانت جنسية مرتكبه ما دام قد وقع على التراب المغرب...، أما عند ترحيل الشخص المرتكب للفعل الجرمي إلى بلده دون محاكمة فهذا يعني أحد أمرين إما أن الفعل لا يستوجب أي عقاب أو أننا نتساهل مع مرتكبه إذا كان أجنبيا مراعاة لقوانين بلده أو تقاليد مجتمعه. ما هي الحلول التي ترونها مناسبة لمواجهة مثل هذا النوع من الجرائم؟ - الحلول قد أوجدها المشرع لتفادي وقوع هذه الجرائم، يبقى فقط الحرص على تطبيقها بالصرامة المطلوبة، لتحقيق مبدأي الردع العام والخاص، كما يجب أيضا أن يلعب المجتمع المدني دوره لاسيما فيما يتعلق باستغلال الأطفال والنساء، يجب أن يكون هناك عمل دؤوب للتبليغ عن كل هذه الجرائم في الوقت المناسب. في الحقيقة من الصعب أن يكون المجتمع المدني على علم بوقوع الجريمة في حينها، لكن العمل التحسيسي ضروري لإشراك المجتمع برمته في التصدي للظاهرة.