أصدر رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق دومينيك دوفيلبان، باسم حركته السياسية «جمهورية متضامنة»، بيانا عبر فيه عن قلقه إزاء الأحداث الدامية التي تعيشها تونس باعتبار أن الصداقة القديمة التي تجمع بين الشعبين الفرنسي والتونسي تحتم عليه التدخل في محاولة لإيقاف أعمال العنف ومحاربة التطرف وتهدئة هذا الجو المشحون الذي يزعزع ليس فقط استقرار تونس بل استقرار المغرب العربي بأكمله ومنطقة البحر الأبيض المتوسط. وأضاف: «لا يجب أن نغالط أنفسنا بشأن فهم طبيعة المطالب التي ينادي بها التونسيون، فهذه الاحتجاجات تترجم بشكل واضح يأس الشعب التونسي أمام واقع سياسي واجتماعي راكد، لم يترك لهم من خيار سوى التضحية بأرواحهم لتغييره». وقال إن ما حققته تونس في العقود الأخيرة، من انفتاح في المجتمع واقتصاد حديث وتعليم يسمح بتكوين أطر تونسية كفأة، يجب أن يخول لها اليوم فتح حوار ديمقراطي حقيقي بين كل أطراف المجتمع. وشدد البيان على أن الحل الأمثل يبقى هو إحداث تغيير جذري للواقع السياسي والاجتماعي في البلاد. وقال البيان إن فرنسا لا يمكنها أن تبقى بعيدة عما يجري باعتبارها الشريك الاقتصادي والسياسي الأول لتونس، ويتعين عليها أن تدافع عن هذا المشروع الهام الذي يخدم مصلحة ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وذلك بمعية جهود كل من تونس وجميع بلدان المغرب العربي لكي يتم إنعاش الديناميكية الجهوية المعطلة حاليا. رغم إعلان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، يوم الخميس، عدم ترشحه في الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2014، خرج آلاف التونسيين يطالبون برحيله خلال تظاهرة أقاموها أمام وزارة الداخلية. ويبدو أن خطاب بن علي -الذي حاول من خلاله مجددا تهدئة الوضع وإنهاء الاضطرابات الاجتماعية التي تواصلت لمدة شهر على خلفية المشكلات الاقتصادية ومحدودية الحريات المدنية- لن يعيد الأمور إلى نصابها. وأكد بن علي أنه «لا رئاسة مدى الحياة»، مشددا على «عدم المساس بشرط السن للترشح لرئاسة الجمهورية» المحدد، وفق الدستور، في 75 عاما، إذ إن عمره سيكون 77 عاما في حال الترشح لانتخابات 2014. وأعلن الرئيس التونسي تشكيل «لجنة وطنية تترأسها شخصية وطنية مستقلة لها المصداقية» لدى كل الأطراف السياسيين والاجتماعيين للنظر في مراجعة المجلة الانتخابية ومجلة الصحافة وقانون الجمعيات وغيرها من النصوص المنظمة للحياة السياسية في تونس. كما أكد بن علي أنه قرر إعطاء «الحرية الكاملة للإعلام بكل وسائله والأنترنيت» في تونس، مؤكدا أن «العديد من الأمور لم تسر» كما أرادها، وخصوصا «في مجالي الديمقراطية والإعلام». وأضاف الرئيس التونسي، في كلمته التي جاء قسم منها باللهجة التونسية: «لقد فهمتكم، فهمت الجميع.. العاطل عن العمل والمحتاج والسياسي»، مؤكدا أن «الوضع يفرض تغييرا عميقا وشاملا». وقال أيضا إن عددا من المسؤولين قدموا إليه «حقائق مغلوطة»، وإنهم سيخضعون للمساءلة. كما أفادت الأنباء بأن السلطات التونسية رفعت حظرا كانت تفرضه على عدد من المواقع الإلكترونية، بما فيها مواقع للمعارضة وأخرى للتواصل الاجتماعي، وأطلقت سراح مدونين اثنين، وذلك بعد ساعات على تعهد الرئيس زين العابدين بن علي بوضع حد للرقابة على الأنترنيت. وقال وزير الخارجية التونسي صباح يوم أمس الجمعة إن الرئيس زين العابدين بن علي مستعد لإجراء انتخابات تشريعية قبل الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2014 بحلول نهاية فترته الرئاسية. ويقول المراقبون إن كلمة الرئيس بن علي كانت تصالحية وتعهد فيها بالمزيد من الانفتاح والديمقراطية . وعقب هذا الخطاب، انسحبت قوات الأمن من وسط العاصمة التونسية، وبدأت المدينة تستعيد حركتها المعتادة مع إعادة فتح المتاجر والمقاهي واستئناف حركة سير السيارات. ورحبت المعارضة التونسية بحذر بإعلان بن علي أنه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية أخرى في انتخابات عام ألفين وأربعة عشر. وخرج التونسيون من بيوتهم إلى الشوارع يحتفلون بعد أن شاهدوا رئيسهم على شاشات التلفزيون، أول أمس الخميس، وهو يحدد موعدا لتنحيه عن الرئاسة. ومن جهة أخرى، نفى ناطق باسم الحكومة التونسية نبأ استقالة وزير الخارجية، الذي أورده موقع نُسب إليه. وذكرت بعض التقارير أن موقع وزير الخارجية تمت قرصنته ونشر في صدره بيان الاستقالة المزعوم. وكانت الحكومة قد اتخذت عددا من الإجراءات، من بينها إقالة وزير الداخلية ومستشارين اثنين للرئيس التونسي زين العابدين بن علي هما عبد الوهاب عبد الله وعبد العزيز بن ضياء.