آسفي حالة سياسية وانتخابية وحزبية نادرة جدا في تسيير الشأن العام الوطني،... فعائلة استقلالية واحدة هي التي أصبحت تتحكم، بعد الانتخابات التشريعية والجماعية، في مصير المدينة والإقليم... فمجلس المدينة يسيره عضو الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، وشقيقه يسير المجلس الإقليمي عن حزب الاستقلال دائما، وشقيقتهما تسير بلدية سبت جزولة، وابن عمهم هو رئيس مصلحة المعدات، وشقيق آخر لهم ترأس بلدية سبت جزولة قبل أن «يفوتها» إلى شقيقته، وبين العديد من أعوان السلطة هناك أبناء عمومة وقرابة يكونون على أكمل استعداد، في كل محطة انتخابية، لنصرة الأخ وابن العم. لما كان آل كاريم يسيرون بلدية سبت جزولة القروية، قبل نزوحهم إلى مدينة آسفي، كان رئيس البلدية يوزع عدادات كهربائية بالمجان -على حساب ميزانية الجماعة القروية الأكثر فقرا في الإقليم- على رجال سلطة وعمداء في الأمن ورؤساء مصالح من أجل أن يضيئوا فيلاتهم بآسفي مجانا على حساب فقراء أولاد «السبت». ولما ضبطت المفتشية العامة لوزارة الداخلية هذه الخيوط الكهربائية السرية التي تزود فيلات مسؤولين بآسفي على حساب جماعة جزولة، قرر آل كاريم أن يتوارى رئيس البلدية عن الأنظار و«يفوت» تسيير شؤون الجماعة إلى شقيقته التي يوجد أخ آخر لها هو النائب الأول في مكتب البلدية والمسير الحقيقي للجماعة إلى جانب رئاسته للمجلس الإقليمي. رئيس المجلس الإقليمي، الذي يرفع لواء راية حزب علال الفاسي، له علاقة غريبة بكهرباء الفقراء والمساكين، فبعد الخيوط الكهربائية السرية والمجانية التي كان يوزعها شقيقه على فيلات مسؤولين كبار بآسفي، لم يجد بدا من وصل مقهى فاخر في ملكيته بشارع الحسن الثاني بآسفي بعداد كهربائي في اسم بلدية سبت جزولة. وبعد أن ضبطته مرة أخرى المفتشية العامة لوزارة الداخلية وقطعت تزويد المقهى بكهرباء يسدد مصاريفه فقراء جماعة السبت، لم يجد رئيس المجلس الإقليمي بآسفي وقيادي حزب الاستقلال أي حرج في أن يحفر بئرا بجانب مقهاه وسط منطقة راقية مخصصة للفيلات، فيما السلطات تمنع حفر الآبار على باقي جيران رئيس المجلس الإقليمي ليملؤوا بها مسابحهم. اليوم، يفاجأ الناس في آسفي بأن الشقيق الأكبر لآل كاريم، والذي ليس سوى النائب البرلماني ورئيس مجلس مدينة آسفي، يضيف ما يشاء في جدول أعمال الدورة الاستثنائية للمجلس بدون احترام المساطر القانونية،... لكن الغريب والمذهل في الأمر أن محمد كاريم، رئيس بلدية آسفي، قرر تفويت فيلا جماعية -هي الأكبر مساحة ضمن جميع ممتلكات الجماعة والتي يقطنها الكاتب العام للعمالة- إلى عمالة آسفي بثمن رمزي، في حين أن ثمنها الحقيقي في السوق العقاري يصل إلى مليار سنتيم. الناس بآسفي لم يفهموا بعد كيف أن هيئة منتخبة مثل البلدية أصبحت متخصصة في تفويت الممتلكات، وكيف أن رئيسا للمجلس البلدي يفضل الذهاب إلى إسبانيا للتفرج على «البارصا» فيما بيوت الفقراء تتنفس تحت ماء الفيضانات، وكيف أن بلدية آسفي -التي تحرم حتى الآن صغار الموظفين بها من تعويض عن الأشغال الشاقة لا يتجاوز 400 درهم- تجد هي نفسها الوقت الكافي والأريحية لتفويت أكبر ممتلكاتها العقارية إلى العمالة والخواص وأصحاب «الشكارة»!؟ آسفي اليوم، وبفضل برنامج حزب الاستقلال في تسيير الشأن العام، لم يعد لها مسبح بلدي ولا مخيم بلدي ولا فيلات جماعية ولا حديقة أطفال بلدية ولا شبكة تطهير سائل... الكل جرى تفويته -مع أن الأصح هو بيعه- إلى الشركات بأثمان رمزية، وتم تشييع ميت اسمه المرفق العام، وتم رهن ممتلكات المدينة في أيدي السماسرة وحال الساكنة يقول: «لا ديالي بقا ولا وجهي تنقى».