عين الملك محمد السادس، أول أمس، عبد الحق المريني، المدير السابق للتشريفات الملكية والأوسمة، مؤرخا جديدا للمملكة، خلفا لحسن أوريد، الذي لم يقض في هذه المهمة أكثر من سنة، بعد أن كان قد عُيِّن في هذا المنصب في نونبر 2009، بعد رحيل عبد الوهاب بنمنصور، الذي شغل هذه المهمة لعقود، منذ عام 1957، مع الملك الراحل محمد الخامس، ثم خلال عهد الملك الراحل الحسن الثاني، إلى حين وفاته. وجاء تعيين المريني مؤرخا للمملكة خلفا لحسن أوريد، الذي شغل في وقت سابق منصب أول ناطق رسمي باسم القصر الملكي. كما سبق لأوريد أن عمل مستشارا سياسيا في السفارة المغربية في واشنطن ما بين 1992 و1995، في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، ما مكّنه من الاقتراب من دوائر السياسة الأمريكية ومن الاطلاع على طريقة عمل «اللوبيات» السياسية فيها. كما أن ثقافته الغربية وتمكُّنَه من اللغة الإنجليزية جعلاه أكثر قربا من الحساسية الثقافية الأمريكية، وهو ما وفر له دراية بالمجتمع الأمريكي، تجلّت في كتابه الأخير «مرآة الغرب المنكسرة»، الذي كال فيه النقد اللاذع للثقافة الغربية، من خلال النموذج الأمريكي. ويشكل تعيين المريني نوعا من «التكريم» للمدير السابق للتشريفات والأوسمة، الذي تربى في وسط عائلي سلاوي خدم المخزن طيلة قرون، وعايش كلا من الملك محمد الخامس والملك الحسن الثاني وخبِر الطقوس المخزنية العريقة، التي تعد جزءا من الثقافة السلطانية في المغرب وجزءا من مهام مؤرخ المملكة، فالرجل، بخلاف أوريد ذي الثقافة العصرية، متمكن من التراث المغربي وألّف العديد من الكتب في هذا المجال، ما يجعله أقدرَ على التعاطي مع الوثيقة والمخطوط في الخزانة الملكية، وواعيا بالحدود الفاصلة بين السياسة والتاريخ في تعامله مع هذه الوثائق، ليعرف الخطوط الحمراء، خاصة أن مهمة مؤرخ المملكة تختلف عن مهمة المؤرخ، بشكل عام. ومعروف أن المغرب هو الدولة الوحيدة التي تتوفر على منصب المؤرخ الرسمي للدولة، الذي شغله في السابق مؤرخون كبار، أمثال محمد أكنسوس، صاحب «الجيش العرمرم الخماسي في دولة أولاد مولانا علي السجلماسي» وأبي العباس أحمد بن خالد الناصري، صاحب «الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى» وعبد الرحمان بن زيدان، صاحب «إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس». وقد ولد المريني في الرباط عام 1934، وتلقى تعليمه الثانوي في مدرسة «مولاي يوسف» وحصل على دبلوم معهد الدراسات العليا المغربية سنة 1960، ثم على الإجازة في الآداب من كلية الآداب في الرباط سنة 1962، وعلى دبلوم الدراسات العليا من معهد الدراسات العربية والإسلامية العليا، التابع لجامعة ستراسبورغ الفرنسية سنة 1966، وعلى الدكتوراه من نفس الجامعة عام 1973. وفي عام 1972، عُيِّن مكلَّفا بمهمة في وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة إلى عام 1998، حيث عُيِّن مديرا للتشريفات والأوسمة. وللمريني عدة مؤلفات، من بينها «الجيش المغربي عبر التاريخ»، الذي حصل به على جائزة المغرب عام 1968، و»شعر الجهاد في الأدب المغربي»، الذي حصل به على جائزة عبد الله كنون عام 1997.