أدى صراع مفتوح بين «الحرس القديم» و«الحرس الجديد» في وكالة النقل الحضري بفاس إلى تبادل الاتهامات في تدبير ملفات لها علاقة بممتلكات هذه الوكالة. إذ وصل ملف تجزئة أحدثت لفائدة مستخدميها، يوم أول أمس الثلاثاء، إلى القضاء. وتم الحجز على حسابها البنكي في انتظار البت في ملف هذه التجزئة، التي تقول بعض المحاضر الداخلية إن بعض أعضاء وداديتها «ظهرت عليهم علامات الثراء الفاحش بعد حصولهم على عضوية هذه الودادية». ويرتقب أن تكشف التحقيقات في ملف هذه التجزئة عن تطورات مثيرة في تدبير عقود من وكالة النقل الحضري بالمدينة. وعاشت نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، النقابة الوحيدة التي تهيمن على القطاع النقابي بالعاصمة العلمية، في الآونة الأخيرة، على إيقاع «تغييرات» أدت إلى إزاحة نقابيين «عمروا» في قيادتها بوكالة النقل الحضري لأكثر من 20 سنة، وعوضوا ب«جيل جديد» من النقابيين. وتزامنت هذه «التغييرات» مع خلافات انتخابية لبعض رموز «الحرس القديم» مع العمدة شباط. وقرر عدد من رموز النقابة الالتحاق بحزب الأصالة والمعاصرة. وبدأ «الجناحان» النقابيان يستلان كل الأسلحة لتشويه صورة الطرف الآخر، واتهامه بكونه يتحمل المسؤولية في إيصال الوكالة إلى حافة الإفلاس، كما تشير إلى ذلك تقارير إدارة الوكالة. وتتهم لجنة من المستخدمين أطرافا في الودادية التي تشرف على «تجزئة مولاي ادريس» بمنطقة واد فاس بسوء تدبير شؤونها و«التورط» في اختلالات مالية لها علاقة بمداخيل هذه الودادية. وكانت إدارة الأملاك المخزنية قد فوتت هذه القطعة للوكالة الحضرية للنقل، وقررت هذه الأخيرة، لإرضاء نفوذ النقابة، منحها للعمال، مع منحهم صلاحيات التصرف فيها عبر تأسيس ودادية لتجهيزها والإشراف على توزيع قطعها لفائدة المستخدمين. ومن أجل تجهيز هذه القطعة عمد مكتب الودادية إلى التعاقد مع الوكالة الوطنية لمحاربة السكن غير اللائق، من أجل إنجاز أشغال تجهيزها. وتتهم لجنة متابعة هذا الملف رئيس الودادية التي لم يسبق أن جددت مكتبها منذ أن تم تأسيسها في سنة 1998 ب«الانفراد» تدبير شؤونها بعيدا عن «الشفافية». وسبق لهذه اللجنة أن عقدت عدة لقاءات مع رئيس الودادية مطالبة منه مدها بالوثائق اللازمة للتأكد من سلامة جميع العمليات التي تم القيام بها، وطلبت منه تحديد موعد لجمع عام للودادية، إلا أن رئاسة هذه الودادية لم تقم بذلك، ما يعني، بالنسبة لهذه اللجنة، وجود غموض وصفته ب«العميق»، يشوب هذا الملف. وكانت الودادية قد عمدت إلى استخلاص 10 آلاف درهم من المستخدمين الذين باعوا بقعهم الأرضية. ويؤكد رئيس الودادية، في محاضر داخلية، أن تحصيل هذا المبلغ كان «اجتهادا من أعضاء الودادية يهدف إلى تنمية مواردها». وطالبت لجنة المتابعة تحديد السند القانوني لهذا القرار. كما منحت بعض المستخدمين المستفيدين مبلغ 5200 درهم، ولم يستفد آخرون اتهموا أطرافا في مكتب الودادية ب«الإستيلاء» على هذا المبلغ. ورجحت لجنة متابعة ملف هذه التجزئة أن يكون أعضاء نافذون من الودادية قد استفادوا بشكل مجاني من هذه البقع. وطلبت من رئاسة الودادية تمكينها من لائحة المستفيدين. كما طالبت لجنة المتابعة بتمكينها من الإطلاع على لائحة المستفيدين الذين باعوا بقعهم الأرضية. وباعت الودادية مركبا تجاريا في هذه التجزئة بثمن لا يتعدى 300 درهم للمتر المربع. واعتبرت لجنة المتابعة بأن هذه العملية غير قانونية، مضيفة بأن الثمن الذي بيع به هذا المركب ثمن بخس، في حين أن المستفيدين، من البقع أدوا ما بين 900 درهم و1300 درهم للمتر المربع. وتساءلت لجنة المتابعة عن السر الكامن وراء الاحتفاظ بعائدات بيوعات قامت بها الودادية دون إطلاع المعنيين بها إلى حدود اليوم. ورد البشير عبد الإله، بصفته رئيسا للودادية، في كتاب جوابي عن إنذار تلقاه من محامي لجنة متابعة الملف، بأن كل الأعمال والأشغال التي قامت بها هذه الودادية مرت في شفافية ونزاهة. وقال إن جميع المستفيدين كانوا على علم بتفويت البقعة المخصصة للمركب التجاري بثمن قدره 300 درهم. وأكد صحة استفادته رفقة الكاتب العام للودادية من قطعتين أرضيتين، مشيرا إلى أن القرار صودق عليه بالإجماع من قبل جميع أعضاء مكتب الودادية. وتحدث عن أنه سيكشف عن أموال الودادية ومصاريفها ومداخيلها ومنجزاتها أثناء جمع عام كان قد دعا إليه لأكثر من ثلاث مرات، في الآونة الأخيرة، لكنه كان يؤجله في كل مرة إبان اقتراب موعده. وكانت الودادية قد عقدتها جمعها العام التأسيسي الوحيد منذ تأسيسها في 11 مارس 1998 بحضور حوالي 40 مشاركا من أصل ما يقرب من 1200 مستخدم هو مجموع ما تشغله وكالة النقل الحضري بالمدينة، في تلك الفترة، من مستخدمين. وعقد هذا الاجتماع، طبقا لمحضره، في منزل النائب الأول لرئيس الودادية، الذي كان، في الوقت ذاته، مستشارا جماعيا باسم حزب الاستقلال في بلدية فاسالمدينة.