حكم على طالب بكلية الحقوق بسلا الجديدة ابتدائيا بعشر سنوات سجنا نافذا بتهمة إعداد عصابة لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام وإقناع الغير وتحريضه على ارتكاب جريمة إرهابية. وطالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بإعادة التحقيق معه وإنصافه، كما أن أسرته متيقنة من براءته وتدعو إلى إعادة التحقيق وتصحيح الاختلالات. وتعود تفاصيل القضية إلى 23 فبراير الماضي، حوالي السابعة و45 دقيقة صباحا، حينما كان المهدي بوكيو (من مواليد 1991)، الذي كان يتابع دراسته بكلية الحقوق بسلا الجديدة، متوجها نحو محطة الحافلات بوسط العاصمة الرباط حتى يستقل حافلة تقله نحو كلية الحقوق لحضور حصته الدراسية اليومية. كان المهدي آنذاك فارق والدته وشقيقته للتو بعد أن أوصلهما من القنيطرة، حيث تستقر الأسرة. لم تمض على ذلك سوى خمس دقائق حتى فوجئ بأربعة أشخاص، كان يبدو عليهم أنهم عاديون لأنهم كانوا بزي غير رسمي، وتعرف على أحدهم كان يتابع دراسته الجامعية بالكلية نفسها، يطلبون منه مرافقتهم للتداول في حديث مهم، غير أنه أبدى رفضه لذلك وامتنع عن مرافقتهم فأدخلوه إلى السيارة تحت الإكراه. لم يكن المهدي (ذاك الطفل المدلل) يعرف سبب ما حصل له في ذلك اليوم لأنه يدرك، تؤكد والدته، أنه لم يقم بأي فعل يغضب أي أحد منه، لذلك ربما كان مطمئنا إلى حد كبير، رغم أن الأشخاص قاموا بتعصيب عينيه وتكبيل يديه. اختفى المهدي عن عائلته مدة شهر تقريبا، طرقت خلالها الأسرة جميع الأبواب لمعرفة خبر يقين يطفئ تعطشها لمعرفة مصير ابنها المدلل، الذي لم يسبق له أن توارى عن أنظارها كل هذه المدة، بل يستحيل أن يتغيب عنها يوما كاملا دون أن يهاتف والدته ويخبرها بسبب تأخره في العودة إلى المنزل وإمكانية السماح له بذلك أم لا، تقول الأم. تسعة أيام قضاها المهدي في الجحيم، تجرع خلالها مرارة العيش بعيدا عن الأسرة وتحت ظروف معينة، ولأسباب يجهلها، بل حتى يجهل الأشخاص الذين اصطحبوه بذلك الشكل، قبل أن يعرف بالدار البيضاء أنه في ضيافة رجال الأمن.وتعاقبت الأحداث إلى أن وجد المهدي نفسه متهما بالمشاركة في ارتكاب أعمال إرهابية، وهو ما استبعدته أسرة المهدي، التي أكدت أن ابنها شاب متفتح ولا علاقة له بأي أعمال إرهابية. واستغربت لتلك الاتهامات، مؤكدة أن خطأ ما هو من تسبب في إقحام ابنها في هذا الأمر، وأنه إن كان يربط علاقة مع بعض زملائه في الكلية، الذين يمكن أن تكون لهم صلة بهذه المجموعة، فإن هذه العلاقة لا تتعدى كونها علاقة زمالة عادية وفي حدود التحصيل العلمي والمراجعة في ما بينهم. أما عدا ذلك فلا يمكن للابن، تصرح الأم، أن يكون على صلة بأي مجموعة تحركها أغراض إرهابية أو غيرها، نظرا لسلوك ابنها المنضبط حسب بيان لأساتذته، الذين أكدوا أنه طالب مجد. وصرح المهدي، في وثيقة موقعة باسمه، أنه بريء من التهم التي وجهت إليه، واعتبر أن ما اتهم به هو باطل وأن الحكم الذي صدر في حقه بني على اتهام باطل لا أساس له من الصحة، لأن لا علاقة تربطه بهذه الأمور، موضحا أن كل ما يشغل باله لا يتعدى الدراسة وتحقيق آمال أسرته في الحصول على شهادة الإجازة في التخصص الذي اختاره، والذي تمنى من خلاله أن يبلغ المنصب الذي يحبه، والذي تتحمل أسرته عناء كبيرا حتى يحققه في يوم من الايام لا أن يقحم نفسه في أمور لا يرضاها لنفسه ولا لغيره لما يمكن أن تلحقه من أضرار به وبالمحيطين به، مؤكدا أنه لا يمكن أن يكون سببا ومصدرا لمعاناة غيره. بعض أساتذة المهدي أقروا بحسن سلوكه واجتهاده واحترامه الأخلاق العامة، حيث لم يعرف عنه سلوك مخالف للآداب العامة، وأكدوا، في إشهاد لحسن سلوك المهدي بوكيو، تتوفر «المساء» على نسخة منه، أن التحصيل يأتي في مقدمة اهتماماته. وطالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بفتح تحقيق في اعتقال المهدي، الذي صدر، ابتدائيا، في حقه حكم بعشر سنوات سجنا نافذا بتهمة إعداد عصابة لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام وإقناع الغير وتحريضه على ارتكاب جريمة إرهابية. وأضاف بيان الجمعية، الذي توصلت «المساء» بنسخة منه، والذي رفع إلى وزير العدل، أنه أثناء مواجهة المهدي مع باقي أفراد المجموعة المعتقلة على أساس أنهم يشكلون خلية إرهابية، لم يتعرف المهدي على أي واحد منهم، كما لم يتعرفوا هم أيضا عليه، ورغم ذلك وبسبب اختلالات أخرى، أحيل المهدي بسبب التهم الموجهة إليه على محكمة الاستئناف بسلا، التي أدانته يوم 11 نونبر الماضي بعشر سنوات سجنا نافذا. أم المهدي تغمرها الدموع وهي تنقب في حقيبتها عن لعب «بلايستايشن»، التي مازال ابنها مولوعا باللعب بها، بل يجدد طلبه باستقدامها له كلما قامت بزيارته داخل المؤسسة السجنية. اختلطت دموع الأم بحسرتها على ابنها، الذي ليست له أي سوابق في التطرف، بل إن ألبوم صوره وشهادات أصدقائه يؤكدان أنه إنسان منفتح ومسالم، وأن تفكيره بعيد عن الانخراط في هذه الأفعال تحت أي ظرف من الظروف. وطالبت الأسرة بإعادة فتح تحقيق لابنها بسبب ما يمكن أن يترتب عن اعتقاله من سلبيات عليه وعلى أسرته.