«دشن» عماد النتيفي، المنشط التلفزيوني المغربي، انطلاق احتفالات «قافلة التاريخ» التي اعتمدتها «جمعية 1200 سنة على تأسيس فاس» مساء يوم الجمعة، بتقديم وصلات غنائية بساحة بوجلود، حضر جزءا منها سعد الكتاني، رئيس الجمعية ووالي جهة فاس بولمان محمد غرابي ووالي الأمن محمد العروسي والعمدة حميد شباط. وغابت عن انطلاق هذه المحطة «التاريخية» فتيات كن، في مختلف أنشطة هذه الجمعية، يحرصن على «حسن التنظيم» و»جودة الاستقبال» و»التميز في التوجيه والإرشاد». وربط عدد من المتتبعين بين هذا الغياب «المفاجئ» وبين مقالات صحفية تتبعت هذا الموضوع. «قافلة للتاريخ» بدون تاريخ و»قافلة التاريخ» هي عبارة عن خيمة صغيرة مزركشة، سمتها جمعية الكتاني ب»قرية التاريخ»، تتضمن شاشات للتلفاز وبعض الملصقات تتحدث، باقتضاب، عن تاريخ المغرب وخصوصيات الجهة. ويقول بلاغ للجمعية إن هذه القافلة التي تشبه «الفاست فود» التاريخي، تتيح الفرصة للمواطنين، و»خاصة الشباب منهم»، للشعور بأنهم معنيون بتاريخ بلادهم، «كما ستساهم في إضفاء الطابع الإنساني على هذا التاريخ». وفي تعقيبه على هذه النقطة التي جاءت في البلاغ، تساءل أحد المتتبعين باستغراب: «وهل تاريخ المغرب ليس له طابع إنساني لتساهم القافلة في إعطائه هذا الطابع؟». وطبقا للبلاغ، فإن هذه القافلة التي تركز على الوصلات الغنائية والألعاب الرياضية «الخفيفة»، ستحط الرحال في 16 مدينة، تمثل كل منها جهة من جهات المغرب. وستمتد هذه الرحلة، التي انطلقت من فاس، 16 أسبوعا لتنتهي في الرباط، وهي المحطة التي ستشهد حفلا غنائيا كبيرا، طبقا للمصدر ذاته. وإلى جانب الوصلات الغنائية، التي يغلب عليها الطابع الشبابي، فإن قافلة التاريخ، والتي ترمي إلى تعريف الأجيال الشابة بأمجاد المغرب وبطولاته وتعايش مختلف مكوناته، تعتمد في تنشيط برامجها داخل «قريتها» على «الحلايقي»، والذي يفرض عليه أن يتدخل ثلاث إلى أربع مرات في اليوم لحكي حلقة من تاريخ المغرب، مع الإشارة إلى عبور طارق بن زياد إلى جبل طارق ومعركة الملوك الثلاثة وتحرير مدينة العرائش من طرف مولاي إسماعيل والمسيرة الخضراء. وجاء في الملف الصحفي الذي يقدم هذه القافلة أن الجمعية ستعتمد البراح للإعلان عن قدوم القافلة إلى المدن التي ستحط بها. ولإنجاح هذا الإخبار اختارت الجمعية عددا من الممثلين وذكرت أنهم سيجوبون شوارع المدينة ويتوقفون في بعض فضاءاتها لقراءة قصائد زجلية بالدراجة المغربية، تدعو المواطنين إلى زيارة القافلة. وظهر الممثل «الموتشو» في حفل انطلاق القافلة، وظل جالسا على كرسي في زاوية من الخيمة، فيما الوفد يجوب أروقتها. وأضاف المصدر ذاته أن القافلة قد تلجأ إلى استعمال الإبل لتضفي على عملية البراح طابعا استعراضيا احتفاليا «يشكل حدثا في حد ذاته». خيمة فقيرة بالجوار وقبل أن يحل الوفد الذي أعطى انطلاقة هذه القافلة بالخيمة، حل بخيمة أخرى مجاورة بدت أكثر «هزالة» و»فقرا»، ويتعلق الأمر بخيمة احتضنت افتتاح المهرجان الرابع لفن الحلقة. واستمتع هذا الوفد بعروض لرواد الحلقة جاؤوا من مختلف مناطق المغرب ليعرضوا بعضا من ملاحمهم بألبسة ووجوه تظهر كفاحهم من أجل الحياة. ودشن هذا المهرجان الذي نظمته مقاطعة فاسالمدينة بعرض قدمه شاب يقف برجليه الحافيتين على الزجاج ويلتهم قطعا من الحديد، فيما «استمتع» الوفد بآخر يروض الثعابين ويشرب ماء مغلى ويدخل في وجهه خنجرين دون أن يسيل الدم. وظلت الشخصيات التي حضرت الحفل طيلة تقديم هذه العروض تتبادل نظرات القلق، وبدا بعضها خائفا من وقوع حوادث لم تكن في الحسبان، وهي تشاهد هذه العروض الشعبية الخطيرة. وتعرف ساحة بوجلود، تاريخيا، بكونها من قلاع فن الحلقة بالمغرب. ويذهب بعض المتتبعين إلى أنها سبقت ساحة جامع الفنا إلى الوجود، ومع ذلك، فإن رواد فن الحلقة في فاس ظلوا يعيشون المطاردات من قبل رجال الأمن، قبل أن يتم السماح لهم في نهاية التسعينات من القرن الماضي بمزاولة مهنتهم وسط هذه الساحة. وتزامن هذا التساهل مع حديث بعض المتتبعين عن خطر الانقراض الذي ظل يهدد هذا الفن. حكايات رواد الحلقة بفاس يحكي الحلايقي عبد العالي الطير، المزداد سنة 1936 بإقليم الحاجب، أنه بدأ في مزاولة هذه المهنة منذ الستينات من القرن الماضي. وكان هذا المسن، قبل أن يمتهن هذه الحرفة، مقاوما. وتسمح له بطاقة المقاومة بالحصول على تعويض شهري قدره 14 ألف ريال، فيما تمكنه الحلقة من العودة ب600 ريال تقريبا نهاية كل يوم إلى منزله. وبهذه التعويضات يعيل هذا المسن عائلة يقول إنها مكونة من 11 ابنا و3 بنات، رزقهم من زوجتين. ويتذكر عبد العالي أن فن الحلقة بفاس كان أكثر إشعاعا مما هو عليه في مراكش، ويورد سلسلة من الأسماء يعتبرها من رواد الحلقة بفاس من أبرزهم محمد الحياني العور وحربة وماطيش محمد وبادريس وملوك، وأغلب هؤلاء توفوا. ولم يبق الآن في ساحة بوجلود سوى 6 حلايقية، وتؤطر هؤلاء جمعية تدعى جمعية رواد ومنشطي ساحة بوجلود، ويترأسها الحلايقي الحسين المسعودي، وكلهم يشتكون من ضيق ذات اليد، ويشيرون إلى أن المجلس البلدي قدم لهم في سنة 2004 منحة بقيمة 800 درهم شهريا ولمدة ثلاثة أشهر قبل أن يقرر إيقاف هذا الدعم. أما الدورة السابقة للمهرجان، فقد حصلوا فيها على «تعويض» قيمته 200 درهم. وإلى جانب هذا الوضع المادي، فإن الحلايقية يقولون إن النهوض بفنهم في هذه الساحة يستدعي تزويدها بمراحيض عمومية وسقاية لجلب الماء وفضاءات مغطاة، تقيهم برودة الشتاء وحرارة الصيف، لأداء فنهم.