مازال التوتر قائما بمدينة مليلية المحتلة التي تشهد منذ يوم الثلاثاء الماضي اشتباكات عنيفة بين الشرطة ومجموعات من الشباب الغاضبين معظمهم من المسلمين احتجاجا على التهميش والاقصاء من البرامج الاجتماعية ولا سيما تلك المتعلقة بالتشغيل. وقد شهدت المدينةالمحتلة بعد ظهر أمس الخميس يوما آخر من الاحتجاجات مما أدى إلى نشر تعزيزات أمنية كبيرة تم إرسال البعض منها من إسبانيا, وذلك بأحياء كانيادا دي هيدوم ومونتيكريستينا وكابريريثاس التي تم تطويقها بالكامل من طرف قوات الأمن لتجنب وقوع اشتباكات أخرى مثل تلك التي وقعت يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين. وكانت المواجهات بين الشرطة الاسبانية وشبان بمدينة مليلية المحتلة, قد اندلعت يوم الثلاثاء الماضي في بعض أحياء المدينة قبل أن تمتد أول أمس الاربعاء الى مناطق أخرى. وفي محاولة لتطويق هذه المظاهرات واستعادة الهدوء استخدمت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين الذين ردوا بإقامة حواجز وإضرام النار في عجلات وحاويات القمامة بالاضافة إلى إحراق العديد من السيارات. واستمرت أجواء التوتر بعد ظهر أمس الخميس بمليلية المحتلة بعد أن خرج أزيد من مائة من سكان هذه الاحياء الهامشية بالمدينةالمحتلة أغلبهم من الشباب للتظاهر ضد وضعيتهم الاجتماعية والتهميش الذي يعنون منه من قبل الحكومة المحلية. ويتهم المتظاهرون بالخصوص السلطات المحلية بإقصائهم من برنامج التشغيل المحلي الذي وضعته قصد تشغيل أزيد من 1300 شخص اعتبارا من شهر دجنبر المقبل, وذلك بعد إعلان "الحكومة المحلية" عن قائمة المستفيدين من برنامج التوظيف لا يتضمن أي شخص مقيم بالاحياء الموجودة بضواحي المدينة. ويعاني سكان هذه الأحياء "الهامشية" من وضعية اجتماعية خطيرة وخانقة, حيث لا تتوفر أغلبية الاسر على أي مصدر للدخل القار فيما يوجد أغلبية سكانها في وضعية عطالة. وتأسيسا على ذلك كان استبعاد السلطات المحلية لهؤلاء السكان من برنامج لتوظيف أكثر من 1300 شخص القشة التي قصمت ظهر البعير. مليلية المحتلة : مواجهات كانت متوقعة وأكدت شبكة مكافحة الفقر في مليلية استنادا الى أرقام تقرير حول الظروف المعيشية أنجزه المعهد الاسباني للإحصاء (مؤسسة رسمية) سنة 2009 , أن حوالي 37 في المائة من الأسر في مليلية المحتلة تعيش تحت عتبة الفقر, مؤكدا أن الفقر ارتفع بنسبة أكثر من 4 في المائة مقارنة مع سنة 2008. وتوقعت الشبكة أن تشهد هذه الوضعية الاجتماعية المزيد من التدهور بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بإسبانيا. وتجدر الاشارة إلى أن مليلية المحتلة تعيش بفضل المبادلات التجارية بالخصوص مع الناظور, لكن فرص العمل التي لا تقترحها سوى الإدارات المحلية تتطلب مستوى من التعليم والتكوين لا يتوفر عليه هؤلاء الشباب نتيجة فشل النظام التعليمي الذي يهمشهم. ففي حي لا كانيادا دي هيدوم حيث يقطن حوالي 8000 من السكان المسلمين تعاني أغلبية الاسر من البطالة. ونقلت إحدى الصحف المحلية عن أحد السكان القاطنين بهذا الحي أن هؤلاء الشباب لا يتوفرون على مستوى تعليمي أو تكويني بالاضافة إلى كونهم يعانون من البطالة والتهميش, مؤكدا أن الدليل على ذلك كون البرنامج الاجتماعي للتوظيف لم يشمل أحدا منهم. ومن جهته أبرز ساكن آخر بهذه الأحياء الهامشية أن "الحي لا كانيادا مازال يعاني من التهميش", مضيفا أن الاحزاب السياسية تتذكر مثل هذه الاحياء لدى اقتراب موعد الانتخابات لكنها سرعان ما تنساها بمجرد تحقيق أهدافها. وفي هذا الاطار قال أحد المتظاهرين "سئمنا من كل أولئك الذي يستغلون أوضاعنا الاجتماعة لأغراض انتخابية ضيقة", مضيفا أنهم "يستغلون سذاجتنا لكنهم لن يتمكنوا من ذلك بعد الان". يذكر أنه في الوقت الذي تطرقت فيه الصحافة المحلية بمليلية المحتلة لهذه المواجهات فضلت الصحافة الاسبانية تجاهل هذه الاحداث والتقليل من أهميتها.