سهل جدا التهجم على رئيس الوزراء في أنه لم يُقل وزير الخارجية الأسبوع الماضي. صعب جدا ومتعذر في دولة صغيرة التسليم بالظهور الأخير لأفيغدور ليبرمان في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، مع تحديه الصريح من على منصة دولية للحكومة التي هو عضو فيها، مع خطته الهاذية لتبادل السكان في ظل الدعوة إلى التشويه الفظيع لخريطة الدولة، مع وفرة مظاهر العداء التي يخلقها في الخارج كي يخدم احتياجاته السياسية الداخلية. ومع ذلك، من يعتقد أن ما يلزم لإبعاد الوزير الذي كبا عن مراكز المسؤولية الرسمية هو فقط خطوة شجاعة زعامية من جانب بنيامين نتنياهو. نوصي بتذكر سابقتين ذواتي صلة. نتذكرهما، ونتذكر موضوعا آخر بدأ يتدحرج في الساحة العامة بالضبط قبل خمسين سنة. في 22 ديسمبر 1976، نفذ رئيس الوزراء إسحاق رابين «المناورة اللامعة». وزيرا المفدال، إسحاق رفائيل وزبولون هامر، أبعدا عن طاولة الحكومة بعد أن تورطا بخطوة أسهل بكثير من أفعال ليبرمان. فقد امتنعا فقط في التصويت عن حجب الثقة (الذي فشل). الوزير الثالث من حزبهما، يوسف بورغ، سارع إلى الإعلان عن استقالته وسرعان ما اضطر رابين أيضا إلى نشر بيان مشابه. هكذا فقط كان يمكنه إحباط إسقاط الحكومة برئاسته، ولكن ليس »التحول» الشهير وصعود مناحيم بيغن إلى الحكم. في 11 مارس 1990، استخدم رئيس الوزراء إسحاق شامير لأول مرة في تاريخ الدولة صلاحياته في إقالة وزير ونحى القائم بأعماله ووزير المالية شمعون بيريس. مبرر شامير كان معه، فقد عني بيريس في حينه بما أسماه رابين «المناورة النتنة» محاولة فاشلة لإقامة حكومة برئاسته، في ظل شراء فار من كتلة الليكود. بيريس أقيل بالفعل، الوزراء رفاقه في الحزب استقالوا، وفقط بعد ثلاثة أشهر نجح شامير في تشكيل حكومة جديدة، لم تكمل كامل ولايتها. رابين أيضا في 1976 وكذا شامير في 1990 كانا يقفان على رأس كتلتين كبيرتين في الكنيست (49 و38 نائبا على التوالي). وكان لكليهما خصوم ألدّاء داخل هاتين الكتلتين، ولكنهما حظيا بدعم الأغلبية الحاسمة لأعضاء كتلتيهما. ليس هذا ما كان وضع رئيس وزراء أكبر منهما، لم يقل أي وزير بل فقط استقال بنفسه واكتشف في أعقاب تلك الاستقالة أن حزبه يدير له ظهره ويطلب اعتزاله إلى التقاعد. في مثل هذه الأيام، قبل خمسين سنة، بدأت تشتعل «قضية لافون»، «القضية» كما عرفت، التي ملأت جدول الأعمال العام على مدى أشهر عديدة وقصرت جدا أيام حياة الكنيست الرابعة. صحيح أن دافيد بن غوريون خرج من الانتخابات للكنيست الخامسة على رأس كتلة من 42 نائبا، الحلم الرطب لكل زعيم حزب في عصرنا، ولكن تأييدهم له آخذ في الاهتزاز إلى أن دفعوه إلى الاستقالة النهائية من رئاسة حزبه واعتزاله المرير لذاك الحزب. مهما كانت الأسباب، فإن بنيامين نتنياهو لا يمكنه ألا يتذكر ما حصل لرابين وشامير في أعقاب إقالة شركاء ائتلافيين عاقين، ومن الصعب افتراض أنه يمكنه أن يكون متأكدا من عملية موازية لتلك التي لم يتمكن منها بن غوريون في عصر «القضية» بتجنيد الدعم المكثف لكتلة الليكود في الكنيست لتغيير مبادر إليه لتشكيلة الحكومة. لا يمكن أن نعرف بوضوح ما الذي سيحصل في هذه الكتلة إذا ما خرج ليبرمان من الائتلاف بمبادرته هو، ولكن عاصفة شديدة بل ومنفلتة العقال في أعقاب إبعاده تبدو مضمونة. مشكوك فيه أن يقف بعدها نتنياهو في رأس كتلة من 27 نائبا أو في رئاسة الحكومة. بالفعل، سبق لكسينجر أن احتج على أنه ليست لإسرائيل سياسة خارجية بل سياسة داخلية فقط، ولكن ليس غنيا عن البيان أن نذكر أن كل الجلبة الحالية تجري أساسا على خلفية سياسة داخلية أخرى لباراك أوباما. عن «يديعوت»